مجتمع

العباءة في فرنسا.. مدرّسون يرفضون التحول إلى "شرطة ملابس"

نشر

.

Bouchra Kachoub

دعت مجموعة من المعلمين والعاملين في ثانوية موريس أوتريلو في ستينز، بمنطقة سين سان دوني إلى إضراب عن العمل بعد قرار وزير التربية والتعليم في 27 أغسطس والذي يقضي بمنع ارتداء العباءة والقمصان الطويلة في المؤسسات التعليمية الفرنسية.

بونوا ديل تورشيو واحد من بين المدرسين في الثانوية الذي عبر لموقع فرانس 3 عن استيائه من "ممثل العلمانية" داخل المؤسسة، والذي أزعج تلميذة بسبب ارتدائها العباءة. يقول تورشيو إن المهم في المدرسة "توفير الظروف الملائمة لاستقبال التلاميذ وليس مراقبة نوع اللباس الذي يرتدونه".

تعليمات مسبقة

التحضير للدخول المدرسي هذا العام كان مختلفا عن السنوات الفائتة، حسب مراقبين، حيث أن المدرسين تلقوا تعليمات خاصة بشأن التلميذات المرتديات للعباءات أو ما شابه ذلك.

تصرح معلمة فرنسية، تفضل عدم ذكر إسمها مخافة طردها من وظيفتها، لبلينكس:"تعرضنا لضغوط منذ بداية العام الدراسي، وأصر المدير أثناء الاجتماع على ضرورة تعقب أي شيء يشبه العباءة عن قرب أو عن بعد، وطلب منا الانتباه لملابس أخرى تشبه العباءة والتي يمكن أن تكون كيمونو طويلة جدًا وما إلى ذلك".

أزمة قطعة قماش

ومن جهة أخرى، أعربت أسماء، مواطنة فرنسية من أصول مغربية، عن صدمتها من قرار وزير التربية الوطنية حظر العباءات بالمدارس، وقالت لموقع بلينكس "إن عددا كبيرا من الإناث يرتدين العباءة ومن المؤسف منع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة بسبب قطعة قماش يرتدينها".

وقالت هيئة التدريس بالثانوية إنهم ليسوا "بالحمقى" حتى يوافقوا على قرار يقيد حرية التلاميذ، معربين عن اعتقادهم أن "سياسة الإسلاموفوبيا التي أطلقتها الحكومة هي غطاء للتستر على المشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم حيث النقص في الموارد البشرية، وازدحام الفصول وغياب في الخدمات الأساسية، مثل التمريض"، بحسب ثناة فرانس ٣.

يرى مدرسون أن منع العباءة يستعمل كغطاء للتستر على المشاكل التي يعاني منها قطاع التعليم (مصدر الصورة: أ.ب)

شرطة الملابس

وفي خضم هذه الأوضاع، دعا تورشيو زملائه في العمل إلى إضراب عن العمل للتنديد بالمذكرة التي تدفع المدرسين إلى "إنشاء شرطة ملابس"، وعوض ذلك "المطالبة بالموارد التربوية والتعليمية". ويأمل تورشيو وزملاؤه في حشد الآباء والطلاب وغيرهم من معلمي المدارس الثانوية في أكاديمية كريتيل من أجل قضيتهم.

ومن جهته، يقول عبد الرحمن، مواطن فرنسي من أصول جزائرية، إن القضايا المتعلقة بالإسلاموفوبيا عادة ما تستخدم لإبعاد المواطنين الفرنسيين عن الواقع الاقتصادي المتردي للبلد الذي يعاني من التضخم وغلاء الأسعار وارتفاع نسب الفقر.

كما يرى عبد الرحمن في تصريحات لبلينكس، أن التركيز الإعلامي على هذه القضية مجرد من أي معنى لأن التلميذات المسلمات اللواتي يرتدين العباءات للمدارس لا يتجاوز عددهن المئات.

في مقابلة مع قناة بي إف إم، أشار وزير التربية الوطنية أنه من بين 298 تلميذة ارتدين العباءة يوم الاثنين ٤ أغسطس "67 لم يوافقن على خلعها وعدنّ إلى منازلهن"، وهي نسبة قليلة لا تتعدى ٠.٥٪، حسب موقع 20 دقيقة الفرنسي.

"العباءة مسيسة"

الاعلامي والمحلل السياسي مصطفى الطوسة يشير إلى "المبالغة الشديدة في قضية العباءة، لأنها تدخل في إطار الصراع السياسي بين مختلف القوى المكونة للمشهد الفرنسي، بين السلطات الحاكمة واليمين المتطرف، سعيا للوصول إلى الحكم".

يضيف الطوسة في تصريحات لبلينكس أن "قضية العباءة كانت ورقة استعملت ضد وزير التعليم الفرنسي السابق، باب ندياي، الذي تعرض سابقا لهجوم عنيف من أحزاب اليمين، واليمين المتشدد لأنه لم يتخذ مواقف حاسمة تجاه هذه الظاهرة".

يرى محللون أن قضية العباءة مسيسة (مصدر الصورة: أ.ب)

منافسة اليمين المتشدد

بمجيء الوزير الجديد، غابريال آتال، كان أول قرار يتخذه هو طي "حقبة باب ندياي" وذلك بمنع العباءة في المؤسسات التعليمية، بحسب الطوسة الذي يضيف "الرسالة التي يريد ماكرون إيصالها للرأي الفرنسي هو أنه قادر أيضا على اتخاذ مواقف حازمة ينافس من خلالها اليمين المتطرف".

ويصف الطوسة قصة العباءة "بمثابة فقاعة إعلامية يراد من خلالها الحديث عن معركة سياسية بين عدة أقطاب بالمجتمع الفرنسي خصوصا وأننا نعيش عشية استحقاقات انتخابية حاسمة"، حيث يرى البعض أن فوز مارين لوبان قد يكون واقعا حتميا.

وخلص الطوسة إلى أن "قضية العباءة مجرد محاولة من ماكرون لبعث رسائل إلى مخزون منافسته الانتخابي بأن الحكومة أيضا قادرة على اتخاد قرارات سيادية وحاسمة لحماية النموذج العلماني الفرنسي".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة