هل تتجه الصين إلى الاستغناء عن الإنكليزية في مناهجها؟

بموجب القرار الجديد، يُعفى ما يزيد عن 40 ألف طالب صيني و2000 طالب أجنبي من اجتياز امتحان اللغة الإنكليزية في جامعة شيان جياوتونغ، وهي من أكبر الجامعات البحثية بالبلاد التي توفر برامج في العلوم والطب وإدارة الأعمال والهندسة والاقتصاد والعلوم الإنسانية.

ورغم أنّ الحكومة الصينية لم تصدر قانونا رسميا يفرض امتحانات لتقييم مستوى الطلاب في اللغة الإنكليزية، فإن معظم الجامعات بالصين تضع هذا الشرط ضمن أولوياتها في قبول الطلاب عند بداية مسيرتهم الجامعية وكذلك قبل تخرجهم.

خبيرة اللغات الصينية، هي سان، قالت في حديث مع بلينكس: "ظلّ الناس لفترة طويلة يناقشون ما إذا كان ينبغي إعطاء اللغة الإنكليزية مثل هذا التركيز، وتاليا فإن هذا القرار ليس بالشيء الجديد".

على غرار ما صرحت به سان، يذكر العديد من المعلقين على موقع التواصل الاجتماعي الصيني ويبو أن قرار إلغاء امتحان اللغة الإنكليزية ليس بالجديد كون هناك جامعات صينية استغنت عن هذا النوع من التقييم اللغوي منذ أكثر من 20 عاما.

ويتوجه كل سنة أكثر من نصف مليون صيني إلى مراكز كامبريدج لاجتياز اختبار اللغة الإنكليزية الدولي والحصول على شهادات تخول لهم تقديم طلب القبول في مختلف الجامعات المحلية والدولية، وفقا لموقع كامبريدج. ولا يمثل هذا الرقم سوى جزءا من الواقع حيث أن عدد المتعلمين للغة يتجاوز 400 مليون صيني، حسب المجلس الثقافي البريطاني.

ونقل موقع شاين التابع لشنغهاي دايلي عن شيونغ بينج تشي، مدير معهد أبحاث التعليم في القرن الحادي والعشرين، أن قرار الجامعات لم يكن علامة على التقليل من قيمة تعليم اللغة الإنكليزية ولكنه ابتعاد عن تدريس اللغة الإنجليزية الموجه نحو الامتحانات. وقال شيونغ إن "تدريس اللغة الإنكليزية يجب أن يعود إلى الهدف الأصلي المتمثل في تحسين إتقان اللغة الإنكليزية بدلا من مجرد تحقيق نتائج جيدة في الامتحانات".

ويرى خبراء أن التوجه الجديدة للجامعات الصينية هو ما كان يجب اتباعه منذ أكثر من ٣ عقود لأن الغرض من تعلم اللغة ليس هو اجتياز الامتحانات وإنما القدرة على التواصل في جميع المجالات.

وتصرح سان لموقع بلينكس أن تعلم اللغة بالنسبة للمجتمع الصيني هو بمثابة "استثمار، من حيث المال والوقت وأيضا العاطفة". وترى أن الجامعات قد باتت ربما تستشعر أنه من المبالغة فرض اتقان اللغة الإنكليزية بالنسبة للتخصصات التي لا تحتاجها.

ورحب آخرون بإلغاء اختبارات اللغة الإنكليزية في الجامعات من منظور عملي، قائلين إن ذلك كان مضيعة للوقت والطاقة لأن الخريجين نادرا ما يستخدمون اللغة في حياتهم اليومية أو حياتهم المهنية بعد التخرج.

وجعلت الصين اللغة الإنكليزية مادة إلزامية في المدارس الابتدائية والثانوية في عام 2001، وهو نفس العام الذي انضمت فيه البلاد إلى منظمة التجارة العالمية.

في ذلك الوقت، أشادت وزارة التعليم بهذا المطلب كجزء من استراتيجية وطنية لجعل التعليم الصيني "يواجه التحديث، ويواجه العالم، ويواجه المستقبل".

وبالرغم من إسقاط اختبارات الإنكليزية في جامعة شيان جياوتونغ، من المتوقع أن يستمر الباحثون هناك في نشر أبحاثهم باللغة الإنجليزية التي تستعملها 75٪ من المجلات العلمية.

يأتي هذا التراجع عن اللغة الإنكليزية في وقت أصبحت الصين أكثر قومية وانغلاقا على نفسها في عهد جين بينغ، الذي دعا البلاد إلى تعزيز "الثقة الثقافية" ودرء "النفوذ الغربي".

وكانت المدارس والجامعات منعت في 2015 استخدام الكتب المدرسية التي تروج للقيم الغربية، حسب ما ورد في موقع ساوث تشاينا مورنينغ بوست.

في شنغهاي، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، منعت السلطات في عام 2021 المدارس الابتدائية من إجراء الاختبارات النهائية في اللغة الإنكليزية، مشيرة إلى الحاجة لتخفيف العبء الأكاديمي على الطلاب.

كما كانت هناك أيضًا خطوات لخفض مستوى تدريس اللغة الإنكليزية في الفصول الدراسية بدعوى حل مشكلة عدم المساواة في التعليم في الصين، وفقا لصحيفة بانكوك بوست.

وبالضغط الذي يفرضه التعليم والمجتمع، اضطرت الأسر الصينية عام 2017 إلى انفاق نحو 41.5 مليار دولار في دروس تعليم اللغة الإنكليزية، حسب معطيات موقع ستاتيستا.