"تمهيد طريق الحياة" مؤسسة مصرية تسير عكس التيار

"هوسبيس" (Hospice) هو مفهوم عالمي لرعاية المرضى رعاية شاملة في المراحل المتأخرة من العلاج، الرعاية تشمل رعاية طبية وتمريضية ونفسية واجتماعية ومادية للمريض وأسرته.

ونقلت مؤسسة هوسبيس مصر هذا المفهوم للقاهرة الكبرى منذ ما يزيد على عقد من الزمن.

ووقعت المؤسسة العديد من بروتوكولات التعاون مع جهات حكومية وخيرية تقدم العلاج للمرضى البالغين مثل معهد الأورام ومستشفى الحسين الجامعي ومؤسسة بهية وكلية طب عين شمس.

وتحكي رانيا حسين مساعدة مدير عام المؤسسة لـبلينكس إنهم "يسيرون عكس التيار"، وتضيف: "عادة المؤسسات الخيرية تهتم بالمرضى الذين لديهم فرصة للتعافي لكن نحن نعمل مع المرضى الذين لا يملكون أملا في الشفاء".

وتقوم المؤسسة على التبرعات المادية من المنظمات والشركات والأفراد وأيضا التبرع العيني مثل الطعام والملابس وتخفيضات على بعض الأجهزة.

أولا، الخدمة الطبية والتمريضية وهي عبارة عن زيارات منزلية من أطباء بتخصصات مختلفة، وتوضح رانيا أن هدف المؤسسة ليس التعامل مع المرض ولكن الأعراض الجانبية المصاحبة له أو للعلاج.

وتقدم هوسبيس الدعم النفسي سواء للمريض أو للأسرة من خلال طبيب أو أخصائي أمراض نفسية، وتشير رانيا إلى أن بعض المرضى قد يصابون بأعراض اكتئاب أو توتر وفي بعض الأحيان يصل الأمر للانتحار بسبب اليأس من العلاج والتخلص من الألم.

ولذلك افتتحت المؤسسة عيادة للدعم النفسي في معهد الأورام، ٣ أيام في الأسبوع. أما عن الدعم الاجتماعي، تساعد المؤسسة الأسرة في حياة المريض أو بعد وفاته، ولو كان المريض هو العائل الوحيد لأسرته، تقدم هوسبيس مصر مشاريع متناهية الصغر لأكبر الأبناء أو للزوجة حتى تضمن للأسرة دخلا ثابتا وحياة كريمة حتى بعد وفاة المريض.

وتحرص المؤسسة على تنفيذ تلك المشاريع في حياة المريض حتى يطمئن على أسرته، وتتحسن حالته النفسية.

ومن ضمن المواقف الإيجابية التي حققتها المؤسسة مع أهالي المرضى، كانت حالة باعت ابنتها كل الأجهزة الإلكترونية التي اشترتها من أجل الزواج لعلاج والدتها، لترد المؤسسة بمفاجأة شراء الأجهزة مرة أخرى، حتى تفرح الأم وتطمئن على مستقبل ابنتها.

وتحكي مساعدة مديرعام المؤسسة إن المتطوعين يخضعون لاختبار نفسي قبل الانضمام لضمان ثباتهم النفسي قبل التعامل مع الحالات. وبعد ذلك تأتي مرحلة التدريب، والتي يمكن أن تستمر شهرين أو ٣ أشهر، يتدرب المتطوع خلالها على كيفية التعامل مع المريض وأسرته في المراحل المتأخرة من المرض.

ويتكون التدريب من جزء نظري من خلال محاضرات وأخر عملي من خلال مصاحبة أحد المتطوعين خلال الزيارات المنزلية. ويبدأ المتطوع المشاركة الفعلية حين تتأكد المؤسسة أنه يستطيع الفصل بين التعامل مع المرضى في المنزل وحياته الخاصة.

وتشير رانيا إلى ضرورة ضمان سلامة المتطوع النفسية حتى يصبح قادرا على العطاء، وتضيف: "من بين هؤلاء المتطوعين، أوديت فرانسيس التي بدأت العمل التطوعي مع المؤسسة منذ نحو 3 سنوات".

أوديت، صيدلانية تحاول مساعدة المرضى في حدود خبرتها الطبية، أرادت أن تكون خدمة الآخرين جزء من حياتها، وترى أن العمل التطوعي ينمي الإنسان. وخلال تطوعها مع المؤسسة، رأت أوديت الكثير من المرضى الذين لديهم القدرة على تحمل الألم برضا وفرح.

وتحكي أوديت إنها مؤمنة برسالة المؤسسة وأن أي شخص يستحق أن يعيش بطريقة كريمة حتى آخر يوم في عمره. وإيمان أوديت بهذا المبدأ هو ما يدفعها للاستمرار ويريح ضميرها.

وأضافت: "حين أرى أنني عملت كل ما بوسعي وعملت على تلبية احتياجات المريض في الوقت المتبقي من حياته، هذا ما يجعلني مستعدة لخدمة مرضى آخرين".