نساء "تالوين" يرحبن بالخريف.. ماذا نعرف عن زعفران المغرب؟

فاطمة سيدة أخرى تعوّل على الزعفران الذي تجود به أرض تالوين لكسب قوت يومها. تستيقظ في مثل هذا الوقت من السنة عند الساعات الأولى للفجر، وتتوجه رفقة نساء المنطقة إلى حقول الزعفران التي يكسوها اللون البنفسجي.

وتنخرط السيدات بنشاط ودقة في عملية القطاف التي تستمر لحوالي أسبوعين. تقول فاطنة في حديثها مع بلينكس: "ننتظر هذا الشهر بفارغ الصبر"، مضيفة "يمكنني القول إن زهور الزعفران هذه أنقذتنا نحن النساء".

وتشرح السيدة أن هذه النبتة "السحرية" استطاعت أن تخلق لنساء المنطقة فرص عمل في إطار تعاونيات أو حتى بشكل فردي. هذا الكلام يؤكده هشام معاش، المهتم بمجال الزعفران في منطقة تالوين، لافتا إلى أن "70% من العاملين في زراعة وقطاف الزعفران هن نساء".

ويرى معاش أن للنساء دور مهم في دورة إنتاج الزعفران. ويحكي: "الجميع في تالوين يساهم في عملية القطاف إلا أن النساء يتقن ذلك بعناية ودقة بالغة".

يشرح معاش كيفية عملية قطف "الزعفران" الذي يُوصف بالذهب الأحمر نظراً لثمنه المرتفع، قائلا إنها تمر عبر 3 مراحل أساسية.

1. تبدأ دورة إنتاج الزعفران عبر زرع بصيلات الزعفران و سقيها، لتنطلق بعد تفتح زهرته عملية القطف التي تحدث عند شهر نوفمبر من كل سنة.
2. بعد قطف الزهور عند الساعات الأولى من الفجر، تفصل النساء بدقة بالغة خصلات الزعفران الأحمر الرقيقة عن زهرته البنفسجية اللون.
3. يلي ذلك تجفيف الشعيرات الحمراء الرقيقة التي تحمل "قيمة عالية"، وتصبح جاهزة لشق طريقها نحو الأسواق داخل المغرب وخارجه.

ويؤكد هشام معاش أن هذه النبتة ساهمت بشكل كبير في تنمية منطقة تالوين، حيث تشكل العمود الأساسي لاقتصادها. وبلغ إنتاج سلسلة الزعفران بالمغرب 1.7 طن خلال سنة 2023، وفق معطيات للمديرية الجهوية للفلاحة بمدينتي بني ملال وخنيفرة.

كما ارتفع عدد الفلاحين المغاربة المهتمين بهذا النوع من الزراعة إلى 1400 فلاح، موزعين على نحو 14 مجموعة.

لأن الزعفران يعد من أغلى التوابل في العالم، ليس من الغريب أن يباع في محلات بيع الذهب بالمغرب. ويعود ذلك أساسا لقيمته الغذائية الهامة، ولأن كميات كبيرة من الزهور لا تعطي إلا نسبة قليلة من الزعفران.

كما أن كل المراحل التي يمر بها إنتاج هذه المادة لا تعتمد على الآلات، بل على اليد العاملة أساسا، ما يرفع من تكلفته‫.‬ وعلى مر العصور، استخدمت شعيرات الزعفران كعلاج للعديد من الأمراض وفق الطب الشعبي في المغرب، لاحتوائه على مواد كيميائية تعمل كمضادات أكسدة تساعد على مقاومة العديد من الأمراض الجسدية والنفسية.

وبعيدا عن الاستعمالات العلاجية، يعتمد المطبخ المغربي على شعيرات الزعفران الحر بشكل كبير، إذ يضيف لونا ومذاقا فريدا إلى أشهى الأطباق التقليدية المغربية.