درنة.. قصص ٤ ليبيين راحت مدينتهم

كانت الساعة ٢ بعد منتصف الليل والعاصفة تضرب بقوة في شرق ليبيا عندما قفز عبد المنعم عوض الشيخ من سريره ليرى المياه في كل مكان، وأمواجا تخلع أبواب المنزل وتُغرق كلّ شيء. يروي كيف نجا مع عائلته من كارثة أسفرت عن مقتل وفقدان الآلاف.

وكان الشيخ يقطن في الطابق الأول مع زوجته ولديه ابنان. صعد مع زوجته إلى الطابق الرابع ثم الخامس هربا من ارتفاع منسوب المياه.

يقول "وضعنا سلّمًا خشبيًا وانتقلنا إلى السطح الثاني وجلسنا لغاية ما بعد الفجر عندما جاء إلينا شباب وساعدونا"، مشيرا الى أن أحد هؤلاء المتطوعين "فقد عائلته بالكامل".

محمد الزاوي يروي قائلا "أغراضنا وأثاثنا كان كلّه يتحرّك" على سطح المياه.

يوضح أن الموجة الأولى من السيول لم تتجاوز مستوى الرصيف ولم تدخل إلى المنازل، لكن الثانية جاءت بقوّة ولامست الطابقين الثاني والثالث، مضيفًا أن الجرف "جلب معه سيارات وأغراضا وأشخاصا داخل سيارات، ثم صبّ كلّ شيء في البحر".

و يضيف بأنه شاهد "بين 25 و30 جثة" راح يبحث عن أغطية لتغطيتها، قبل أن يحاول تفقّد الأحياء في الحي وما إذا كانوا يحتاجون الى مساعدة.

في الحيّ نفسه، يقطن اللبناني محمد عبد الحفيظ، 50 عاما، منذ عقود. يقول "رأيتُ الموت لكن للعمر بقية".

ويروي أنه كان نائمًا عندما شعر أن "الدنيا اهتزّت"، فاعتقد أن هزة أرضية تحصل. ودعا شقيقته ووالده للنزول إلى الشارع لكن سرعان ما خرج إلى شرفة منزله في الطابق الثالث، ورأى أن المياه قد وصلت إليها.

أمام نافذة محطمة، لم يبقَ منها سوى هيكلها الإسمنتي، يشير بيده إلى مشهد الدمار في الخارج، ثمّ يقول "المساحة هذه من بيتي لغاية الوادي، كانت فيها ثلاث أو أربع عمارات، الآن ليس هناك أي شيء، الأرض تراب وكأنّه لم تكن هناك يومًا مبانٍ هنا".

أما الرجل الستيني محمد كسار، فقد تكون فاجعته هي الأكبر، حيث فقد ٤ من أبنائه دفعة واحدة، بالإضافة إلى منزله وسيارته. ويقول لرويترز "أصبحت وحيدا الآن، هذه هي النهاية." ويبكي الرجل بحرقة بينما يدخل غرف أبنائه المهدمة علَّه يجد شيئاً من أثرهم كذكرى ولو كانت مؤلمة.

في ظل صعوبة الوصول والاتصالات وعمليات الإغاثة والفوضى السائدة في ليبيا، تتضارب الأرقام حول أعداد الضحايا.

لكن في آخر حصيلة، أفاد وزير الصحة في حكومة شرق ليبيا عثمان عبد الجليل مساء الأحد عن سقوط 3283 قتيلا، في حين تحذّر منظمات إنسانية دولية ومسؤولون ليبيون من أن الحصيلة النهائية قد تكون أعلى بكثير بسبب عدد المفقودين الكبير الذي يقدّر بالآلاف.