"التخلص من الحشو".. إلى أين يتجه التعليم في مصر؟

وفي حديث مع بلينكس قال الدكتور إبراهيم التداوي وكيل وزارة التربية والتعليم في مصر إن القرارات الجديدة "ثورية" وتعتمد على الاكتشاف بدلا من الحفظ والتلقين، مشيرا إلى أنها تخفف الأعباء من على كاهل الأسرة المصرية.

وأشار التداوي الذي عمل وكيلا لوزارة التعليم في محافظات البحيرة ودمياط وشمال سيناء والوادي الجديد، إلى أن تخفيض عدد المواد في الثانوية العامة، سيحد من ظاهرة "الحشو".

وأضاف التداوي: "المناهج الجديدة ستكون مركزة أكثر، وتعتمد على المعلومات المهمة بدلا من حشو الكتب الدراسية بأشياء غير مهمة يدرسها الطلاب، وسيؤدي ذلك إلى تجربة مميزة في العام الدراسي الجديد".

وكان محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم قد أشار في المؤتمر الصحفي أن إعادة تصميم المناهج جاءت بعد حوار مجتمعي مع الخبراء والمعلمين ومديري الإدارات التعليمية ومجلس الأمناء والآباء والمعلمين.

وشدد عبد اللطيف على ضرورة تأصيل دراسة تاريخ مصر للتأكيد على الهوية الوطنية، وإكساب الطلاب المهارات اللازمة لسوق العمل، من أجل إعداد أجيال قادرة على إفادة المجتمع.

أعلنت وزارة التربية والتعليم تغيير نظام الثانوية العامة في مصر، ودمج مادتي الكيمياء والفيزياء في مادة "العلوم المتكاملة"، وخروج بعض المواد من المجموع الكلي للطلاب، مثل اللغة الأجنبية الثانية والجيولوجيا وعلم النفس.

وبعد دمج واستبعاد بعض المواد، تقلص عدد المواد المدروسة في الصف الأول الثانوي إلى 6 مواد فقط بدلا من 10 في النظام المعمول به في العام الدراسي الماضي 2023-2024، وهي "اللغة العربية، اللغة الأجنبية الأولى، التاريخ، الرياضيات، العلوم المتكاملة، الفلسفة والمنطق".

ودُمجت كل مواد الرياضيات في مادة واحدة فقط، بالصف الثاني الثانوي العلمي، ليصبح العدد 6 مواد بدلا من 8 في العام الدراسي الفائت، وهي "اللغة العربية - اللغة الأجنبية الأولى - الرياضيات - الأحياء - الكيمياء - الفيزياء"، مع إضافة مادة التاريخ بدلا من الأحياء في العامين الدراسين التاليين للعام المقبل 2024-2025.

أما الصف الثاني الثانوي الأدبي، فتقلصت عدد مواده الدراسية إلى 6 مواد فقط، وهي "اللغة العربية – اللغة الأجنبية الأولى – التاريخ – الجغرافيا- علم النفس – الرياضيات"، وفقا لبيان الوزارة.

وانخفض عدد مواد الشعبة العلمية "علوم" في الصف الثالث الثانوي إلى 6 مواد بدلا من 7، لتصبح كالتالي "اللغة العربية - اللغة الأجنبية الأولى - الرياضيات - الكيمياء - الفيزياء"، بينما مواد الشعبة العلمية "رياضيات" تقلصت إلى 5 مواد فقط بدلا من 7 وهي، "اللغة العربية - اللغة الأجنبية الأولى - الأحياء - الكيمياء - الفيزياء".

وجاءت مواد الصف الثالث الثانوي الأدبي كالتالي، "اللغة العربية - اللغة الأجنبية الأولى - التاريخ - الجغرافيا - الإحصاء"، بعد تخفيضها من 7 مواد إلى 5 فقط، وتركيز المناهج وزيادة عدد ساعات الدراسة.

وقالت وزارة التربية والتعليم في بيان رسمي أن مميزات إعادة هيكلة النظام الجديد للتعليم في مصر، تتلخص في التركيز على إتقان لغة أجنبية واحدة، والتأكيد على الهوية الوطنية بدراسة معمقة للتاريخ المصري، وتضمين الموضوعات القومية بالمناهج، وإنشاء أنشطة تدريس البرمجة لطلاب الثانوية العامة بداية من العام الدراسي 2026-2027.

وتعاني مصر من الكثافة الكبيرة للطلاب في المدارس، الأمر الذي دفع الوزارة إلى تطبيق نموذج "الفصل المتحرك"، وتحويل مرحلة الثانوية العامة إلى فترة الدراسة المسائية، للاستفادة من أبنيتها التعليمية صباحا لخدمة المرحلة الإعدادية، واستغلال المدارس الإعدادية لخدمة الابتدائية.

وقالت الوزارة إن التجربة ستسفر مبدئيا عن تخفيض متوسط الكثافة في محافظة القليوبية من 69 طالبا في كل فصل إلى 40 طالبا فقط، وستتغير الأرقام في كل محافظة وفقا لكثافتها الطلابية وأعداد المدارس والفصول بها.

وعلق خبير التعليم إبراهيم التداوي قائلا: "سعدت بالحلول غير التقليدية لمواجهة أزمة الكثافة، أعتبر أن هذه القرارات ثورية وجريئة، وتهدف إلى استغلال كل الفراغات في المدارس".

وواصل التداوي: "مثلما نواجه مشكلة في الكثافة، كانت لدينا مشكلة أخرى في غياب الطلاب خاصة في مرحلة الصف الثالث الإعدادي والصف الثالث الثانوي، لكن قرارات الوزارة الجديدة ستكون عامل جذب لحضور الطلاب وخفض نسبة الغياب".

وأردف: "غياب الطلاب عن المدارس، سواء كان للكثافة أو لأسباب أخرى، خلق فجوة بين الطالب ومُعلمه، لقد كنا دائما نعتبر المعلم هو قدوتنا عندما كنا صغارا، ويجب أن يشعر الطلاب الحاليين بالأمر ذاته، لتطبيق المُثل العليا وتحقق الدور التربوي للمدرسة، ولن يتحقق ذلك بالغياب المستمر".

وأشار إبراهيم التداوي إلى أن "الوزارة ستتعاون مع إدارة الأزهر الشريف، من أجل استغلال الأبنية التعليمية للمعاهد الأزهرية لتخفيف الكثافة الطلابية في المدارس التابعة للوزارة".

كما لجأت الوزارة إلى قرار الاستعانة بخدمات 50 ألف مُعلم "بالقطعة" فيما يُعرف بنظام الحصة، وهو الأمر الذي اعتبره التداوي حلا طال انتظاره، مضيفا: "كان يحدث ذلك من قبل من خلال جرأة وكيل وزارة يتخذ هذا القرار بشكل فردي، لكن الآن تم التعميم بشكل رسمي على كافة محافظات الجمهورية، وهو حلا ذكيا لسد عجز نقص المعلمين".