الكلاب الضالة.. ظاهرة الـ"42 ألف حالة عض" تؤرق التونسيين

يقول سليم لبلينكس، إنه خرج للتنزه على متن دراجته مساءً في صيف 2022 قرب منزله في منطقة المنزه الخامس التي تعد من الأحياء الراقية للعاصمة تونس، لكن نزهته تحولت إلى مأساة بعد أن هاجمته ثلاثة كلاب أوقعته أرضاً، ما تسبب في كسر مضاعف لساقه اليمنى.

ويضيف المتحدث أنه استنجد بأحد المارة للاتصال بسيارة الإسعاف التي نقلته إلى أقرب مصحة، إذ خضع لتدخل جراحي أول باء بالفشل، ليقرر الفريق الطبي المحاولة ثانية بعد 3 أشهر من الحادثة، ما كلفه 20 ألف دينار (نحو 7 آلاف دولار).

وما زال سليم يخضع لحصص علاج وتقويم، على أمل أن يستعيد حركته الطبيعية دون أن يفكّر في التوجه إلى القضاء، لأنه لا يعتقد أن الدولة قد تعيد إليه عافيته أو تعوضه مادياً.

المشهد في تونس يتكرر في كل المناطق والأحياء حتى الراقية منها، فتتجمع الكلاب الضالة قرب حاويات القمامة وفي مداخل البيوت والعمارات، وتزداد هذه الحيوانات خطورة بحلول الليل، فتهاجم المارة وتلاحق السيارات والدراجات.

ووفقا لإحصائيات رسمية، يمثل الأطفال الفئة الأكثر تضرراً من الكلاب الضّالة بنحو 42% رغم الفاجعة التي هزت البلاد سنة 2017، على خلفية مهاجمة كلب ضال لطفل يبلغ من العمر 9 سنوات، ما تسبب في تشوّه وجهه، علاوة على إصابته بنوبة عصبية بسبب المخلفات النفسية للحادثة.

في السياق ذاته، أعلنت وزارة الصحة بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة داء الكلب في سبتمبر 2023، أن تونس سجلت ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة الوفيات بهذا الداء خلال السنوات الثلاث الأخيرة بـ15 حالة، في حين كانت الأرقام تشير إلى عدم تسجيل أي حالة قبل 2011.

وأردفت الوزارة أن عدد الحالات التي تعرّضت إلى هجوم من حيوان مشبوه، ارتفعت من 30 ألفا و514 حالة سنة 2010، إلى نحو 42 ألف حالة سنة 2022، مشيرة إلى أن أغلب الهجمات مصدرها الكلاب الضالة.

من 2011 وحتى 2015، توقفت الشرطة البلدية في تونس عن القضاء على الكلاب الضالة في شوارع البلاد عبر القنص، وذلك تحت ضغط جمعيات الرفق بالحيوان ومنظمات المجتمع المدني التي احتجت في مناسبات عديدة ضد قتل الحيوانات بوحشية، مطالبة بتوفير مراكز لإيوائهم.

وبفعل هذا الضغط، انطلقت محافظة تونس في تجربة تعقيم الحيوانات وتلقيحها بمساعدة أطباء بيطريين متطوعين، لكن هذه التجربة لم تؤد إلى أي نتائج على خلفية حلّ المجالس البلدية وقلة إمكانيات الدولة في هذا المجال.

من جهتها، تقول البيطرية روضة منصور ورئيسة جمعية SOS animaux، إن السلطات التونسية "عادت إلى ممارساتها غير الإنسانية" ضد الحيوانات الضالة بقنصها باستعمال الذخيرة، في حين أن الملجأ الذي توفّره الجمعية، إلى جانب ملاجئ أخرى مماثلة، لا تكفي لاحتضان الكم الهائل من الكلاب المنتشرة.

وأضافت منصور، أن الجمعية تنظم حملات توعوية للضغط على السلطات، كي تكثف من حملات التعقيم والتطعيم.