مجتمع
.
بمجرد فتح تطبيق "عمرة البدل" الإلكتروني، يقابلك رسم بسيط لرجل ملتحي في ثياب الإحرام، يقف أمام الكعبة المُشرفة، ولكن كي تستمر في تلقي خدمات التطبيق عليك الموافقة على بضعة شروط تتناول الهدف من استخدام التطبيق والخدمة المقدمة من خلاله والمقابل المادي عنها.
يتيح تطبيق "عمرة البدل" للأفراد إنابة بعض المقيمين في مدينة مكة المكرمة كي يؤدوا عنهم مناسك العمرة بمقابل مادي، ويُعرّف التطبيق الطرفين بـ"مزودين الخدمة" و"المستخدمين" أو "العملاء".
"عمرة البدل" ظل تطبيق تقليدي للغاية، لا يثير الاهتمام إلى أن نشر أحد مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يدعو من خلاله استخدام التطبيق، معدداً مزاياه في إمكانية آداء العمرة عن المتوفين أو المرضى مقابل ٤ آلاف جنيه مصري فقط (أي حوالي ١٣٠ دولار أميركي).
الأمر أثار جدل كبير في مصر بين مؤيد ومعارض لتطبيق آداء العمرة عن بعد، حيث واجه المؤثر اتهاماته بمحاولة التربح من تقديم خدمة تخص الشعائر الدينية.
تنطلق قائمة شروط وأحكام التطبيق من "الحاجة"، منوهّة بصعوبة السفر إلى مدينة مكة بالنسبة لبعض المسلمين لأداء العمرة، سواء عن أنفسهم أو عن أقاربهم من المرضى أو المتوفين.
ويوفر التطبيق وفقا للقائمة "وسيطاً رقمياً" يسهّل بين ما يصفه بـ"الراغبين في الحصول على العمرة" والمؤهلين شرعياً من طلبة العلم ومن حفظة القرآن، من سكان مكة المكرمة.
ينوّه التطبيق أيضاً أن الموافقة على قائمة شروطه تعتبر "تفويض شرعي وقانوني" يمنح التطبيق صلاحية اختيار الشخص المؤهل لأداء العمرة.
وعلى عكس آداء العمرة لكبار السن من أفراد العائلة على نحو تطوعي، عمرة التطبيق تُطرح وفقا لـ"باقات" مقابل بدل مادي، تبدأ من ٦٧٨ ريال سعودي عن أداء العمرة خلال أغلب أيام العام (أي حوالي ١٨٠ دولار أميركي) أو ٩٥٠ ريال خلال شهر رمضان، أو ١١٥٠ ريال سعودي لما يصفه التطبيق بـ "عمرة مستعجلة".
دعوة المؤثر أمير منير (حُذفت من صفحته الشخصية لاحقا) قُبلت بمزيج من الغضب والتشكك على مواقع التواصل الاجتماعي.
فالبعض أعتبر الخدمة الجديدة تسهم في تجريد العبادات من جوهرها، بينما يرى آخرون أنها محض وسيلة للتربح ولا تحظى بمصداقية كافية.
وقالت إحدى مستخدمات موقع فيسبوك إنها تعتقد أن موضوع العمرة عادة ما يتحول لوسيلة للنصب بصرف النظر عن التطبيق، كما تساءلت عن ضمانة مصداقية التطبيق فضلا عن نية الأشخاص في آداء مناسك العمرة نيابة عن آخرين لا يعلمون عنهم أي شيء.
وتحدث مستخدم آخر عن إمكانية تسبب التطبيق في تحول آداء العمرة لمهنة يحترفها البعض، ويكرسون حياتهم من أجل تحقيق الربح عن طريق آداء العمرة نيابة عن آخرين على مدار ساعات اليوم . وقال :"الموضوع طعمه وحش (سيئ) وبيفتح باب أوحش .. بلاش نجرد العبادات من محتواها".
في المملكة العربية السعودية ذاتها، لا يبدو الموقف الرسمي إيجابيا تجاه "عمرة البدل"، إذ ينظر للممارسة أيضا بعين منتقدة، وفقا لما ورد في تصريحات تلفزيونية لحسين حجازي، عضو لجنة الحج والعمرة بالغرفة التجارية السعودية.
يعتبر المسؤول السعودي أن فكرة التطبيق تتضمن استغلالا للمعتمرين، كما أنها غير مقبولة، ويمكن اعتبارها تجارة بالدين وفقا لما نقلته صحيفة المصري اليوم.
أما في مصر، فيتبنى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بشكل عام موقف إيجابي من آداء مناسك الحج أو العمرة بالإنابة ما إذا كان الراغب أو الراغبة في الحج أو الاعتمار مرضى على نحو مزمن، ومن الصعب أن تتحسن حالتهم الصحية.
يرى مسؤول بالغرفة التجارية السعودية أن الأمر ينطوى على استغلال للمعتمرين. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)
إلا أن بعض الشخصيات الأزهرية تقف موقف معارض لدعوة منير، أو ربما تزيد من قائمة الاتهامات الواردة ضده على مواقع التواصل الاجتماعي، وفق ما صرحه الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر لموقع مصراوي.
ووصف كريمة من يتحدث في الدين على مواقع التواصل الاجتماعي بأنهم "جهلاء وسفهاء" على حد قوله.
حاول المؤثر أمير منير أن يدافع عن موقفه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ونشر بياناً من ٢٠٤٠ كلمة عنوانه: "عن عمرة البدل .. التعليق الأخير".
وخصص منير جزءاً كبيراً منه لمحاولة تعزيز موقفه بآراء فقهية مؤيدة لآداء العمرة بالإنابة ومقابل أجر.
ونفى في بيانه أيضاً، انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين أو أي جماعة سلفية، كما نفى أنه يحصل على أموال مقابل الترويج للتطبيق، مؤكدا أنه شاركه مع متابعيه فقط ليسهل عليهم شيء من "أمور دينهم" على حد وصفه.
وقال منير في بث مباشر على فيسبوك، إن التطبيق سعودي الجنسية في الأساس، ويخضع للجهات الرقابية المحلية.
وعن مسألة تلقيه عوائد مقابل إعلان ترويجي، قال أمير إنه سوف يفترض مع متابعيه أنه أخذ أموال بالفعل، وأضاف :"إيه مشكلتك أن حد متدين يلبس كويس أو ياكل كويس أو يشرب كويس أو يركب حاجة كويسة أو يعلم أولاده تعليم كويس؟".
واستنكر منير كذلك غضب متابعيه أو تشكيكهم في موقفه، قائلا إنه كان يتوقع أن يمنحه المتابعون فرصة للاعتذار في حال أخطأ.
ويحظى أمير منير بما يزيد عن ٨ مليون متابع على موقع فيسبوك، مقابل ما يزيد عن ٢ مليون متابع على انستغرام، حيث يعرف نفسه باللغة الإنكليزية أنه صيدلي ومدرب وبنّاء للعقول وداعية إسلامي.
غير أن وزارة الأوقاف المصرية كانت قد أعلنت في وقت سابق عدم صلتها بأمير منير، وأوضحت أنه غير مصرح له رسمياً بالخطابة، حسب موقع مصراوي.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة