بـ"قنبلة شبابية".. هل تستحوذ أفريقيا على العالم؟

كان الأفارقة في عام 1950 يمثلون أقل من 10% من سكان العالم. ولكن بحلول عام 2100، سيشكلون ما يقرب من 25% من سكان العالم، بما في ذلك ثلث جميع الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا.

ويبلغ متوسط ​​العمر في أفريقيا 19 عامًا، وهو أقل بكثير من متوسط ​​العمر في البلدان الأخرى، مثل الصين (38 عامًا) والولايات المتحدة (38 عامًا) وسوريا (55 عاماً).

هذه التغييرات الديموغرافية الهائلة، التي يطلق عليها البعض "زلزال الشباب"، لها آثار عميقة على أفريقيا. فهي تخلق قوة عاملة شابة وسوقًا ناشئة، ولكنها تخلق أيضًا تحديات في رعاية السكان المتزايدين والنمو السريع.

وبدأت هذه التغييرات تؤثر بالفعل على أفريقيا. فهي تقود إلى نمو مدن القارة وازدهار ثقافتها. كما أنها تدفع الموسيقيين الأفارقة إلى النجومية العالمي.

أفريقيا هي القوة الصاعدة الجديدة في العالم. إنها تشهد نموًا اقتصاديًا سريعًا، وظهور قوى سياسية جديدة، وازدهارا ثقافيا.

وتشير مجلة الإيكونوميست إلى أن هناك اعترافًا واهتمامًا عالميًا متزايدًا بالثقافة الشعبية الأفريقية. وهذا يشمل الموسيقى والأفلام والأزياء والفنون والمطبخ.

وتتألق الموسيقى الأفريقية على المسرح العالمي، حيث تحظى بشعبية متزايدة في جميع أنحاء العالم.

وذلك بفضل تعاون الموسيقيين الأفارقة مع فنانين من مختلف أنحاء العالم، وحضورهم المتميز في المناسبات الموسيقية المرموقة، مثل جوائز غرامي ومهرجانات الموسيقى الدولية.

كما أن الموضة المستوحاة من إفريقيا تحظى أيضًا بشعبية متزايدة، حيث يتم عرض المطبوعات والتصاميم الأفريقية في أسابيع الموضة التي تُقام في مدن رئيسية مثل باريس ونيويورك ولندن.

وأقيمت عروض الأزياء الأفريقية الخاصة في باريس وميلان، واحتلت أفريقيا مركز الصدارة في بينالي الهندسة المعمارية في البندقية.

وفاز مهندس معماري "من بوركينا فاسو" بجائزة بريتزكر المرموقة، وحصل "عبد الرزاق جورنا"، المولود في تنزانيا، على جائزة نوبل في الأدب.

هذه التطورات تدل على أن الثقافة الأفريقية تحظى باهتمام متزايد في جميع أنحاء العالم، مما يساهم في تشكيل الثقافة العالمية.

يشهد الشباب الأفارقة تحولًا كبيرًا في حياتهم. أصبحوا أكثر تعليما وأكثر تواصلا من أي وقت مضى.

في عام 2020، تخرّج 44٪ من الشباب الأفارقة من المدارس الثانوية، ارتفاعًا من 27٪ في عام 2000. ويستخدم حوالي 570 مليون شخص الإنترنت في إفريقيا، أي ما يقرب من نصف سكان القارة.

لكن هذا التحول لا يعني أن الشباب الأفارقة يعيشون حياة سهلة، حيث لا يزالون يواجهون تحديات كبيرة، بما في ذلك البطالة.

ويقول البنك الدولي إن ما يصل إلى مليون أفريقي يدخلون سوق العمل كل شهر، لكن أقل من واحد من كل 4 يحصلون على وظيفة رسمية. وتبلغ نسبة البطالة في جنوب أفريقيا، الدولة الأكثر تصنيعا في القارة، 35%.

رغم كون أفريقيا موطنًا لـ18% من سكان العالم، إلا أن حصتها في التجارة العالمية لا تتجاوز 3%، كما فشلت معظم دول القارة في التصنيع، وتشكل البنية التحتية عقبة أمام التنمية.

في الماضي، كان يُنظر إلى التكنولوجيا على أنها تذكرة خروج أفريقيا من الفقر. ومع ذلك، فقد فشلت في خلق فرص عمل، ومن المتوقع أن يصل عدد سكان القارة السمراء في سن العمل، إلى مليار في العقد المقبل.

وتخلف النمو الاقتصادي في أفريقيا عن نظرائه في المناطق النامية الأخرى، في حين نما اقتصاد القارة بمعدل سنوي متوسط يبلغ 1٪ منذ عام 1990، بينما البلدان الأخرى نمت بنسبة أكثر من 5٪، مثل الهند والصين.

ويسلط هذا التفاوت الضوء على التحديات التي تواجهها القارة السمراء في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

يؤثر تعليم الفتيات تأثيراً عميقاً على حجم الأسرة في أفريقيا، فهو يؤجل الزواج ويمكّن الشابات من المباعدة بين فترات حملهن، وهو ما يشبه الشكل الطبيعي لتحديد النسل، وفقًا للباحثين.

السيدة سعيدو، البالغة من العمر الآن 17 عامًا، تقدمت مؤخرًا بطلب للالتحاق بمدرسة التمريض. وقالت وفي عينيها بريق حازم "أريد أن أتزوج" . لكنها أعلنت أولاً "أريد أن أكون مستقلة وأدعم نفسي".

يحمل مستقبل أفريقيا تغيرات جذرية يصعب التنبؤ بها.

عندما كان الإقتصادي ها جون تشانغ يعيش في كوريا الجنوبية في الستينيات، واجهت بلاده نفس الاستعلاء والعنصرية التي تواجهها العديد من الدول الأفريقية اليوم. لقد كانت فقيرة، وكانت قد خرجت للتو من الحرب، واعتبرها المسؤولون الأميركيون فاشلة.

ويستذكر أستاذ الاقتصاد في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في لندن لصحيفة ذا نيويورك تايمز: "لم يأخذنا أحد على محمل الجد".

صعود كوريا الجنوبية السريع لتصبح واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم يجسد كيف يمكن للنجاح أن يخرج من زوايا غير متوقعة، وأكد تشانغ "مع الوقت والتفاني، تصبح التحولات الملحوظة ممكنة".

واعترف تشانغ بأن الشباب لعبوا دورا هاما في نجاح كوريا الجنوبية. وأضاف أنه مع ذلك، فإن المكونات الأخرى كانت حاسمة أيضًا، القادة ذوي البصيرة، والسياسات السليمة، والتعليم، والصفات غير الملموسة مثل الدافع والابتكار و"الحظ المطلق".