رحلة أخيرة لوليد الدجوي ورفاقه للهجرة في قارب

ضاق الحال بوليد الدجوي بعدما أصبحت حرفة السباكة التي يمتهنها لا تدر ما يكفي لإعالة أسرته التي تعيش بمنطقة الدلتا في شمال مصر، فقرر عبور الحدود إلى ليبيا واستقل من هناك سفينة صيد قديمة ومكتظة متجهة إلى أوروبا.

في يونيو، وعلى بعد أميال قليلة من الساحل اليوناني، غرقت السفينة وعلى متنها المئات، من بينهم مصريون ممن أصبحوا يقبلون بأعداد متزايدة على الرحلة المحفوفة بالمخاطر.

نجا عدد قليل، لكن وليد، 32 عاما، كان من بين كثيرين اختفوا ولم يعثر لهم على أثر.

يقول محمد الدجوي والد وليد لرويترز في قريته ميت سهيل حيث المنازل متواضعة ومبنية بالطوب الأحمر وسط الحقول "هيعمل إيه، مش قادر يصرف على ولاده، واستدان".

كان محمد غنام صاحب الـ١٩ ربيعا يحقق دخلا بسيطا من العمل في متجر للحلوى ويتعلم في الوقت ذاته إصلاح الهواتف المحمولة، لكنه قرر اللحاق بثلاثة من أقاربه تمكنوا من الوصول إلى إيطاليا عبر العبور من ليبيا ليكون أحد ضحايا المركب المنكوب في يونيو الماضي.

تجوب الحافلات الصغيرة الطريق المؤدية إلى الحدود الليبية لتقل الراغبين في الهجرة.

عادة ما تتحمل العائلات التي يتركها أبناؤها فاتورة الرحلة إلى أوروبا التي تصل إلى 4540 دولارا، ويتم تسليم الأموال بمجرد عبور المهاجر الحدود المصرية، في هذه اللحظة يتحول كل شئ بحسب عادل غنام شقيق محمد الذي يعمل نجارا في ميت سهيل التابعة لمحافظة الشرقية في دلتا مصر شمالي البلاد.

تظهر بيانات وزارة الداخلية الإيطالية أن أكثر من 8 آلاف من الذين وصلوا بحرا منذ بداية العام إلى البلاد قالوا إنهم مصريون.

وخلال العام الماضي وصل أكثر من ٢٠ ألف و٥٠٠ مصري للبلاد، مقارنة بوصول ما يقرب من ١٣٠٠ شخص عام ٢٠٢٠، ما جعلهم يمثلون الجنسية الأكبر التي وصل حاملوها إلى إيطاليا في ذلك العام، إضافة إلى ارتفاع طلبات اللجوء المقدمة من مصريين.

وتزامن الارتفاع الكبير في أعداد المغادرين من مصر في السنوات الماضية، فقد ألقت جائحة كورونا بثقلها على قطاع السياحة الأساسي في مصر وأدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة عزوف المستثمرين عن المخاطرة، مما دفعهم للابتعاد عن الأسواق المصرية.

يقول الرئيس عبد الفتاح السيسي ومسؤولون آخرون إن مصر تبذل ما في وسعها لوقف تدفق المهاجرين، لكن الأمر صعب بالنظر إلى موارد البلاد المحدودة بسبب استضافتها لملايين الأجانب، ومن بينهم أكثر من 300 ألف شخص فروا من الحرب في السودان منذ أبريل، بحسب رويترز.

ترجع رئيسة اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية نائلة جبر تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية إلى المشكلات الاقتصادية في الشرق الأوسط تدفع المزيد من الأفراد للقيام بالرحلة المحفوفة بالمخاطر.

وتقول جبر لرويترز"نحن محاطون بدول تعاني من أزمات. وأمر جيد أن الأعداد ليست أكبر من ذلك".

يقدم الاتحاد الأوروبي تمويلا لمراقبة الحدود في مصر، ويرى أن نقص الفرص الاقتصادية وتغير المناخ في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 104 ملايين نسمة، سيجعل على الأرجح تدفق المهاجرين يتزايد في الأمد البعيد.