خطف وابتزاز.. مسلسل جرائم في لبنان من بطولة "تيك توكرز"

التفاصيل التي ظهرت حتى الآن، تُبيّن أن المتهمين استدرجوا الأطفال إلى فنادق بغية ابتزازهم بصور فاضحة لهم، فضلاً عن دفعهم لتعاطي المخدرات.

المعطيات هذه أكدتها مصادر قضائية لبنانية رفيعة المستوى لبلينكس، أشارت إلى أن التحقيقات كشفت عن انتهاكات جنسية بحق الأطفال، وتبين أن بعضهم تعرضوا للاغتصاب من قبل الشبكة التي تضم 26 شخصاً من بينهم "تيك توكر" شهير يمتلك صالونا لحلاقة الشعر.

المصادر عينها تقول أيضاً إن هذه الشبكة لم تستهدف الأطفال فحسب، بل كان نشاطها يتوسع لاستهداف الكبار بهدف "الابتزاز".

القضية التي برزت بقوة في لبنان خلال الساعات الماضية، دفعت بعائلات إلى منع الأطفال من استخدام "تيك توك" عبر الهواتف الذكية الخاصة بهم.

تقول سلمى حمية، أم لبنانية، 37 عاما، لبلينكس إنها منعت طفلها البالغ من العمر 10 سنوات من استخدام "تيك توك" بعدما سمعت بقضية توقيف الشبكة.

وتابعت "كان ابني يستخدم التطبيق يومياً لمتابعة الفيديوهات المختلفة، وكنت أفرض رقابة دائمة على هاتفه نظراً لوجود محتوى غريب يظهر بين الحين والآخر".

تشرح: "أما الآن، فالتيك توك بات ممنوعاً في المنزل، فما حصل خطير وبتنا نخشى على أطفالنا الوقوع في فخ هذا التطبيق".

من جهته، يروى محمد السيد، 43 عاماً، أن طفليه الصغيرين يشاهدان فيديوهات كوميدية على "تيك توك"، لكنه من الآن وصاعدا سيحذف التطبيق من هاتفيهما، ويضيف "القضية أرعبت الجميع وأصلا المجتمع بات في خطر بسبب التطبيقات غير المضبوطة والتي تفتقد إلى رقابة من قبل الأجهزة الرسمية".

وفي إحصاء سابق، نشرت جمعية حماية الحقوقية في لبنان بيانات تقول إن عدد الأطفال الذين تعرضوا للعنف خلال العام 2023 تجاوز 1932، مقابل 1858 عام 2022.

كذلك، تبين أن العنف ضد الأطفال في لبنان ارتفع إلى 29% عام 2022 مقابل 23% عام 2021.

ملف مخاطر "تيك توك" في لبنان لم ينحصر باستدراج أطفال لابتزازهم فحسب، فبعض مستخدمي التطبيق استغلوه في جرائم خطف أيضاً.

قبل أسبوعين، نشرت بلينكس تقريرا كشفت فيه تفاصيل عن سوري تعرض للخطف يدعى محمد عماد، وذلك بعدما أوهمته شبكة عبر "تيك توك" أنها ستساعده على الهجرة من لبنان باتجاه أوروبا.

وخلال شهر أكتوبر من العام 2023، حذرت القوى الأمنية في لبنان في بيان رسمي من عمليات خطف راح ضحيتها سوريين مقيمين في لبنان، وذلك من خلال حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي أبرزها "تيك توك".

وسبق أن أوقفت قوى الأمن الدّاخلي، بتواريخ مختلفة، أفراد شبكات وعصابات ينفّذون مثل هذه العمليات، ورغم البيانات التحذيرية والتوعوية التي أصدرتها هذه المديرية العامة، إلا أن هذه الحالات عادت لتظهر مؤخرا.

مصدر أمني رفيع المستوى قال لبلينكس إن قدرة ضبط "تيك توك" في لبنان ليست سهلة، مشيرا إلى أن الكثير من الحسابات على التطبيق المذكور باتت تروج لـ"الفلتان الأخلاقي"، ويضيف "لا قدرة فعلية لدينا على إغلاق التطبيق في لبنان، علما أن الخطورة الكبرى تتمحور في أن الذين يروجون للمحتوى السيئء هم من القاصرين".

في مقابل الأزمات وإساءة الاستخدام في جرائم، يعتبر لبنانيون أن المنصة تمنحهم فرصة لتحقيق بعض المكاسب المالية في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان.

شبان وفتيات تركوا أعمالهم وباتوا يستثمرون أوقاتهم لتصوير فيديوهات ونشرها عبر التطبيق.

الشاب الفلسطيني فادي معروف، 37 عاما، تحدث عبر بلينكس عن تجربته مع "تيك توك"، حيث يقوم بتصوير إعلانات وينشرها عبر حسابه.

معروف تخلى عن وظيفته في إحدى الشركات بقطاع الكهرباء، وتفرّغ لإعداد المحتوى البصري لتحقيق بعض الأرباح المالية التي يقول إنها تساعده كثيرا.

يتابع الشاب الذي يسكن في مدينة صيدا: "الوضع المعيشي دفعني إلى اعتماد تيك توك كمصدر أساسي للمال"، موضحا: "كنت أعمل بـ 300 دولار شهريا في السابق، لكنني الآن ومن خلال تيك توك، أستطيع تحصيل المبلغ نفسه خلال أيام قليلة".

يتابع: "الأساس هو أن تقوم بتقديم محتوى يرغبه الناس، وأن يكون بعيدا عن الإسفاف أو الابتذال، وما اكتشفته هو أن التيك توك يقربك من الآخرين ويمنحك شهرة ويساعدك ماليا في نفس الوقت".

بالنسبة لمعروف، فإن استخدامه لـ"تيك توك" ساهم في مساعدة مؤسسات كانت بحاجة للدعاية، يوضح: "أقوم بتصوير اعلانات لمطاعم صغيرة لقاء أسعار منخفضة، بينما هناك جهات تطلب مبالغ طائلة لقاء الترويج لتلك المرافق السياحية. من خلال هذه الخطوة، أقوم بإفادة الآخرين من جهة وأستفيد أيضاً من جهة أخرى".