طرابلس اللبنانية.. مدينة الحرف المنسية

بعد وفاة والدها، صانع أواني النحاس في طرابلس، قررت آمنة الطرطوسي مواصلة مسيرته، خاصة وأنها كانت تساعده منذ صغرها.

ورثت آمنة هذه الصناعة الفريدة عن والدها، وروت لـبلينكس عن تجربتها قائلة: "أحاول ملئ فراغه". فحصرت كل ما تعلمته من والدها في مصنعه الصغير، وعلمت بناتها المهنة أيضًا، حتى أصبحن يتقن النقش على الأواني النحاسية.

تبذل قصارى جهدها لإثبات ذاتها كونها المرأة الوحيدة في هذا المجال. على سبيل المثال، كان بعض الزبائن يسألون عن صاحب المحل، وعندما يكتشفون أنها هي وبناتها، لا يشترون وفقًا لقولها.

أما اليوم بنت لنفسها اسما في هذا المجال الذي يتطلب جهدا ووقتا طويلا، وذلك بمساعدة بناتها، رغم التحديات الاجتماعية والاقتصادية.

يبقى الرهان الأساسي، محاولة التغلب على الوضع الاقتصادي الهش الذي جعل من شراء أواني النحاس أمرا ثانويا، ما جعل مدخول آمنة يتراجع، كما حال معظم اللبنانيين عموما، وأهالي طرابلس خصوصا.

"أعمل في هذا المحل منذ ما يقارب الـ38 عاما، حتى أصبح الناس يتهاتفون من مختلف أنحاء العالم، لزيارتنا هنا في سوق الإسكافيين، لكن للسياحة فقط"، بهذا الحماس، عبر أبو عمر، من مدينة طرابلس، عن مهنته النادرة في هذه الأيام، لبلينكس.

في وقت سابق، كان بعض الناس، خاصة في طرابلس، يقصدون محل أبو عمر لصناعة أحذيتهم بدلا من شراء أحذية جديدة.

لكن مع مرور الأيام، لجأ الناس إلى شراء الأحذية، بحسب أوب عمر، الذي يضيف لبلينكس: "يشتري الجميع اليوم الأحذية الجاهزة بدلاً، وبالتالي عملنا اقتصر على بعض التصليحات".

مقابل الحماس، شعر أبو عمر ببعض من الحسرة، فأسف إلى الحال التي وصلت إليه هذه المهنة، لكن في الوقت نفسه أكد أنه "رغم كل هذه الظروف لا يمكنني القول إن هذه المهنة انقرضت، إنما ما زالت حية ولها رونقها وزبائنها حتى ولو بات عددهم قليل."

بينما يتجول السياح والأهالي في أسواق طرابلس القديمة، يستوقفهم عدد من "البسطات" الصغيرة، والتي تتميز ببيع المرطبات الباردة في فصل الصيف الحار شمالا.

تتنوع المرطبات، ولعّل أشهرها الخرنوب الطرابلسي، الذي لا يعرفه ولا يشربه سوى أهالي المدينة، لونه شبيه بعصير الرمان، وحتى أن البعض يبيعه بحوالي 50 ألف ليرة، (أقل من نصف دولار).

أما بوظة الليموناضة المكونة من عصير الحامض والقليل من السكر والثلج، يضعونها في أكواب بلاستيك، فهي أيضا نجمة فصل الصيف في طرابلس. وهذه المثلجات تنتشر في كافة أنحاء المدينة، من الشوارع إلى الأزقة.