ديدو الجزائري.. تسعيني يحارب الزهايمر بذكرى زوجته الراحلة

كُتب عن ديدو الجزائري الكثير في مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية، لكن عند زيارته بأعالي حي القصبة التاريخي العتيق في الجزائر العاصمة، الجميع يعرفه وبمجرد أن سألنا طفلا صغيرا عن مكانه دلّنا عليه، الكل يقول إنه ليس مجرد مواطن عادي، بل "معلم تاريخي يقطن بمعلم تاريخي".

وجدته بلينكس بمحاذاة العمارة التي يقطن بها، وحيدا كعادته، رحب بنا دون أن يسأل عن أي تفاصيل أخرى، ظهر أنه يملك روح الدعابة، وراح مباشرة يسرد نكتاً من زمانه، ورغم أنه من مواليد 1929، وطاعن في السن لكن روحه أكثر شبابية.

دعانا لدخول منزله، وفي ذلك الحين قدم فوج سياحي من فرنسا برفقة مرشد سياحي جزائري، قاصدين مدخل العمارة، والمرشد يُعرِّف السياح بديدو، وهو يقول "هذا الرجل معلمٌ هنا بالقصبة".

ذُهل هؤلاء السياح عند دخولهم العمارة، فقد وجدوا "متحفاً" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد صنع ديدو ديكورا خاصاً بنفسه من سقفه إلى غاية جدرانه، ثم وضع عليها صورا له مع زوجته بالأبيض والأسود وأخرى بنية اللون، وبعضها له مع عمالقة الفن الشعبي الجزائري مثل دحمان الحراشي الذي كان صديقه المقرب، وهو من لقبه بديدو.

في منزل ديدو واسمه الحقيقي رمضان بوثرية أو "قلعة حبه"، شرفتها علّق عليها علم الجزائر، مكونة من غرفتين اثنتين ومطبخ صغير، وأول ما يقابل الداخل إليه ذلك الديكور الفريد من نوعه، وتلك الصور التي تعيد إلى زمن الأبيض والأسود.

لم يكتف ديدو بتزيين مدخل العمارة، فقد كان منزله أيضا "متحفاً في غاية الغرابة والجمال"، وكأنه "مغارة من ذلك الزمن مزينة بالأصداف والرخام والصور القديمة".

راح ديدو يُخرج من خزانة المنزل مجموعة من الألبومات لصور تجمعه مع زوجته في مختلف المناسبات وأخرى له مع أصدقائه الراحلين أيضا، ومن حين لآخر يغني واحدة من أغاني صديقه الراحل دحمان الحراشي صاحب أغنية "يا الرايح وين مسافر".

كان ديدو يعيش حياة أقل ما يقال عنها إنها سعيدة مع زوجته الراحلة إلى درجة أنه أوصى معارفه بأن يدفن بجوارها كما قال لبلينكس.

قبل أن يفاجئنا بكشفه عن واحد من أسرار حياته مع زوجته، فقد كان "سيء الطبع معها ومتقلب المزاج"، وقال بنبرة مليئة بالندم: "تحملتني المسكينة 42 سنة كاملة"، فقد كانت هي الأخرى تعشق زوجها، رغم أنها لم تسمع منه كلمة حب واحدة وهو الذي كان يعشقها بصمت في حياتها وبصوت عالٍ في مماتها.

وعن سبب تلك الطباع يحكي: "لم أكن أتحكم بها، فقد كان سببها رغبتي في أن يكون لي أبناء منها.. لم تكن قادرة على الإنجاب.. كنت أعيش صراعاً داخلياً بين حبي لها وأمنيتي في أن أكون أباً.. لم أتمكن من الزواج عليها لعشقي الذي لم أبوح به لها، ولم أتمكن من تجريب مشاعر الأبوة".

سألته بلينكس عن من يعتني به، اعتقدنا أنه يعيش لوحده، وإذا به تزوج منذ 4 سنوات، لم تكن حينها زوجته الجديدة في المنزل، فقد كانت في زيارة لعائلتها.

عدنا لسؤاله عن موقفها من صور زوجته الراحلة التي تملأ مدخل العمارة وتحيط بكل جدران المنزل، فاجأنا بالقول: "كان هذا شرطي الوحيد عند الزواج بها، تقبلت الأمر، بل وتعتني مثلي بهذه الصور، تمسحها من الغبار يومياً، وتعتني بها مثلي تماماً، لقد احترمت مشاعري".