مجتمع

"ثانوية فرنسية" تتحدى قرار العباءة.. لماذا تنتفض "موريس أوتريلو"؟

نشر

.

Mussab Gasmalla

على الرغم من موجة الحر التي تضرب فرنسا هذه الأيام، فإنها لم تمنع العشرات من المدرسين والطلاب وأولياء الأمور من التجمهر أمام ثانوية موريس أوتريلو في ضاحية سين سان دوني، ظهر الأربعاء ٦ سبتمبر، استجابة للإضراب المعلن من قبل المعلمين وبعض الطلاب في المدرسة، وذلك رفضا لقرار الحكومة الفرنسية حظر دخول أي طالبة ترتدى العباءة إلى المدارس والمعاهد الفرنسية.

العباءة تلحق بالحجاب

قررت الحكومة الفرنسية الأسبوع الماضي منع ارتداء العباءة في المدارس، وأرجع وزير التربية الوطنية الفرنسي غابرييل أتال القرار إلى مخالفة العباءة لمبادئ العلمانية في التعليم، لتلحق بالحجاب الذي تم منعه منذ أعوام في هذه المؤسسات.

وفي يوم "الدخول المدرسي" أول أيام العام الدراسي، الاثنين الماضي، أعلن غابريل أتال في تصريحات إعلامية أن نحو 300 فتاة تحدين منع العباءة في المدارس وحضرن صباح الاثنين بهذا اللباس، مضيفا أن معظمهن وافقن على تغييره لكن 67 رفضن وتم إرسالهن إلى منازلهن.

وبدوره، اعتبر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وهو الهيئة الرسمية التي تمثل الإسلام في فرنسا أن الحظر الأخير للعباءة في المدارس الفرنسية بمثابة "قرار تعسفي" ويخلق "مخاطر عالية للتمييز" ضد المسلمين.

ما هي حجة ماكرون؟

دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هذا الإجراء مؤكدا أنه يهدف إلى الدفاع عن العلمانية ومبادئ الجمهورية، كما ذكّر بالهجمات الإرهابية التي شهدتها البلاد وخصوصا مقتل أستاذ التاريخ والجغرافيا صامويل باتي على يد الجهادي الشيشاني عبد الله أنزوروف في 2020.

هذا، وفي مقابلة أجراها معه اليوتيوبر "أوغو ديكريبت" على قناته، قال ماكرون "نحن نعيش أيضا في مجتمعنا مع أقلية، مع أشخاص يأتون لتحدي الجمهورية والعلمانية".

وأضاف الرئيس الفرنسي "في بعض الأحيان حصل الأسوأ. لا يمكننا التصرف كما لو أنه لم يقع هجوم إرهابي ولم يكن هناك صامويل باتي".

"الضواحي" تتصدر بأول رد فعل رسمي

لم يمر سوى يومين على قرار غابرييل أتال بحظر العباءة، حتى تصدرت مدرسة موريس أوتريلو الواقعة في مدينة ستينز بضاحية سين سان دوني الباريسية، ذات الغالبية المسلمة من السكان، واجهة الأحداث، وذلك بتنفيذها إضرابا ضد هذا القرار، وأيضا ضد المعاناة التي تعيشها المدرسة الثانوية.

ماذا حصل في المدرسة؟

شارك في الإضراب عددا من المدرسين والعاملين بالمدرسة، إلى جانب بعض الطلاب الرافضين للقرار، وذلك وسط حضور إعلامي كثيف.

وندد مجموعة المدرسين بالثانوية، كانوا قد وضعوا كمامات طبية على أفواههم، بقرار الحكومة الفرنسية، واصفين إياه بأنه "فزاعة" لإخفاء المشاكل التي يمر بها التعليم ومدرستهم خصوصا.

تأثير مباشر

وأكدت مدرسة بالثانوية ضياع 60 ساعة تدريسية بالمؤسسة، إلى جانب شغور أحد مقاعد المدرسين التربويين في المدرسة، وكذلك فقدان وظيفة فني المعمل في المدرسة منذ العام الماضي، إضافة إلى الزيادة الكبيرة في عدد الطلاب في الفصل الواحد، واللذين بات عددهم 30 طالبا بدلا من 24 طالبا في كل فصل.

وبدوره، أكد أحد المدرسين أن "الوعود الحكومية بتوفير بيئة مناسبة للتعليم في المدارس الثانوية، وتحديدا بتخصيص مدرس/ة لكل فصل، كلها تحولت إلى كذبة".

وأردف: "في مؤسستنا هذه، أوقفت كل الضرورات الأساسية التي تساعد الطلاب في تحقيق النجاحات، وعوضتها الحكومة بمناظرة ذات وصمة تمييزية".

شهادة والدة طالبة

بدورها، أكدت والدة إحدى الطالبات، التقتها "بيلنكس" أمام ثانوية أوتريلو، ورفضت الحديث للكاميرا، أنها صدمت من القرار، إذ لا تشكل العباءة أو القمصان الطويلة، أي إساءة لقيم الجمهورية وعلمانيتها، وأشارت إلى أنها رفضت ذهاب بنتها إلى المدرسة على مدى اليومين الماضيين (قبل الإضراب)، لكنها ستضطر في النهاية إلى الامتثال إلى القانون.

واتفقت، بدورها، مع غالبية الشعارات التي زينت جدران المدرسة، وحملت عبارات مناوئة لقرار حظر العباءة، من قبيل" نرفض تشبيه الطالبات بالإرهابيات".. و "الإضراب حتى العدول عن قرار العباءة"، وغيرها.. مبدية أسفها بأن يضطر الجميع لارتداء ملابس تحددها الشرطة.

وأضافت: "ليس على الحكومة اختيار ما نلبسه، ولكن عليها توفير معينات التعليم للجميع".

ماذا أزعج فاطمة؟

بدورها، رأت فاطمة إحدى المشاركات في الوقفة الاحتجاجية بثانوية موريس أوتريلو، بأن قرار الحكومة الفرنسية بمنع ارتداء العباءة، ليس مزعجا في حد ذاته، لجهة تأكيدها على احترام توجه الدولة الفرنسية بمنع الدين داخل المدارس لجهة التنوع، لكنها أكدت أنها الأمر كان سيكون منطقيا، بحال ارتبط بفرض شروط على العباءة، لحماية الطالبات اللواتي يرتدينها، داخل المدرسة، سواء من خطر السقوط خلال الركض أم لجوانب تتعلق براحتهن بشكل عام.

واستطردت بأن الأمر الأكثر إزعاجا يكمن في التنميط، وربط العباءة كزي، بشكل معين من أشكال الإسلام.

وطالبت فاطمة التي تحضر إلى المدرسة مع بنت أختها التي ترتدي بدورها عباءة، الحكومة الفرنسية بإعادة النظر في القرار، لما فيه من جوانب تنميطية سلبية لمرتديها.

بدورها، أفادت إحدى الطالبات في المدرسة الثانوية، بضرورة مقاومة هذا القرار، كونه معيبا.

ورأت في حديثها لـ"بيلنكس" أنها لا تفهم سبب هذا القرار، مشددة على أن الحكومة ليس من مهمتها تحديد ما يلبس في المدارس، مبدية حيرتها تجاه تنفيذ القرار حتى الآن.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة