كيف يؤثر الطعام على "ارتباطنا كعائلة"؟

في مطلع ديسمبر الجاري، حصلت هلال على جائزة سرد الذهب المقدمة من مركز أبوظبي للغة العربية، عن قصتها غير المنشورة "ما بين شقّي رحى" وهي قصة حول ارتباط جداتنا من النساء بالرحى التي كانت تستخدم قديماً في طحن القمح والشعير، لكنها كانت من أكثر أدوات المنزل ثقلاً وكانت النساء ترتبط بها ارتباطاً وثيقاً.

استلهمت هلال فكرة القصة من علاقتها بجدتها، وعلاقة جدتها بالرحى الخاصة بها، كما استلهمت منها أيضاً منهجاً جمع بين عدد من الأمور كوّنت منهج الورشة التي تقدمها عن الكتابة عن الطعام، والتي تدمج بين الطبخ والكتابة والحضارات والتراث.

تقول هلال في حديث لبلينكس إن "الجدات دائماً ما يشتهرن بأن علاقتهن بأحفادهن تنصب على رغبتهن في إطعامهن طوال الوقت، وبهذه الطريقة كانت جدتي أول من علمني كيف يمكن لشخص أن يعبر عن مشاعر الحب والاهتمام والخوف والقلق والفرح عن طريق الطعام".

تضيف "كان الطعام هو الوسيلة أو الجسر الذي توصل به جدتي هذه المشاعر".

يمتد تأثير هذه المشاعر التي تكوّن عادة ونحن صغار إلى تشكيل أجزاء من شخصياتنا وعلاقاتنا بعائلاتنا، فتقول هلال "أثّر هذا الجسر على شخصيتي في كثير من الأمور، في البداية أصبحت أكثر تقديراً لفكرة أن يطبخ الأشخاص لبعضهم البعض، ولا أستطيع تناول الطعام من يد شخص لا أشعر ناحيته بالأمان".

وتضيف "بعد ذلك بدأت أرى الطعام كمدخل للتفاعلات في المجتمع، وكيف أن تناول وإعداد الطعام يحمل ثقافات وعادات وأفكار ومبادئ متوارثة عبر الأجيال.

على سبيل المثال ارتباط إعداده بالمرأة في مجتمعاتنا العربية، وكيف يمكن أن تمارس على المرأة سلطات ذكورية من هذا المنطلق".

تواصل هلال، أن الطعام أيضاً يحمل أبعاداً نفسية، فعلى سبيل المثال من الممكن أن يعتقد شخص أنه لا يحب أكلة معينة دون أن يعرف السبب، ومع البحث والكتابة نكتشف أن هذه التفضيلات لها جذور معينة، فلكل شخص علاقة خاصة وعلاقة عامة بالأكل.

وتوضح الكاتبة المصرية "العلاقة العامة يمكن أن نراها على سبيل المثال في علاقة المسلمين المصريين بلحم الخنزير، وكيف أن مجرد كلمة خنزير لها انعكاس سلبي بمجرد ذكرها، على العكس كلمتي "التين والزيتون" لأنهما ذكرا في القرآن، كيف نحب هذه الأطعمة ونقبلها".

أيضاً علاقة الشخص بالأكل تؤثر على علاقته بعائلته، ففي بعض المجتمعات هناك أسر ترى أن صحة الطفل في أن يكون سمينا، فالطفل الرفيع يعني في هذه المجتمعات أن الأم لا تولي الاهتمام الكافي لطفلها.

تعمل بعض الأمهات على إجبار الأطفال على الأكل أو ضربهم من أجل تناول الطعام، فحين يكبر هذا الطفل يكره أنواع أطعمة معينة مرتبطة عنده بهذه الحوادث.

وتضيف "أفكر الآن في مثل هذه الحوادث وكيف كونت شخصيتي وعلاقتي ببعض الأطعمة، فالأكل بمثابة تاريخ موازٍ لعلاقاتنا ومشاعرنا وأفكارنا لا ننتبه له كثيراً".

تقول هلال إن ذلك يرتبط بشكل أساسي على شكل علاقتنا بأمهاتنا وبالمنزل الذي يُعّد فيه الطعام "فمثلاً إذا علاقتي بالأم وبالمنزل الذي يعد فيه الطعام هي علاقة مستقرة سيصبح أكل الأم دائماً أفضل.

تشرح: "سنتقبّل طعام الأم أكثر، على العكس من الممكن أن يكون طعام الأم لذيذ جداً لكن الأجواء التي يتم فيها إعداد الأكل هي أجواء كئيبة أو موتّرة فحينها يرتبط الشخص بفكرة أن هذا الأكل ليس جيداً".

وتختتم الكاتبة "هذه من الأمور التي تُظلم فيها الأم، لأن الأمر لا يرتبط فقط بجودة الطعام، وإنما باستقبالنا للأجواء وعلاقتنا بالأشخاص والأماكن التي نتناول فيها الطعام".