دخول سوق العمل وزيادة نسبة عمالة الأطفال في تركيا، أثر بشكل مباشر على التعليم، إذ تواجه الفئات الفقيرة والضعيفة صعوبات كبيرة في رعاية الأطفال ومساعدتهم على الدراسة.
وفي تقرير آخر حذرت "
يونيسيف" من صعود جيل جديد في تركيا محروم من التعليم، وبدأت في تفعيل جهودها لزيادة فرص الأطفال غير القادرين على تحمل نفقات التعليم.
وتقول رقية شاهين التركية البالغة 28 عاما، لوكالة "أسوشيتد برس"، إن لديها 4 أطفال "لا يأكلون الدجاج ولا يأكلون اللحوم، ويذهبون إلى المدرسة بأحذية ممزقة ومهترئة رغم الأمطار وبرودة الطقس".
ويظهر الحرمان الذي يعيشه الأطفال الفقراء في تركيا، في أحياء مثل "تارلاباسي" في إسطنبول، حيث تعيش عائلة شاهين، وعلى بعض دقائق سيرا على الأقدام من شارع الاستقلال، تتحول الحياة 180 درجة، إذ تزدهر السياحة هناك والمطاعم باهظة الثمن والأضواء الساطعة.
الطفل أتاكان شاهين البالغ 11 عاما، يقضي يومه بالعمل مع والده في البحث داخل حاويات القمامة على أشياء يمكن إعادة تدويرها من أجل بيعها بأسعار زهيدة تساعدهم بالكاد على توفير أقل ما يمكن من الاحتياجات اليومية.
ويعمل الأطفال الفقراء في إسطنبول، في العديد من الأعمال البسيطة، والتي من بينها بيع المناديل الورقية للمارة، والأقلام والأشياء الخفيفة حول المقاهي وفي الأسواق السياحية، ويظلون في عملهم حتى وقت متأخر من الليل.
وفي حالة أتاكان، فهو يعمل من أجل توفير ما يكفي لشراء الحد الأدنى من الغذاء، ومساعدة أسرته على إرسال أطفالها للمدارس لتعويض ما فاته هو شخصيا، بينما تظل هناك الكثير من الالتزامات الصعبة التي تواجه الأسرة، مثل توفير إيجار السكن وفواتير المرافق وغيرها من النفقات الأساسية.
أما رقية وأطفالها، فيحصلون على 6 آلاف ليرة شهريا، ما يعادل 173 دولارا أميركيا، من الرعاية الاجتماعية الحكومية للمساعدة في تغطية تكاليف المدرسة، لكنها تقول إن المبلغ بالكامل يذهب كإيجار للمنزل.
وتضيف رقية: "إبني يقول إن السماء تمطر وحذائه مبلل بالكامل، لكن ماذا أفعل، الدولة لا تساعدني، أعيش في هذه الغرفة وحدي مع أطفالي، من لدي غيرهم؟".
وتقول الباحثة والناشطة في مجال الفقر، هاجر فوجو إن "تركيا تربي جيلا ضائعا يضطر إلى ترك المدرسة من أجل العمل والحصول على الحد الأدنى من الأجور في أعمالهم".
لكن أتاكان لم يفقد الأمل رغم ذلك، ويقول إنه ما زال قادرا على الحلم، مضيفا: "أحلم بغرفتي الخاصة، أريد الذهاب إلى المدرسة بانتظام، أريد أن يكون كل شيء منظما".
وكشف الطفل التركي العامل من أجل مساعدة أسرته، عن أهم أحلامه قائلا: "أتمنى أن أصبح يوما ما لاعب كرة قدم، من أجل تغيير حياة أسرتي".