كيف يؤثر انخفاض معدلات الولادة على الاقتصاد العالمي؟

بينما تنخفض معدلات الخصوبة حول العالم بشكل تدريجي، تجد أكبر الاقتصادات نفسها على شفا المستوى الإحلالي للخصوبة لأن معدل الإنجاب بها انخفض إلى 1.5 طفل لكل امرأة عام 2022.

ويعتبر هذا المعدل متدنيا جدا عن مستوى الإحلال الذي تنصح منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بألا يقل عن 2.1 طفل لكل امرأة للحفاظ على العدد الثابت للسكان وتفادي تجاوز نسبة الوفيات لنسبة الولادات.

دراسة نشرتها جامعة نيو هامبشير الأميركية تفيد بأن معدل الوفيات خلال العقد الأول من القرن 21 يفوق معدل الولادات في 58٪ من المقاطعات في دول مثل ألمانيا والمجر وكرواتيا ورومانيا وبلغاريا وجمهورية التشيك والسويد وإيطاليا والبرتغال واليونان ودول البلطيق.

يقلل انخفاض معدلات الخصوبة من عدد الأفراد المؤهلين لدخول سوق العمل على المدى البعيد، مما يدفع الشركات التنافس على عدد أقل من الموظفين كما يشجع الموظفين التفاوض على أجور أعلى ما يؤدي في النهاية إلى التضخم.

كما يتسبب انخفاض الولادات في اختلال نسب الأشخاص العاملين والمتقاعدين. ففي ستينيات القرن الماضي، كان هناك 6 أشخاص في سن العمل مقابل كل متقاعد، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي. أما اليوم، فقد انخفض هذا العدد إلى 3، ومن المتوقع أن ينخفض إلى شخصين مقابل متقاعد واحد بحلول عام 2035.

وباقتراب عدد الأشخاص العاملين من الأشخاص المتقاعدين، تتعرض البرامج الحكومية المخصصة لرعاية السكان المسنين للإرهاق والضغط كما تستنفد أموال الضمان الاجتماعي لتسديد أجور المتقاعدين.

بات موضوع انخفاض الولادات يشغل الوسائل الإعلامية وشخصيات بارزة حول العالم مثل مالك شركة سيارات تسلا، إيلون ماسك، الذي أنجب 12 طفلا إلى اليوم.

حذر ماسك أن انخفاض الولادات سيؤدي إلى زوال الحضارات "ليس بضجة وإنما بأنين في حفاضات الكبار". وما يقصده مالك منصة إكس هو أن النهاية لن تكون دراماتيكية أو كارثية، وإنما بطيئة مع تقدم السكان في السن، مما سيؤدي إلى مستقبل يوجد به المزيد من كبار السن الذين يحتاجون إلى الرعاية.

من جهتهم، لاحظ عمالقة صناعة الحفاضات ومسحوق حليب الأطفال انخفاضا في مبيعات منتجاتهم ما جعلهم يحولون صناعة حفاظات الأطفال إلى حفاظات المسنين، وصناعة مسحوق الحليب إلى صناعة المكملات الغذائية لكبار السن.

يشير تقرير للأمم المتحدة أن فرنسا من بين الدول القليلة التي تنخفض فيها الولادات بشكل كبير، ومع ذلك تقوم الحكومات المتعاقبة بالتطرق إلى الوضع من خلال تقديم مساعدات مختلفة لتشجيع الأسر على إنجاب المزيد من الأطفال.

في 2004، مثلا، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي، جان بيير رافاران، أنه سيتم منح مكافأة قدرها 800 يورو للأمهات عن كل طفل، وفقا للمؤسسة الأوروبية لتحسين ظروف المعيشة والعمل.

وفي يناير 2024، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن خطة لإعادة التسليح الديموغرافي في بلاده من خلال اختبار الخصوبة وزيادة إجازات الوالدين، حسب صحيفة لوموند.

في الجهة الأخرى من المحيط، وعد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، بأنه إذا تم انتخابه، سيدعم "مكافآت الأطفال" لتحفيز الزيادة في معدلات الولادة في الولايات المتحدة. وذهب إلى أبعد من ذلك عند تصريحه بدعم الأزواج في الوصول إلى التلقيح في المختبر عندما يكون الحمل عسيرا، حسب موقع بوبليك برودكاستنغ سيرفيس.