رياضات أخرى

تحلم بالذهب.. لاعبة تايكوندو سعودية إلى أولمبياد باريس

نشر

.

AFP

بدأت السعودية دنيا أبوطالب ممارسة التايكوندو مع الفتيان، في ظلّ عدم السماح للنساء بممارسة الرياضة آنذاك، لكنّ بطلة آسيا وأوّل سعودية على الإطلاق تتأهل للأولمبياد عبر التصفيات تحلم راهناً بالحصول على ميدالية ذهبية في ألعاب باريس.

وإذا حقّقت الفتاة المحجّبة السمراء هدفها، فستكون أوّل رياضية سعودية تحرز ميدالية على الإطلاق في الأولمبياد، بل ستبصم على الذهبية الأولى لبلادها.

لكنّ مشوار الفتاة صاحبة الابتسامة الواسعة التي تحظى حالياً بدعم واهتمام حكومي كبيرين، وتنتشر صورها على اللافتات في الشوارع، بدأ مع الصبيان، في ظلّ عدم السماح للسعوديات بممارسة الرياضة حتى سنوات قليلة مضت.

وقالت ابنة السابعة والعشرين لوكالة فرانس برس بعد أن انتهت من حصة تدريبية مسائية في أبها في جنوب غربي المملكة: "بدأت التايكوندو حين كنت في الثامنة من عمري ولم يكن هناك دعم مثل الآن".

بداية صعبة من جدّة

استرجعت دنيا البدايات الصعبة بابتسامة كبيرة، وقالت "كنت دائماً العب مع الصبيان في مركز أولاد أصلاً دون بنات.. كنت ألبس آيس كاب (غطاء للرأس) لأغطي شعري حتى لا يظهر انني بنت".

لاعبة التايكوندو السعودية دنيا أبو طالب في معسكر تدريبي في مدينة أبها بالمملكة - 9 يونيو 2024. AFP

وقالت الفتاة المتحدّرة من مدينة جدّة الساحلية بتحدٍ إنّ معاركة الرجال "ميّزتني وجعلتني قوية.. أنا أحب التحدي".

جاءت أول مشاركة لرياضية سعودية في الأولمبياد عبر لاعبة الجودو وجدان شهرخاني خلال دورة لندن 2012 وعبر دعوة خاصة، لكنّها خسرت بعد 82 ثانية فقط، فيما حلت سارة عطار أخيرة في تصفيات سباق 800 متر عدو.

ومنذ أن أصبح الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولياً للعهد في 2017، خفّفت السعودية من حدة القيود المفروضة على النساء، فسمحت لهن بقيادة السيارات وشجعتهن على العمل في مختلف القطاعات.

ورفعت السلطات حظراً على دخول النساء لملاعب كرة القدم وأطلقت دوري كرة القدم للسيدات ومنتخباً وطنياً نسائياً.

واستفادت أبوطالب من هذه الإصلاحات الاجتماعية، فنالت دعماً كبيراً من الاتحاد المحلي للعبة.

أول ذهبية في مسيرة دنيا أبوطالب

انطلقت اللاعبة الحائزة على إجازة في الحقوق والتي لم تمارس مهنة المحاماة أيضاً، لتحصد أوّل ذهبية على الإطلاق للاعبات السعوديات في البطولة العربية في الإمارات في فبراير 2020.

لاعبة التايكوندو السعودية دنيا أبوطالب في معسكر تدريبي في مدينة أبها بالمملكة - 9 يونيو 2024. AFP

ورغم إخفاقها في التأهل لأولمبياد طوكيو صيف 2021، فإنها تمكّنت من تحقيق برونزية وزن 53 كغم في بطولة آسيا 2022، وبرونزية وزن 49 كغم ببطولة العالم في المكسيك في العام ذاته.

وفي مارس الفائت، باتت أبوطالب أوّل سعودية على الإطلاق تتأهل للأولمبياد عبر التصفيات، قبل أنّ تتوج بذهبية بطولة آسيا 2024، الأولى للتايكوندو السعودي على الإطلاق، وهي نتائج سمحت لها بالصعود إلى المركز الرابع عالمياً في وزن 53 كغم.

وقرب لافتة كبيرة تحمل صورتها داخل صالة التايكوندو في أبها، قالت أبوطالب: "منذ البداية كنت أحلم بأنّ أكون بطلة للعالم وأشارك في الأولمبياد وأفوز بالذهب".

تاريخياً، اكتفى الرياضيون السعوديون بأربع ميداليات أولمبية: بينها فضيتان وبرونزيتان، وكلها للرجال.

المدرّب الروسي قربان بوغداييف: تؤمن بنفسها دائما

تطمح المملكة العربية السعودية لأن تصبح قوّة رياضية عالمية، لذا فإنها استقطبت نجوم كرة قدم عالميين يتقدّمهم البرتغالي كريستيانو رونالدو والبرازيلي نيمار، وهي الوحيدة المرشحة لاستضافة مونديال 2034 لكرة القدم، مع استضافتها كأس آسيا 2027 ودورة الألعاب الآسيوية 2034.

كما تعد استضافة الأولمبياد "مبتغاها"، على ما أفاد وزير الرياضة السعودي الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل لفرانس برس في 2022.

لاعبة التايكوندو السعودية دنيا أبوطالب ولاعبات من 6 دول أخرى في معسكر تدريبي في مدينة أبها بالمملكة - 9 يونيو 2024. AFP

ورغم ممارستها لعبة فردية غير شعبية، فقد نالت أبوطالب اهتماماً حكومياً كبيراً يتوافق مع الاهتمام بالنساء أخيراً في المملكة، إذ استقطبت السعودية المدرّب الروسي قربان بوغداييف، الذي قاد التونسي محمد الجندوبي لفضية أولمبياد طوكيو، للإشراف عليها منذ نهاية 2021.

وأفاد بوغداييف لفرانس برس: "المرّة الأولى التي رأيت فيها دنيا كان مستواها منخفضًا لكني رأيتها متحمّسة للنمو وتحقيق إنجاز"، وبالطبع لم يكن يتوقع حينها تأهلها للأولمبياد.

وأشاد إلى أنها "تتدرّب بقوّة وتؤمن بنفسها دائمًا وتثق بما يمكنها فعله".

وفي بداية يونيو الحالي، نظّم الاتحاد السعودي للتايكوندو دورة تدريبية في أبها استمرت 10 أيام وضمّت 24 لاعباً من 6 دول بينهم لاعبان تأهلا للأولمبياد من الغابون وفلسطين.

ولنحو ساعتين أدّت أبوطالب تدريبات للياقة وأخرى قتالية، مرتدية خوذة رأس زرقاء ووسادة ركل متفادية برشاقة لافتة ضربات لاعبة روسية وأخرى من أوزبكستان.

وقال رئيس اتحاد التايكوندو السعودي شداد العمري إنّ "إعداد بطل أولمبي يحتاج سنوات طويلة وهو مشروع دولة"، مشيراً إلى أنّ أبوطالب تطوّرت خلال فترة قصيرة من "لاعبة غير مصنّفة للاعبة قرب قمة التصنيف".

وبالنسبة لمدرّبها الروسي فإنّ أهم شيء قبل الأولمبياد هو "إعداد الصحة الذهنية والنفسية والسيطرة على الضغوطات"، مشيداً بـ"القوّة الذهنية" للاعبته.

وتدرك أبوطالب تماما هذه الضغوطات لكنها تصمّم "أنا مرتاحة" و"كل تركيزي في التدريب"، مضيفة: "كأوّل امرأة سعودية تتأهل للأولمبياد وصلت لمرحلة قاتل أو مقتول.. وصلت إلى مكان يجب أن أحقق فيه إنجازاً".

وتابعت بإصرار: "أدرك أنّ كل آمال السعوديين عليّ، وهذا شيء يُحفّز لكن يضغط على اللاعب.. وأعتقد أتني باذن الله سأحقق شيئاً كبيراً".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة