"الباندا الجزائري".. الخاسر الذي لا يخسر

رغم انتشار صوره وفيديوهاته على نطاق واسع بالجزائر، إلا أن أحدا لا يعرف اسمه الحقيقي، الجميع يناديه باللقب الذي اختاره لنفسه "الباندا"، والذي يُجهل أيضاً خلفياته.

هو شاب يبلغ من العمر 22 عاماً من محافظة وادي سوف الصحراوية والفلاحية، اختار منذ صغره ممارسة التجارة لكن بـ"تكتيك تجاري" مغرد خارج "سرب السوق".

و"باندي" كلمة جزائرية موجودة أيضاً في قاموسي اللغتين الفرنسية والإنكليزية وتعني "قاطع الطريق" أو "اللص" Bandit.

في كل مرة يخرج "الباندا" بفيديو عبر مختلف منصات التواصل والتي يتداولها الجزائريون على نطاق واسع، وهو يبيع أجود أنواع السلع من الخضر والفواكه، وبأسعار منخفضة عن المعروضة في الأسواق الشعبية والمحلات.

ومنذ الأيام الأولى لشهر رمضان، نشر "الباندا" فيديو يبيع الموز بـ370 دينارا للكيلو الواحد (2.75 دولار)، في الوقت الذي يصل سعره في بقية الأسواق 500 دينار.

وفيديو آخر لعلبة مليئة بالفراولة عرضها بـ110 دينار مقابل 350 دينار في الأسواق والمحلات، وكذلك البرتقال بـ65 دينار وأجود أنواع التمور "دقلة نور" بـ300 دينار، حيث كان سبباً في تراجع أسعارها بمحافظات الجنوب الجزائري.

"الباندا" لم يترك مكاناً وإلا ويبيع فيه سلعته، فلم يترك الرصيف ولا الشاحنة، كما أنه يملك محلا لبيع الفواكه وسط مدينة وادي سوف.

الباندا" يعرض على زبائنه أيضاً البيع بـ"كميات غير محدودة"، ويمتلك أيضا شاحنات عملاقة لتسويق سلعه لمن أراد وبأسعار تنافسية.

"الباندا" اقتحم في رمضان مجالاً تجارياً آخر "من أجل عيون الفقراء" كما يقول، إذ فتح محلاً خاصاً بصناعة الحلويات التقليدية التي تشتهر بها الجزائر في رمضان وبـ"أسعار مغرية ومنخفضة" أيضاً.

وفي محله يبيع "الباندا" حلوى "قلب اللوز" التقليدية بـ20 دينارا فقط للقطعة الواحدة (0.15 دولار)، والتي يتعدى سعرها في بقية المحلات 40 دينارا.

بالإضافة إلى حلوى "السيقار" التي تشتهر بها مدن الشرق الجزائري بـ20 دينارا للحبة الواحدة والمحشوة بالفول السوداني، وكذلك "القطايف" بـ30 دينارا.

وللباندا أيضاً محل خاص ببيع أقمصة للرجال والنساء بأسعار تنافسية لا تتعدى 190 ديناراً.

يتداول الجزائريون عبر مواقع التواصل فيديوهات "الباندا" بكثير من الاستحسان، وتعددت معها ألقابه.

منهم من لقبه بـ"تاجر الرحمة"، و"خضار الرمال"، و"زعيم التجّار"، و"دواء الانتهازيين"، و"الظاهرة التجارية".

لكن، من أكثر الألقاب التي أطلقها عليه جزائريون هو "تاجر الزوالية" أو "الزواولة" والتي تعني "تاجر الغلابة" أو الفقراء.

ولا ينكر "الباندا" على نفسه بأن زبائنه المستهدفين هم من الطبقتين المتوسطة والفقيرة، ففي كل فيديوهاته الي يبدأها بالبسلمة والصلاة، يردد عبارات وكأنها "شعارات ترويجية"، من قبيل: "جبنالكم شاحنات عملاقة والكمية غير محدودة. أرواح يا الزوالي" (أحضرنا لكم شاحنات عملاقة والكمية غير محدودة، أقبلوا يا غلابة"، وعبارة أخرى يقول فيها "البخيل في النار".

وفي كل منشورات الجزائريين، عبّروا عن إعجابهم بنموذج "الباندا الإنساني والتجاري"، ومنهم من رأى بأنه "أعطى درساً للانتهازيين"، وبأنه "التاجر الذي يخاف الله في عباده"، وتعليقات أخرى اعتبرت بأنه "وفّر للعائلات الجزائرية فواكه كانت في الماضي حكرا على الأغنياء".

ومن أكثر التعليقات الواردة في مواقع التواصل تلك التي تتمنى أن يتكرر نموذج "الباندا" في كل محافظة ومدينة جزائرية، حتى إن بعض التعليقات لم تخل من الطرافة، كان من بينها لناشط يدعى "قاسمي جواد".

وذكر في منشوره الساخر أن الباندا يحضر في كل مرة الموز وتمر دقلة نور ومرة البرتقال بأقل الأسعار في الجزائر، وفي منطقة بابار عندنا أكثر من لص.

من أغرب العبارات التي يذكرها "الباندا" في معظم فيديوهاته: "نبيع بالخسارة وما نخسرش" (أبيع بالخسارة ولا أخسر)، وهي الجملة التي باتت مشهورة ويتداولها جزائريون في أحاديثهم سواء للدعابة أو للتحدي.

ورأى بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأن تلك العبارة "قانونا يعمل به الباندا"، والبعض فسر معناها بمعنى حديث الرسول الكريم في قوله "ما نقصت صدقة من مال".

فيما يعتقد آخرون بأن "الباندا" انتهج خطة تجارية ذكية تعتمد على شراء كميات كبيرة من الفواكه وغيرها من مصادرها الأصلية أي من الفلاحين، ويكون بذلك تاجر جملة ثم يبيعها بالقطعة مع بيعها بسعر الجملة.

"الباندا" تحول إلى ما يشبه "الأسطورة" بحسب تعليقات بعض الجزائريين عبر مواقع التواصل، فقد تعدت شهرته الأسواق ووصلت إلى استوديوهات التسجيل.

ونشر فنان محلي من محافظة وادي سوف يدعى الشاب صهيب زغدي، فيديو تضمن أغنية له بعنوان "الباندا حبيب الزوالي" ويظهر فيها الشاب "الباندا" وهو يرقص على إيقاع وكلمات الأغنية.