ترامب يدافع عن اليهود "ضد رغبتهم".. لماذا يرفضون "مشروع إستير"؟
كثرت في الأسابيع الأخيرة أعمال العنف الناجمة عن كراهية اليهود في الولايات المتحدة، وذلك مع هجوم على موظفين في سفارة إسرائيل في واشنطن وإلقاء زجاجات حارقة على تجمع في كولورادو كان يطالب بإعادة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة وتوتر شديد في الأحرام الجامعية.
لكن منظمات يهودية كبرى في الولايات المتحدة تعارض استراتيجية إدارة دونالد ترامب في معالجتها هذه القضية، على خلفية التوتر المرتبط بالحرب في غزة.
ونشر مركز هيريتدج فاونديشن المحافظ، والذي يقف وراء "مشروع 2025" أو خريطة الطريق لإصلاح الدولة الفيدرالية في عهد ترامب، في أكتوبر "مشروع إستير" وهو "استراتيجية وطنية لمكافحة معاداة السامية".
ويهدف مشروع إستير إلى "تفكيك" المنظمات المناهضة لإسرائيل والصهيونية أو تلك المؤيدة للفلسطينيين، التي تواجه اتهامات بأنها قد تكون جزءا من شبكة دعم لحماس، أو قد تكون "تسللت" إلى صفوف جامعات مثل كولومبيا وهارفارد.
ولمحاربة الأفراد والمؤسسات المرتبطين بهذه الشبكة المفترضة، يدعو مركز هيريتدج إلى إقالة أساتذة ومنع طلاب أجانب من دخول الأحرام الجامعية "وطرد" آخرين من الولايات المتحدة وحرمان الجامعات من التمويل العام.
واعتمدت إدارة ترامب بالفعل الكثير من هذه الإجراءات. روبرت غيرنواي أحد معدي "مشروع إستير" يقول لصحيفة نيويورك تايمز "ليس من قبيل الصدفة أن نكون دعونا إلى سلسلة الإجراءات هذه، وأنها تتحقق الآن".
"صوت يهودي" يتظاهر ضدّ الإبادة
بالمقابل، تقول ستيفاني فوكس مديرة منظمة Jewish Voice for Peace، التي تنظم الكثير من التظاهرات "لوقف الإبادة في غزة"، إن مشروع إستير يخط الطريق لإدارة ترامب من أجل تعديل القواعد القانونية التي من شأنها دفع أهداف حركته MAGA، جعل أميركا عظيمة مجددا.
وتنفي فوكس أن تكون منظمتها جزءا من شبكة دعم لحماس، كما يتهمها القائمون على "مشروع إستير". وتؤكد مديرة المنظمة ذات التوجهات اليسارية "هذا الأمر لا أساس له ومجرد هذيان ومثير للسخرية".
وفي حين يؤكد 89% من اليهود الأميركيين البالغ عددهم نحو 7.2 ملايين نسمة أنهم قلقون من معاداة السامية، يبدي 64% منهم معارضته للطريقة التي ينتهجها ترامب لمكافحتها، حسب ما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد Jewish Voters Resource Center، المتخصص في الناخبين اليهود الأميركيين.
مشروع لمكافحة معاداة السامية يهاجم طريقة الدفاع عن اليهود
في ذات السياق، يوضح كيفن راشلين أحد القائمين على "مشروع نيكسوس" وهو مبادرة لمكافحة معاداة السامية أن معاداة السامية موجودة في الأحرام الجامعية، لكن "القول إن محاربة معاداة السامية تتطلب استهداف التعليم العالي عبثي بالكامل".
يشدد راشلين على أن استراتيجية ترامب "لا تحمي اليهود" بل على العكس تسعى إلى "فصل" الأقلية اليهودية عن الآخرين وتتجاهل معاداة السامية في أوساط اليمين الأميركي.
ويؤكد "نحن اليهود نشعر بأمان أكبر عندما نكون متحالفين مع أقليات أخرى" مؤكدا أنه من الأفضل محاربة معاداة السامية من خلال التوعية، بدلا من استهداف مجموعات أو جامعات معينة.
يهود أميركيون "عالقون في المنتصف"
يرى الكاتب والصحافي إريك ألترمان أن "ما يجري اليوم في غزة يصعب كثيرا على اليهود الأميركيين ولا سيما الشباب منهم استيعابه. فثمة خط فاصل واضح جدا: كلما كان الشخص متقدما في السن كلما تعاطف مع إسرائيل، وكلما كان شابا كلما زاد التعاطف مع الفلسطينيين".
ويضيف لفرانس برس "غالبية اليهود الأميركيين ليسوا مناهضين للصهيونية لكنهم لا يؤيدون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولا الحرب في غزة. هم عالقون في المنتصف".
ويعتبر ألترمان أنه عندما يستهدف ترامب التعليم العالي، آخذا على الجامعات عدم حماية الطلاب اليهود، فهو "يسخّر" مسألة معاداة السامية "لتقويض" حرية التعبير.
في الأسابيع الأخيرة انتقدت 10 منظمات يهودية كبيرة إدارة ترامب بشدة رافضة ما أسمته بـ"الخيار المغلوط بين أمن اليهود والديمقراطية".
ومن بين هذه المنظمات، "الاتحاد من أجل الإصلاح اليهودي" برئاسة ديفيد سابرستين السفير الأميركي السابق للحريات الدينية وأحد أكثر الحاخامات نفوذا في الولايات المتحدة.
ويقول الحاخام والسفير السابق لفرانس برس إنه يقدر "اهتمام الحكومة الأميركية في ارتفاع حدة معاداة السامية" لكنه يعارض بشكل تام الهجمات على الجامعات ووسائل الإعلام ودولة القانون.
ويختم قائلا "للمفارقة، يهاجمون الهيئات الديمقراطية التي منحت اليهود حقوقا وحريات وفرصا تفوق كل ما حصلنا عليه خلال تاريخنا الممتد على 2600 سنة".