بغداد تحاول حل أزمة السير.. الدوام تغير والازدحام ثابت

يعمل علي الكعبي، 35 عاماً، سائق تاكسي بعد صعوبة العثور على أي عمل أو وظيفة عقب تخرجه من كلية الإدارة والاقتصاد.

ورغم الصعوبات التي تواجهه كسائق أجرة وسط ازدحام سير خانق وسط بغداد، إلا أن ذلك يوفّر له ولعائلته أبسط مستلزمات الحياة بما يحصل عليه من أجر، لاسيّما في أوقات ما بعد نهاية الدوام الرسمي وعند الليل.

يرى الكعبي أن رزقه شبه توقف بعد تطبيق القرار، إذ أصبحت الشوارع في جميع الأوقات مزدحمة بالمركبات، بخروج الموظفين والطلاب على أوقات متعاقبة تستمر حتى ساعات المساء.

وقال متذمراً إنه بدلاً من لجوء الحكومة إلى هذا الحل، كان الأحرى بها معالجة كثرة استيراد المركبات دون متانة أو مواصفات آمنة، أو صيانة الشوارع وفتح المغلق منها، أو حتى نقل بعض المؤسسات إلى خارج الحدود الإدارية للعاصمة، بدل تمركزها في قلب بغداد.

مجلس الوزراء العراقي كان أقرّ في جلسته المنعقدة بتاريخ 26 مارس الماضي، تغيير أوقات الدوام في وزارات ومؤسسات الدولة، ضمن إجراءاته لفك الاختناقات المرورية بشكل تجريبي لثلاثة أشهر، تبدأ من أول يوم بعد عطلة عيد الفطر، ثم يعاد تقييمها من قبل لجنة مختصة بعد انتهاء المدة المحددة للاستمرار بها أو إيقافها.

القرار ينصّ على تقسيم المؤسسات والوزارات الحكومية والجامعات إلى 4 أوقات متفاوتة، تبدأ من الساعة السابعة صباحاً، ثم تستمر تباعاً بفارق ساعة إلى العاشرة صباحاً وينتهي الدوام فيها تباعا بنفس الفارق الزمني لبدء الدوام.

لكن آراء العراقيين تباينت حول تلك الخطوة بين مؤيد ورافض.

المواطن علي الموسوي الذي يرى أن هذا القرار مستعجل، وقد يربك الشارع وأنه من الأنسب البحث عن حلول جديد كتوسعة الشوارع أو زيادة عدد الأنفاق أو نقل الدوائر الحكومية، تشجّع سرور الداوودي، وهي موظفة ولديها مركبة خاصة، هذا القرار، مشيرة إلى أنه مطروح منذ سنوات وسيتيح للموظفين الوصول والخروج سريعاً إلى عملهم والعكس إلى منازلهم، دون ضياع ساعات الانتظار في طريق الذهاب والعودة بوقت واحد.

رغم اعتبارهم القرار جزءاً من الحل لأزمة الازدحام العالقة منذ أكثر من عقدين، إلا أن مواطنين دعوا إلى تنظيم عمليات الاستيراد لحل تلك الأزمة.

يصبّ خزعل جاسب، وهو سائق حافلة، جام غضبه على ما يسميه بالاستيراد العشوائي للمركبات دون تخطيط، قائلاً: "لو فتحنا ألف طريق وتضع ألف خطة لتفاوت الدوام، لن يجدي ذلك نفعاً بالاستيراد المخيف للدراجات والمركبات، ولن يكون هناك حل إذا لم تضع الدولة قانوناً لتنظيم استيراد المركبات وفحص متانتها كما كان معمولاً به سابقاً".

جاسب أشار إلى أن الدولة تسمح باستيراد مركبات تعرضت لحوادث في أميركا ودول أخرى وهي بأسعار زهيدة، وكذلك تسمح باستيراد مركبات ذات هيكل سيئ وهذا كله جعل شوارع بغداد تختنق بالمركبات، وأصبحت أعدادها أكثر من أعداد الناس أنفسهم، كما يقول.

مختصون أشاروا إلى ضرورة اتخاذ خطوات إضافية كفتح باب التنقلات للموظفين للدوائر القريبة من محل سكنهم، أو الانتهاء من مشاريع النقل الجماعي المهمة، كالمترو والطريق الدائري الذي وعدت الحكومة بإنجازه حول بغداد، كما يقول الخبير الاقتصادي صفوان قصي.

ويقول إن الأنسب للحكومة فتح باب التنقل ما بين وزارة ووزارة أخرى، أو حتى داخل الوزارة نفسها بين دائرة وأخرى، تتيح للموظف الالتحاق للعمل بمكان قريب من محل إقامته، وفق المواقع الجغرافية لسكن الموظفين، باستثناء الكفاءات إلى جانب تسريع خطوات إنشاء المترو المعلن عنه منذ سنوات خلت، وفتح طرق كبيرة تحيط ببغداد تتيح للموظف اللجوء إليها بدل التكدّس في وسطها عند الخروج والدخول.

مديرية المرور العامة في العراق كانت قد أعلنت نهاية العام الماضي، أن عدد السيارات في العاصمة بغداد وحدها، تجاوز الطاقة الاستيعابية، حيث بلغ أكثر من 3.7 ملايين سيارة، بينما تبلغ القدرة الاستيعابية لشوارعها 400 ألف سيارة فقط كحد أقصى.

وأشارت المديرية إلى أن عدد السيارات في عموم العراق، باستثناء إقليم كردستان، يبلغ 7 ملايين سيارة، وهو ما زاد الضغط بشكل كبير على الطرق، وخاصة في العاصمة التي غابت عنها أي شوارع جديدة منذ 2003.