مجتمع

كيف تحولت البعثات الاستكشافية للقطب الجنوبي إلى حملات تحرش؟

نشر

.

blinx

هناك العديد من أسباب القلق إذا كنت تقطن القارة القطبية الجنوبية، صحيح أن المشاهد هناك ساحرة، لكن هناك مخاوف كثيرة تشغل بال سكان هذه القارة، ومؤخرا بدأت مخاوف أخرى تظهر عند النساء تحديدا.

الميكانيكية الأميركية ليز موناهون، المقيمة في محطة ماكموردو بالقارة القطبية الجنوية، أينما تذهب تحمل مطرقة بين ملابسها لتدافع عن نفسها، إذا تعرض لها أحدهم، بالتحديد صديقها السابق الذي هددها بالاعتداء أكثر من مرة، دون أن تحصل على دعم ملائم من الإدارة لضمان أمنها الشخصي، بل أنها شُجعت على عدم إبلاغ الشرطة عن سلوكه السيء وتهديداته ذات الطابع الجنسي.

إلا أن موناهون ليست وحيدة في معاناتها، إذ يذكر تقرير حديث لوكالة أسوشيتد برس أن العديد من النساء اللاتي يعملن في القارة الباردة المنعزلة في إطار برنامج الولايات المتحدة للقطب الشمالي، التي تُشرف عليه مؤسسة العلوم الوطنية، يعانين من التحرش الجنسي والاعتداءات فيما لا تصغي إدارة مركز أبحاث الولايات المتحدة في القارة القطبية الجنوبية للشكوى على نحو ملائم.

ويستهدف البرنامج بشكل عام تمثيل الولايات المتحدة في قارة أنتاركتيكا، مع دعم الجهود البحثية القائمة في المنطقة وتدعيم التعاون الدولي.

في محطة ماكموردو ٧٠٪ من المقيمين رجال. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

مطاردة

لطالما حلمت موناهون بالعمل في القارة القطبية الجنوبية، وتمكنت بالفعل في الثلاثينيات من العمر من أن تُحيل الحُلم إلى حقيقة، لكن خُطتها للعمل الهادئ في القارة المنعزلة لم تسر كما كانت تأمل، إد تعرفت أثناء رحلتها للعمل على زميل يُدعى زاك باكنغهام، من نيوزيلندا، وجمعتهما علاقة عاطفية سرعان ما انتهت، إلا أن باكنغهام عاد لمراسلة الشابة أثناء وجودهم معا مطالبا إياها بالجنس، الأمر الذي رفضته بدورها، ليعود صديقها السابق ليهددها بالاغتصاب ما إذا لم تُلبي رغباته.

فيما لوحت موناهون، بإمكانية الاتصال بالشرطة، لم يبدو أن الشاب قد اهتم أو تأثر، حيث بات يطاردها عبر سيل من الرسائل ولاحقا تحولت المضايقات التليفونية إلى محاولات إعتداء فعلية، إذ حاول الشاب التعرض لها في إحدى الحانات المحلية القليلة، ما أدى لاستدعاء الشرطة وممثل الموارد البشرية عن شركة المقاولات الفرعية المسؤولة عن الموقع.

وبالرغم من أن الشركة منحت الشابة يوما للراحة وغرفة آمنة كي تبيت فيها ليلتها بعيدا عن أعين زميلها المتربص، إلا أن الشابة زعمت أن الإدارة ذاتها حاولت تثبيط رغبتها في الإبلاغ عن الحادث، بدعوى أنه من الممكن أن يسبب أزمة دولية نظرا لأن المتعدي من جنسية أجنبية، أو خوفا من تأثير القضية على أداء برنامج الولايات المتحدة في القارة القطبية الجنوبية بشكل عام.

يخفف المدراء أحيانا من حدة شكاوى النساء المتعرضة بالاعتداء الجنسي والتحرش. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

عالم الرجال

تعتبر محطة ماكموردو حيث تعرضت موناهون للملاحقة من قبل زميلها، مركز العمليات الأميركية في المنطقة، إلا أن المركز لا يشكل نقطة نشاط استثنائي، ففي فترة الشتاء لا يزيد عدد المقيمين في الموقع عن ٣٠٠ شخص مقابل ألف شخص خلال فصل الصيف، حوالي ٧٠٪ من هؤلاء رجال.

٣٠٪ الباقية من المقيمات، لا يتمتعن بظروف عمل مثالية بحسب تقرير نشرته مؤسسة العلوم الوطنية، وهي الوكالة الفيدرالية التي تشرف على برنامج القطب الجنوبي الأميركي، حيث أشار إلى أن ٥٩٪ من النساء العاملات قلن أنهن تعرضن للتحرش أو الاعتداء أثناء التواجد على الثلج، بينما قالت نسبة ٧٢٪ من النساء أن مثل تلك السلوكيات تشكل لهن مشكلة.

٥٩٪ من النساء العاملات قلن أنهن تعرضن للتحرش أو الاعتداء أثناء التواجد على الثلج. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

لم تتوقف المعاناة لدى تعرض النساء في القارة الجنوبية المتجمدة للتحرش والاعتداء، إنما يعمد المدراء كذلك لمحاولة السيطرة على مزاعم التحرش والاعتداء أو تخفيف حدتها إذ أبلغت أحدى النساء بحسب وكالة أسوشيتد برس أن شكوها تبدلت أو خُفف من حدتها بفعل مديرها ليطلق عليها "تحرش" بعدما كانت قد أبلغت عن "اغتصاب".

ردور أفعال

تقرير مؤسسة العلوم الوطنية أثار حفيظة الكونغرس الأميركي، الذي ما لبث أن فتح تحقيقا في الأزمة، إلا شركة ليدوس وهى المقاول الرئيسي بالموقع زعمت أنها لم تتلق إدعاءات متعلقة بالاعتداء الجنسي في القارة المنعزلة منذ ٥ سنوات، وحتى شهر إبريل من العام الماضي، وقال مسؤولين بالشركة أنهم سوف يضعون بعد الإجراءات الجديدة لحماية النساء في المواقع، كتزويد الفرق الميدانية بهواتف إضافية تعمل عن طريق القمر الصناعي، وكذلك ثقوب في أبواب الغرف الخاصة لتمكن النساء من معرفة هوية من يطرق على أبوابهن، بالإضافة إلى حد إمكانية وصول الأفراد للمفاتيح الرئيسية التي تفتح الأبواب جميعها.

يبلغ عدد نسمات المحطة ألف شخص كحد أقصى. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

وقال المؤسسة الوطنية لوكالة أسوشيتد برس أنها حسنت من إجراءات السلامة في القارة المنعزلة، وباتت تتطلب من شركة المقاولات الإبلاغ الفوري عن الحوادث المتعلقة بالصحة والسلامة ولاسيما الاعتداء الجنسي أو التحرش، كما دشنت مكتبا خاصا للتعامل مع مثل تلك الشكاوى.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة