رياضات أخرى

ضريبة المتعة.. ماذا نعرف عن اكتئاب ما بعد الأولمبياد؟

نشر
blinx

تعد الإصابة باكتئاب ما بعد دورات الألعاب الأولمبية موضوعا محظورا الحديث فيه بالنسبة لبعض الرياضيين، الذين يفضل الكثير منهم التكتم على مثل تلك المواقف عند حدوثها.

ووفقا لخبراء، فإن هناك عددا كبيرا من حالات الاكتئاب التي لم يتم الإبلاغ عنها تحدث بين المشاركين في دورات الألعاب الأولمبية عقب انتهاء المنافسات، ويكون السبب في كثير منها الإرهاق الذي يشعرون به بعد المشاركة في تلك الفعاليات الشاقة.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن عالمة النفس ماريون سوبريزيو، أن "الأمر مثل النموذج الشهير قمة جبل الجليد.. نرى قِلة من الناس يتحدثون عنه، لكنك لا ترى الأغلبية".

وأشارت سوبريزيو، الخبيرة بالجامعة الرياضية الألمانية في مدينة كولونيا، إلى أن هناك العديد من الخيارات التي يمكن أن تساعد في منع الأفراد من السقوط في مثل هذه الحالات بعد الأولمبياد.

طرق للوقاية

أوضحت سولبريزيو أن "علم النفس وعلم النفس الرياضي يقدمان الكثير من الطرق من أجل القيام بعمل وقائي تجاه تلك الحالات من الاكتئاب.. ومن المهم للرياضيين أن يجهزوا عقليتهم لما هو قادم بعد هذا الحدث".

وكشفت العالمة أن "البرامج موجودة بالفعل، غير أن الاستخدام ليس مثالياً بعد، لكن هناك مجالا للتحسن، عبر وضع إطار وقائي أو علاجي من أجل تجنب أي تفاقمات للأمور.

موضوع محظور

يتحدث الرياضيون بصورة متزايدة عن مشاكلهم الذهنية بعد دورات الألعاب الأولمبية، لكن ربما لا يفصح الكثيرون منهم عن تلك المشاكل.

أوضحت سولبريزيو أن: "الإصابة بالاكتئاب بعد الألعاب الأولمبية موضوع محظور بالنسبة للعديد من الرياضيين، لكن هذا هو الحال مع كثير من الأمراض العقلية، حيث يشعر الكثيرون بالخوف الشديد من هذه الوصمة".

وانتبه الجمهور لهذه المسألة عندما تحدث أسطورة السباحة الأميركية مايكل فيلبس عن معاناته من الاكتئاب بعد انتهاء مشاركته في كل دورة أولمبية، بدءا من ألعاب أثينا عام 2004.

الاكتئاب للجميع

مع إعلان نجم كبير بحجم فيلبس معاناته من الإصابة بالاكتئاب، فهو يكشف أن كبار الرياضيين في العالم لم يكونوا بمنأى عن التأثر ذهنيا بعد انتهاء مشاركاتهم في الدورات الأولمبية، لكن يبدو أيضا أن الرياضيين قليلي الخبرة هم الأكثر عرضة للخطر.

وقال أولي ناب، مدرب الألمانية ماليكا ميهامبو، لاعبة الوثب الطويل في منافسات ألعاب القوى: "يقع الرياضيون الذين يخوضون منافسات الألعاب الأولمبية لأول مرة في فخ سريع للغاية".

وأشار ناب: "يدرك الرياضيون الأكثر خبرة ما يمكن توقعه، في حين أن اللاعبين الصاعدين غالبا ما يشعرون بالإرهاق الشديد بسبب الحدث الضخم الذي يمثله الأولمبياد".

صدمة عقلية بسبب الفراغ

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تصريحات للاعبة السباحة الإيقاعية الأسترالية ميريام جيليز تتحدث فيها عن شعورها بتلك الحالة قائلة: ""أتذكر أنني جلست على الأريكة وشعرت بالخدر لعدة أيام بينما أتساءل: ماذا حدث؟.. شعرت بالذهول.. لقد عدت فجأة إلى الواقع، واضطررت إلى إعادة التكيف مع ما هو طبيعي".

وأشارت الهيئة إلى أن الرياضيين لا يتفاجأون عندما يتدفق الأدرينالين في أجسامهم بقوة فور الوصول للألعاب والاستعداد للمنافسات على أكبر مسرح رياضي في العالم، لكن الصادم للكثيرين منهم هو مدى قوة الصدمة العقلية التي يتعرضون لها فور انتهاء الدورات، وهي الظاهرة المعروفة باسم "كآبة ما بعد الأولمبياد".

وأوضحت ميريام أن أحد أسباب شعورها بالفراغ الشديد هو انتهاء برنامج تدريبها المكثف فجأة، وافتقار جسدها للأدرينالين والدوبامين اللذيْن يأتيان مع التمارين الرياضية الشاقة، لينتابها شعور بالعزلة أيضا.

انتهاء معاملة النجوم

أوضحت "بي بي سي" أن كارين هاولز، المحاضرة البارزة في علم النفس الرياضي بجامعة كارديف متروبوليتان، أجرت أبحاثا عن هذا النوع من الاكتئاب، مشيرة إلى أن الذهاب للألعاب يعد تجربة قوية للغاية يخوضها الرياضيون.

وأضافت: "يكون لديهم في ذلك الوقت كل ما يحتاجون إليه في القرية الأولمبية، فريق في خدمتهم على مدار الساعة، وكل ما يريدونه من طعام وتدليك رياضي، كما يجتذبون اهتماما إعلاميا شديدا، لكن بمجرد انتهاء المسابقات يتلاشى هذا الاهتمام بين عشية وضحاها".

وواصلت: "يتلقون معاملة أشبه بمعاملة النجوم، لكنهم يتعرضون بعد ذلك لهذا النوع من الفراغ"، مؤكدة أنه من المثير للدهشة أن مدى نجاح الرياضي في الألعاب الأولمبية لا يرتبط بمدى ما يشعر به من اكتئاب بعد انتهاء الألعاب الأولمبية، مضيفة: لا يهم ما إذا كانوا فازوا بميداليات أم لم يحققوا أهدافهم".

وأشارت إلى أن آدم بيتي، السباح البريطاني الأسطوري، كان صريحا بشأن معاناته من تدهور صحته العقلية، وفي مقابلات أجريت معه، قال: "تعتقد أن الفوز بالميدالية الذهبية سيحل جميع مشاكلك. لكن هذا لن يحدث".

عواقب وخيمة

وفقا لـ"بي بي سي"، فقد اكتشفت هاولز، أثناء إجرائها أبحاث علم النفس الرياضي، أن العواقب قد تكون وخيمة على الرياضيين، مؤكدة أنه "في حالات الإصابة بالدرجة القصوى من هذه الأعراض النفسية، قد تتحد الأعراض مع الاكتئاب وتولد أفكارا انتحارية في بعض الحالات".

ورغم أن هذ الحالات لم تحظ بالقدر الكافي من الدراسة اللازمة للتوصل لأرقام دقيقة حول حجم المشكلة، فإنه لا بد من الاعتراف بأن هناك حاجة لمزيد من الدعم للرياضيين بعد المسابقات الكبرى، مشيرة إلى أن ما يحدث بعد الأولمبياد قد يمثل خيبة أمل كبيرة لهم، خاصة عندما تكون الرياضة تحتل مركز الاهتمام في حياتهم.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة