"سويسرا الصغيرة" التونسية.. وجهة سياحية راقية تخفي فقر سكانها

رغم الطريق الوعرة التي يسلكها السياح للوصول إلى "سويسرا الصغيرة" بعد قطع 170 كم وسط مسالك جبلية ومسارات غير مهيئة ومنعرجات خطيرة، فإن قاصدي هذه الوجهة تقدّر بالآلاف تزامناً مع موسم الشتاء.

المسؤول المحلي التابع لوزارة السياحة، عيسى المرواني، يؤكد أن المؤشرات السياحية سجلت تطوراً هاماً خلال سنة 2023، بتوافد أكثر من 300 ألف زائر بارتفاع يقدر بسبعة بالمائة مقارنة بالسنة المرجعية 2019 (قبل جائحة كورونا).

يضيف أن الليالي المقضاة السنة الماضية في مختلف وحدات الإيواء الفندقية بالمنطقة السياحية المحدثة منذ سنة 1990، بلغ 594 ألف ليلة.

ويُرجع المسؤول هذه الأرقام إلى جودة الخدمات، بالإضافة إلى ما يميزها من عناصر إيكولوجية فريدة من مغاور ومحميات وبحيرات جبلية وسدود.

كما أن "الجنة المنسية" كما يسميها سكانها، مقصداً لهواة الصيد لما تحتويه من طيور وحيوانات نادرة، خاصة قرب سدي "بني مطير" و"بربرة" الذين تتكاثر فيهما أنواع مختلفة من الأسماك.

تخفي هذه اللوحة الطبيعية الخلابة والوحدات الفندقية والنزل الفاخرة وجهاً آخر أكثر قتامة وبشاعة. فما زالت عين دراهم تتذيل أرقام التنمية في تونس، ومازال أهلها يواجهون الفقر وقساوة المناخ.

على بُعد كيلومترات قليلة من أفخم وأكبر فندق ذات النجوم الخمس، تقتسم عائلة علي (49 سنة) المكونّة من 6 أفراد كوخها الخشبي مع حمار ودجاجات، هي مصدر رزقها الوحيد.

تقول الزوجة بينما تحرك بعود خشبي موقد الفحم المشتعل وسط الغرفة الوحيدة حيث يغطي الدخان الأسود المكان، إنهم كسائر سكان الجهة النائية يأكلون من المنتجات الجزائرية فحدودها أقرب جغرافيا من تونس، خاصةً أن الطرقات الوعرة والمسالك المتهالكة تُقطع عند تساقط الثلوج أو الأمطار فتفيض الأودية وتعجز السلطات عن فك عزلتهم.

يُردف علي أن حاله لا يختلف عن جيرانه، فجميعهم يسكنون أكواخاً متداعية للسقوط في كل موسم ممطر فيتألم لشعور أبنائه الأربعة بالجوع والبرد والحرمان، خاصة أنهم اضطروا للانقطاع عن الدراسة بسبب سيرهم 5 كيلومترات ذهاباً وإياباً يومياً للوصول إلى المدرسة الوحيدة بالعمادة، فيقطعون الغابة حيث تعترضهم الخنازير والحيوانات البرية الخطيرة.

ولا يخفف من آلام علي ومئات الأسر التي أنهكتها الفاقة، غير بعض المساعدات التي تقدمها الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، والهلال الأحمر التونسي.