"ريما" السورية تنتظر "ورقة مصرية" لدخول المدرسة

بفارغ الصبر كان ينتظر مازن وصول ابنته ريما إلى سن الدراسة ليتمكن من إلحاقها بالمدرسة. وصل مازن إلى مصر في عام 2013، ووُلد أبناؤه الثلاثة على أراضيها، لكنه لا يمتلك إقامة سارية أو حتى بطاقة لجوء إنساني.

يشرح مازن لبلينكس إجراءات الحصول على أوراق الإقامة، بالقول: "الطريقة معقدة للغاية وتحتاج للكثير من الأموال، خاصة وأن صلاحية جواز سفري انتهت منذ عامين ويحتاج تجديده إلى مبلغ كبير من المال أيضا يصل إلى 5 آلاف جنيه (نحو 100 دولار)".

يعمل مازن كفني كهرباء في مصر، ويقول إنه بالكاد يحصل على ما يكفي لإطعام عائلته. تقدم مازن قبل شهور للحصول على بطاقة طالب لجوء (البطاقة الصفراء) التي تصدرها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكنه حصل على موعد بعد نحو 6 أشهر، وبموجب هذه البطاقة، يمكن لمازن التقدم للحصول على إقامة سارية داخل مصر.

"ليس أمامي سوى الانتظار، لن تذهب ريما إلى المدرسة هذا العام".

قبل انتهاء جواز سفره، كان مازن يعيش في مصر بـ"إقامة دراسية"، وهي إقامة يحصل عليها الطلاب، أو أهالي الأطفال الذين يدرسون في المدارس المصرية، وهذا النوع من الإقامات، بالإضافة إلى الإقامة السياحية، هما الأكثر شيوعا بين السوريين المتواجدين في مصر.

الانتظار للحصول على بطاقة طالب اللجوء، ليس هو الانتظار الوحيد الذي يتعين على السوريين الراغبين في تقنين أوضاعهم مواجهته، فبعد الحصول على هذه البطاقة، يكون عليهم الانتظار مرة أخرى للحصول على إقامة داخل مصر، لمدد قد تتجاوز العام.

حصل عدنان، الطباخ السوري الذي يعيش في مصر، على بطاقة طالب اللجوء منذ عدة أعوام، لكن تسجيل أبنائه بالمدرسة لم يكن يحتاج إلى وثيقة "إقامة سارية"، يقول: "كنا نعامل معاملة المصريين".

الآن وبعد تعديل لائحة قبول الطلاب بالمدارس، لن يتمكن عدنان من تسجيله ابنته الصغرى في المدرسة هذا العام.

يقول لبلينكس إنه "حتى ومع وجود بطاقة اللجوء، عليّ تقديم وثيقة إقامة سارية، تقدمت للحصول عليها بالفعل لكن حصلت على الموعد في إدارة الجوازات المصرية في سبتمبر عام 2025".

يقول عدنان "نحاول إيجاد حلول مع مفوضية اللاجئين، لكن بسبب الأعداد الكبيرة التي تحاول تقنين أوضاعها الآن، الوضع صعب للغاية".

ويُقدر عدد السوريين المتواجدين في مصر بنحو مليون ونصف مليون شخص، بحسب منظمة الهجرة الدولية، مُسجل منهم نحو 154 ألف شخص فقط، كطالبي لجوء لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

التعديلات التي أقرتها وزارة التربية والتعليم المصرية في نوفمبر الماضي، على قواعد قبول الطلاب الوافدين بالمدارس المصرية، اشترطت وجود "إقامة سارية" لتسجيل أطفال في المدارس المصرية لأول مرة، بعد قرار سابق كان ينص على معاملة الطلاب من عدة جنسيات عربية، أبرزها السورية واليمنية والسودانية والأردنية معاملة المصريين، فيما يخص أوراق التسجيل والقبول والمصروفات الدراسية.

وتأتي هذه التعديلات في ظل توجه أوسع للحكومة المصرية، بتقنين أوضاع الأجانب والمقيمين على أراضيها، حيث أقرت الحكومة المصرية في أغسطس من العام الماضي قرارا يلزم كل الأجانب المقيمين في مصر بتقنين أوضاعهم، ودفع مبلغ مالي يقدر بألف دولار، أو سيتم إيقاف جميع الخدمات الحكومية المقدمة إليهم.

ومددت الحكومة المصرية مهلة تنفيذ هذا القرار عدة مرات خلال العام، ومن المقرر أن تنتهي المهلة في سبتمبر المقبل، ومن غير المعروف إذا سيتم تمديدها مرة أخرى.

وبحسب تصريحات سابقة لرئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، تستضيف مصر على أراضيها نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ، يكلفون خزينة الدولة نحو 10 مليارات دولار سنويا، كما تؤكد الدولة أن هذا القرار يهدف لتنظيم إقامة الأجانب في البلاد.

السبيل الآخر لمن يعجزون عن تقنين أوضاعهم وفق القرار الحكومي للاستمرار في الحصول على الخدمات الحكومية المصرية من تعليم وصحة وغيرها، هو تسجيل أنفسهم كطالبي لجوء لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وبحسب إحصائيات المفوضية، تضاعف عدد طالبي اللجوء لديها خلال العام الماضي من نحو 300 ألف شخص قبل اندلاع الحرب في السودان، إلى أكثر من 670 ألف شخص في يونيو الماضي، نصفهم تقريبا من السودانيين الذين نزحوا إلى مصر بعد الحرب.