"الحنة".. سبيل نازحات سودانيات للعيش في القاهرة

لم تكن رحلة جواهر موسى إلى مصر سهلة حين قررت الخروج من السودان. استغرقت شهرين ومحاولتين للوصول، وصلت على أبواب المعبر مرتين، فشلت في العبور في المرة الأولى بصحبة ابنها ذو الثماني سنوات فاضطرت إلى تركه عند والدتها، وفي المرة الثانية تمكنت من العبور.

في حديث مع بلينكس، تقول جواهر التي كانت تعيش في مدينة الخرطوم "الوضع كان صعب، لا أموال، ولا عمل، والضرب في كل مكان، أصبحت أخاف على نفسي وعلى عائلتي، فقررت الخروج إلى مصر".

وتضيف "في المرة الأولى التي وصلت فيها على المعبر، عدت لصدور قرار يمنع إضافة الطفل على جواز سفر الأم، فاضطريت العودة لوضع ابني عند والدتي، ثم توجهت للحصول على تأشيرة لأنه كان صدر قرار يلزم النساء السودانيات بالحصول على تأشيرة لدخول مصر، وسافرت في المرة الثانية التي ذهبت فيها للمعبر، وتمكنت من الدخول لمدينة أسوان".

وصلت جواهر أسوان في أغسطس الماضي، ومن أسوان جاءت إلى مدينة القاهرة، لكنها لم تتمكن من العثور على عمل سريعاً.

تقول "بقيت شهرين أبحث عن عمل، وحين وجدت عملاً في محل للتجميل لكن لم اتفق مع أصحاب العمل فتركته".

بمساعدة صديقتها بدأت جواهر العمل في رسم الحنة في القاهرة، الآن يعملان معاً على تأسيس مشروعهما الخاص.

وتوضح "بعت هاتفي، ونعمل على عجن الحنة بأيدينا، نستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للإعلان عن عملنا والبحث عن زبائن".

رغم أن أغلب زبائن جواهر من النساء السودانيات إلا أنها تقول إن "المصريات أيضا يحبون الحنة". تقول "أعمل مع صديقتي عبر معارفها في مصر، وعبر مجموعات الفيس بوك، نرى أن لنا رزقاً في مصر".

لكن طريق جواهر في مصر به بعض المصاعب، حيث تعاني من الإيجارات المرتفعة للسكن، وبعض المعاكسات من رجال يتصلون على أرقام عملهم على فيس بوك.

كذلك رغم الحرب، تفتقد جواهر بلدها، تقول "كون زول بعيد عن بلده هذا شيء صعب.. هذا أصعب شيء".

لم تتوقع ريان محجوب يوماً أن يتحول شغفها بالرسم إلى سبيلها للعيش في مصر، فالطالبة التي كانت تدرس العلوم والتكنولوجيا في جامعة الخرطوم، أتت إلى مصر هرباً من الحرب في رحلة مليئة بالصعاب.

تقول ريان لبلينكس "حين اشتدت الحرب قررت المجيء إلى مصر لأني أكبر أخوتي وعلي إعالة أسرتي، ساعدتهم على الانتقال إلى مكان آمن وسافرت إلى مصر".

"منذ صغري وأنا شغوفة بالرسم، حتى في السودان كنت أعمل في رسم الحنة، وتقديم خدمات التجميل للنساء، وحين جئت إلى مصر وجدت أن هذا الشغف قد يساعدني".

على العكس من جواهر، لم تتمكن ريان من تأسيس مكان أو مشروع خاص بها للعمل من خلاله، تذهب إلى منازل زبوناتها اللاتي يطلبن خدماتها عبر الفيس بوك.

تقول "عندي صفحة على فيس بوك، انشر شغلي عليها ويأتيني من خلالها الزبائن، أذهب لهن في منازلهن، لكني ما زالت أجد صعوبة في التأقلم مع القاهرة، خاصة المواصلات".

النساء السودانيات يعشقن الحنة، كما تؤكد ريان، تقول "نحب الزينة، ونعتبر الحنة هي زينتنا"، وتستخدم في عملها أنواعا مختلفة من الحنة، حيث توضح أن هناك "الحنة البلدي وهي التي تبقي على الجسد لمدة طويلة، والحنة التي تشمل على صبغة وهي تٌمسح من على الجسد بعد فترة قصيرة".

كذلك تخبرنا الحنة عن حالة النساء السودانيات، فتقول إن "رسمة وشكل الحنة يختلف من المرأة المتزوجة والمرأة غير المتزوجة، فالمرأة المتزوجة قد تضع حنة بدون رسم، وترسم الحنة على أيديها وأقدامها، أما النساء غير المتزوجات فدائماً ما يلجأن للحنة التي يتم رسمها، ولا يرسمن إلا على أيديهن فقط، النساء العازبات لا يرسمن الحنة على أقدامهن أبدا".