قصة ثمانينية تحت الأنقاض.. الحاجة فاطمة أقوى من زلزال المغرب

يعتبرها سكان القرية جدتهم لأنها "العطوفة الحنونة" على الجميع كما يصف الأهالي الناجين. في الساعة الـ١١ مساء من يوم الثامن من سبتمبر، كانت تجلس على كرسيها الخاص وسط غرفة الجلوس في بيتها، تنظر إلى التلفاز، فأحست بارتجاج الأرض من تحتها.

ما هي إلا ثوانٍ معدودة حتى سقط المنزل ركاما وظلت تحته حتى الرابعة فجراً تنتظر يداً لتنقذها أو معطفا يشعرها بالدفء، لأن الطقس تحت الأنقاض "بارد جدا كالصقيع" حسبما قالت.

قتل زلزال المغرب حوالي ٣٠٠٠ شخص وأصاب أكثر من ٢٥ ألف شخص، وما زالت السلطات المغربية مستمرة في مساعدة الناجين الذين يحتاجون إلى مأوى ومأكل ومشرب بعد أن دمرت منازلهم بالكامل.

كان زلزال ٢٠٢٣ المغربي بقوة ٧ درجات على مقياس ريختر وعلى عمق ١٨ كيلومترا تقريبا. وتمركز الزلزال في إقليم الحوز القريب من مراكش إلا أن أثره وصل إلى مدن أخرى مثل الدار البيضاء وأغادير.

الحاجة فاطمة التي مات زوجها منذ سنوات تعيش في بيتها وحيدة في قرية "إمين تلا" لأن أولادها جميعا مهاجرون في أوروبا. وفي سؤال بلينكس لها عن أشخاص ماتوا إثر الزلزال من عائلتها، قالت إن "٨٠ شخص ماتوا لها" وقصدت بذلك أهالي القرية الذين قضوا تحت ركام منازلهم.

تَعتبر الحاجة التي يصفها أهل قريتها بـ "الكريمة" الجميع حولها من أهلها، فالقرية التي لا يزيد عدد سكانها عن ٣٠٠ شخص فقدت ٨٠ منهم، تعتبرهم جميعا من أبنائها وأحفادها.

تعمل الحاجة فاطمة في الزراعة وتربية المواشي، فتمتلك مزرعة تفاح صغيرة أمام منزلها، نجا منه كيس، قطفته قبل الزلزال.

ويُزرع التفاح بكثرة في تلك المنطقة لأنها مرتفعة حوالي ٣٠٠٠ متر عن سطح البحر ويحتاج التفاح إلى طقس بارد لينمو.

إثر الزلزال، فقدت الحاجة صاحبة الـ٨٠ عاما ٤ بقرات و٥ من رؤوس الخراف، وكل طيورها الداجنة. تعتمد فاطمة على الماشية التي تربيها في تسيير أمور يومها لأنها تصنع الحليب والجبن واللبن، وكذلك تجميع البيض، فتأكل جزءا وتبيع الجزء الآخر.

في تمام الساعة الرابعة فجرا من صباح ٩ سبتمبر رأت الحاجة فاطمة التي تقول إنها "متشبثة بالحياة" ضوءا يتسلل بين حجارة بيتها ويشق طريقه نحو لتبدأ بالصراخ طالبة النجدة.

كان ذلك أحد أهالي القرية الناجين يبحث عن "الجدة فاطمة" كما يسميها جميع أهل القرية. نجح ذلك الشاب في إنقاذها، وهي ما زالت تعاني من ألم في قدمها بسبب الحجارة الثقيلة التي ظلت فوقها لمدة ٦ ساعات متواصلة.

فاطمة التي ما تزال قادرة على المشي والطبخ وتسيير أمور يومها برغم عمرها، ظلت تحمد الله أنها ما زالت على قيد الحياة، وبرغم أنها تعتبر امرأة "غنية بين أهالي قريتها"، إلا أنها لم تتحسر كثيرا على أملاكها التي ضاعت وظلت تردد "أنا راضية بقضاء الله".

تملك الجدة بيتين اثنين فقدتهما إثر الزلزال، وكذلك بقي ذهبها الذي كانت تملكه تحت أنقاض المنزل ولم تستطع العثور عليه.