رياضة
.
في الثامن من مايو الجاري، احتفلت جماهير مانشستر يونايتد والبريمييرليغ بالذكرى العاشرة لإعلان المدرب الأسطوري السير أليكس فيرغسون اعتزال التدريب بعد 27 عاماً في أولد ترافورد، وهي الذكرى التي مرت على أقرانه من مدربي البطولة بطعم الهواجس والضغوط اللامتناهية، إذ فيما يبدو أن عصر تحول المدرب إلى أيقونة صامدة لأعوام بغض النظر عن النتائج قد ولى إلى غير رجعة في البطولة الإنكليزية العريقة.
قبل الاحتفال بذكرى اعتزال السير بثمانية أيام، زف البريمييرليغ ضحيته رقم 14 هذا الموسم، وكان هو الإسباني خافي غراسيا المقال من ليدز يونايتد، لتسجل نسخة هذا الموسم رقماً قياسياً في إقالة المدربين.
منذ انطلاق البريمييرليغ بشكله الحالي في 1992، لم تحدث موجة إقالات للمدربين مثلما جرى في الموسم الحالي، 14 مدرباً، من غير احتساب تغيير المدربين المؤقتين، إذ كان أعلى رقم سجلته البطولة 10 مدربين في الموسم، والذي تكرر في خمس مواسم، وهي (1994 ـ 95، 2008 ـ 2009، 2013 ـ 014، 2017 ـ 2018 و2021 ـ 2022).
تكشف هذه الإحصاءات عن أمر مهم، وهو تحول إدارة أندية البريمييرليغ من الصبر على المدربين إلى الخوف والإسراع في تغييرهم، إذ يبدو أن الأمر آخذُ في التصاعد، بعشرة إقالات في الموسم الماضي، و14 في هذا الموسم، وربما أكثر في الموسم المقبل.
ومن أبرز الدلائل أيضاً على صعوبة أو استحالة تكرار تجربة السير مع يونايتد (27 عاماَ)، والفرنسي آرسين فينغر مع أرسنال 22 عاماً، تصريحات للألماني يورغن كلوب بعد سلسلة الهزائم المتلاحقة لفريقه أخيراً والتي من بينها خروجه أمام ريال مدريد في الأبطال، إذ قال المدرب الألماني إنه كان قريباً من الإقالة، ولم ينقذه منها سوى مراعاة الإدارة لإنجازاته السابقة، والتي أبرزها جلبه لقب البريمييرليغ للنادي بعد 20 عاماً، والتتويج بلقب دوري الأبطال في 2019 بعد 14 عاماً.
ويعد يورغن كلوب وبيب غوارديولا نظرياً الأكثر مناعة ضد الاقالة، لجهة قيادتهما لمشروعين كرويين، لكن عطفاً على تصريحات كلوب، يبدو غوارديولا نفسه لن يكون في مأمن إذا ما أخفق هذا العام في جلب الأبطال وأضاع لقبي الدوري والكأس.
بنظرة متأنية في قائمة المدربين الـ 14 المقالين هذا الموسم، فإن الأزمة لا تكمن فقط في العدد، وإنما في نفاذ الصبر حيث جاءت عدد من الإقالات بعد وقت قصير، لا يكفي لأي مدرب.
ويبدو أن إدارات البريمييرليغ تعمل وفقاً لاستراتيجية الفوز مقابل البقاء والاستمرار، وهو أمر يمكن ان يشكل خطراً على تردد الأسماء الكبيرة في القدوم إلى البطولة مستقبلاً.
قائمة بالمقالين والمغادرين في الدوري الإنكليزي (البريمييرليغ) 2022 ـ 2023:
سكوت باركر: بورنموث 452 يوماً - 30 أغسطس 2022
توماس توخيل: تشيلسي - 589 يوماً - 7 سبتمبر
غراهام بوتر: برايتون - 1206 يوماً - 8 سبتمبر (انتقال)
برونو لاج وولفر: هامبتون - 458 يوماً - 2 أكتوبر
ستيفن جيرارد: أستون فيلا - 343 يوماً - 20 اكتوبر
رالف هازنهاتل: ساوثهامبتون - 1432 يوماً - 7 نوفمبر
فرانك لامبارد: إيفرتون - 357 يوماً - 23 يناير
جيسي مارش: ليدز يونايتد - 343 يوماً - 6 فبراير
ناثان جونز: ساوثهامبتون - 94 يوماً - 12 فبراير
باتريك فييرا: كريستال بالاس - 621 يوماً - 17 مارس
أنطونيو كونتي: توتنهام - 509 يوماً - 26 مارس 2023
غراهام بوتر: تشيلسي - 206 يوماً - 2 أبريل 2023
بريندان رودجرزل: ليستر سيتي - 1495 يوماً - 2 أبريل 2023
خافي غراسيا: ليدز يونايتد - 67 يوماً - 2 مايو 2023
يتواجد في هذه القائمة مدربين اثنين لم يكملا 100 يوماً مع الفريق، قبل أن تتم إقالتهم، وهما خافي غراسيا، 67 يوماً)، وناثان جونز (95 يوماً) مع ساوثهامبتون، فيما لم يزيد غراهام بوتر على الـ 200 يوماً مع تشيلسي سوى بستة أيام.
هنالك سببين لهذه الظاهرة في البريمييرليغ، أولها وأهمها هو خوف الإدارات من الهبوط من البريمييرليغ وتكبد الفريق خسائر مالية ضخمة، والثاني العجلة في استقطاب المدربين أنفسهم.
فيما يتعلق بالسبب الأول، فإن جميع إدارات الأندية تخشى فقدانها نصيبها من (كعكة) العوائد الضخمة في البطولة، والتي ارتفعت بشدة، لتبلغ في المواسم الثلاثة من 2022 ـ 2025 نحو 10 مليارات إسترليني.
ونتج عن ارتفاع أموال البث، ارتفاع كبير في عوائد أندية البطولة، إذ بلغت إيرادات نادي نوريتش سيتي متذيل الترتيب في النسخة الماضية قبل هبوطه، 100 مليون إسترليني في موسم واحد، فيما نال مانشستر سيتي البطل 164 مليون إسترليني، من تلك العوائد.
وإلى جانب خسارة النادي الهابط من البريمييرليغ 100 مليون إسترليني كعوائد، هنالك خسائر موازية، تتمثل في الإعلانات داخل الملاعب، إذ تعادل كلفة الإعلان لـ 30 ثانية في البريمييرليغ 10 أضعاف ما تدره من عوائد في بطولة التشامبيونتشيب.
ومن أجل كل ذلك، بدأت الإدارات تفقد صوابها وصبرها تجاه المدربين، إذ تفكر في إقالته بمجرد تعرضه لأول 3 خسائر.
وفي هذا السياق، نقل موقع (ESPN) الأمريكي، أن إدارة تشيلسي فكرت بالطبع في إقالة فرانك لامبارد المدرب الذي تم تعيينه بعقد حتى نهاية الموسم وذلك مع تعرض الفريق معه للخسارة في أول 6 مباريات، فيما أقال توتنهام مدربه المؤقت كريسيتان ستيليني بعد 31 يوماً فقط، وعوضه بمدرب مؤقت وهو ريان ماسون.
أما عن السبب الثاني، أي العجلة في التعيين، فيبدو جلياً في حالة إيفرتون مع تعيين المدرب شون دايك، والذي عينه بعد فشله في جلب المدرب الأرجنتيني بييلسا، وهو ما يثبت أمر تعجل إدارة الفريق، هو الاختلاق الكامب في فلسفتي الرجلين التدريبية.
وبشكل عام، تعد مهمة تعيين المدرب المناسب عملية شاقة للغاية، إذ سبق وأن أمضى المدير الرياضي السابق لليفربول مايكل إدوارد أشهر عدة في دراسة مدى موائمة مدرب بروسيا دورتموند السابق يورغن كلوب لمشروع ورؤية الإدارة الأميركية، رغم سجله الحافل تدريبياً، وذلك بحسب ما أكد موقع (ESPN)، وهو سبب صموده ربما لـ 8 أعوام في البطولة، التي يعتبر عميد المدربين فيها الآن.
ربما تبدو مخاوف إدارات الأندية من خسارة الملايين جراء الهبوط، مقبولة نوعاً، لكن بالمقابل، لا يبدو أن إقالة المدرب حلاً سليماً على الدوام، إذ يمكن أن يخفق سام الارادريس في تجنيب ليدز الهبوط، بعد أن تم تعيينه مدرباً لـ 4 مباريات فقط، وذلك رغم سمعته وخبراته في مجال إنقاذ الأندية من وداع دوري النخبة، إذ فعل ذلك من كريستال بالاس وسندرلاند وإيفرتون.
ووفقاً لدراسة إحصائية أجرتها سكاي سبورتس، فإن من بين 73 نادياً قامت بإقالة مدربيها منذ انطلاق البريمييرليغ بشكله الحالي في 1992، لم ينجح سوى 31 نادياً في تجنب الهبوط، وبلغت نسبة النجاح 24% فقط.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة