رياضة

كيف حوّل غوارديولا السيتي إلى ماكينة لسحق المنافسين بلا رحمة؟

نشر

.

Mussab Gasmalla

لم يكن أكثر المتشائمين يتوقعها أن تخرج بتلك الصورة، قمة بين زعيم البطولة وملكها المرصّع بـ14 نجمة، وبين فريق يبحث عن أول ألقابه فيها، حولها عبقري التدريب بيب غوارديولا إلى مباراة من طرف واحد، ليذل منافسه نتيجة وأداء واستحواذا، ويرسله ليصارع أزماته بعيدا عن ملعب الاتحاد، ويتفرغ هو لمواصلة كتابة التاريخ مع السيتي الواعد.

أنهى مانشستر سيتي الشوط الأول بهدفين في مرمى كورتوا، وبنسبة استحواذ وصلت 78% على الكرة، مقابل 28% فقط لريال مدريد.

وفي الشوط الثاني الذي انتهى بثنائية أيضاً، ورغم محاولات الريال للعودة، لكن وضع الاستحواذ لم يتحسن إلا بمقدار بسيط، لتنتهي المباراة برباعية بيضاء، ونسبة استحواذ 60% للسيتي، مقابل 40% للملكي.

وأنجز رجال بيب 618 تمريرة، بفارق 200 تمريرة عن كتيبة أنشيلوتي الذي مرر لاعبوه الكرة 418 مرة، وفي التسديدات على المرمى أمطر السيتي مرمى الحارس كورتوا بـ16 تسديدة، مقابل 7 للريال على مرمى ايدرسون.

ماذا تغير في عام واحد؟

بالنظر إلى نتيجة مباراة الأربعاء، وبالعودة ومقارنتها مع نصف نهائي الموسم الماضي، قد تبدو تساؤلات من قبيل ماذا تغير وحدث في السيتي؟ منطقية للغاية، إذ بالفعل أنجز غوارديولا مهاماً كان لها مفعول السحر في تحول الفريق إلى خصم شرس يلتهم خصومه بلا أدنى شفقة.

نتيجة لهذه التغييرات، يقف الفريق اليوم على بعد ثلاث مباريات من تحقيق ثلاثية تاريخية، لم تحدث في الكرة الإنجليزية منذ 1999، خلال حقبة السير أليكس فيرغسون مع مانشستر يونايتد، عندما فاز بلقب الدوري ودوري الأبطال وكأس الاتحاد الإنجليزي في موسم واحد.

يتصدر مانشستر سيتي ترتيب الدوري الإنجليزي برصيد 85 نقطة، وبإمكانه الفوز بلقب البطولة، إذا فاز على تشيلسي الأحد المقبل، فيما يخوض نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي أمام مانشستر يونايتد في الثالث من يونيو، قبل أن يغادر بعدها بـ7 أيام إلى إسطنبول لمواجهة إنتر ميلان الإيطالي في نهائي الأبطال.

أوّلها هالاند.. القطعة المفقودة

طوال مسيرته التدريبية مع برشلونة وبايرن ميونيخ وحالياً السيتي، لم يعجز بيب غوارديولا يوماً الاستحواذ، وهو المشهور بأنه رائد مدرسة التيكي تاكا الحديثة، بعد أن تشرب هذا الأسلوب الساحر من الأسطورة الهولندي يوهان كرويف.

لكن مشكلة غوارديولا دائماً كانت في قناعاته، إذ ظل دائماً يحارب مهاجمي الصندوق، إلا في حالات قليلة.

ظل غوارديولا يحارب مهاجمي الصندوق، لكن قناعاته تغيرت مع هالاند

في الصيف الماضي، بدأت هذه القناعات في التغير، مع طلبه شخصيا ضم المهاجم النرويجي إيرلينغ هالاند من بروسيا دورتموند مقابل 60 مليون يورو فقط.

منذ وصوله للاتحاد، بدا هالاند وكأنه القطعة المفقودة، ليترجم جهود الاستحواذ لفريقه على أهداف في مرمى الخصوم.

يمتلك هالاند الآن 52 هدفاً من 49 مباراة فقط، لكن الآن الأهم هو أن 13 من هذه الأهداف جاءت في دوري الأبطال، وهو أمر شكل نقطة قوة لبيب والسيتي.

تشير الإحصائية إلى أن هذا الموسم هو الأفضل للسيتي منذ 5 مواسم، فيما يخص تحويل الفرص المصنوعة إلى أهداف، إذ بلغت نسبة النجاح 48.4%.

ثانيها ستونز.. من إلهام كرويف

منذ انضمام المدافع جون ستونز إلى سيتي في 2016، كان أكثر ما يؤخذ عليه هو عدم تحليه بصفات المدافع، والتي تتمثل في اللعب بمبدأ الأمان، والصلابة.

كان ستونز دائماً ما يقع في أخطاء، نتيجة محاولته مراوغة المهاجمين، أو التفنن في التمرير.

هذا الموسم، بعد رحيل جواو كانسيلو إلى بايرن معارا، رأى غوارديولا أن سلبيات ستونز، يمكن تحويلها إلى ميزة، ليحركه إلى وسط الملعب ويغير نهجه التكتيكي من 4 ـ 3 ـ 3 ، إلى 3 ـ 2 ـ 4 ـ 1، ويصبح جون ستونز في محور الدفاع بالوسط مع رودري.

كان ستونز دائماً ما يقع في أخطاء، نتيجة محاولته مراوغة المهاجمين، أو التفنن في التمرير

لكن ستونز سرعان ما يتحول بعدها إلى قلب دفاع عند هجوم الخصوم، وتتحول الطريقة بصورة مرنة إلى 4 ـ 3 ـ 3.

استخدم غوارديولا لستونز كلاعب وسط في 10 مباريات، فاز في 9 منها، وتعادل في واحدة كانت أمام ريال مدريد في الذهاب، فيما استقبلت شباكه 6 أهداف فقط، وسجل الفريق 36 هدفاً.

يبدو أن غوارديولا استلهم هذه الطريقة من معلمه يوهان كرويف، والذي عندما كان برشلونة يبحث معه عن أول ألقابه في دوري الأبطال في 1992، قام بتغيير مهم كان له الأثر في الفوز باللقب ذلك العام.

حوّل كرويف أوزيبو ساكريستان من لاعب وسط إلى مدافع ظهير، ليسجل نجاحات أفادت الفريق كثيراً.

كان غوارديولا شاهداً على تلك الحقبة حيث كان يلعب في متوسط ميدان برشلونة، وتوج مع كرويف باللقب.

ثالثها جاك غريليش.. دليل النبوغ

عندما استقدم بيب غوارديولا جاك غريليش من أستون فيلا في صيف 2021، ودفع فيه 100 مليون إسترليني، تلقى الكثير من الانتقادات، حول أحقية اللاعب بهذا المبلغ.

عزز هذه الانتقادات المستوى الباهت لغريليش في موسمه الأول، لكن هذا الموسم نجح غوارديولا في إخراج أفضل ما لدى اللاعب.

موسم استثنائي من غريليش بعد الانتقادات العنيفة التي تحملها غوارديولا بعد استقدامه بـ ١٠٠ مليون إسترليني

ويعتبر غريليش هذا الموسم أحد أفضل اللاعبين في سيتي، كما ظل أحد أكثر اللاعبين مشاركة.

ظهر غريليش في 48 مباراة مع كتيبة غوارديولا، ولم يغب سوى عن 9 مباريات للفريق طوال هذا الموسم.

الهيمنة الكبرى على البريميرليغ

عندما وصل غوارديولا صيف 2016 لتدريب السيتي قادماً من بايرن، كان البريمييرليغ يعيش أفضل حالاته، مع توقعات الجميع بنهاية الهيمنة على البطولة، مع اعتزال المدرب الأسطوري السير أليكس فيرغسون قبل ذلك بثلاثة أعوام في 2013.

نتيجة أولية لذلك، ارتفعت عقود بث البطولة بصورة جنونية لتصل في المواسم من 2015 ـ 2018 إلى نحو 8 مليارات دولار.

لكن ما أن بدأ غوارديولا يعمل حتى أعاد الهيمنة من جديد إلى واجهة البطولة.

منذ استلامه تدريب الفريق، وخلال 6 مواسم، توج باللقب 4 مرات، مرتين متتاليتين في 2017 ـ 2018، و2018 ـ 2019، وأيضاً في آخر موسمين، فيما حسم نظرياً لقب هذا الموسم، ليكون الثالث له على التوالي.

والآن، بعد بناء الفريق الحالي، الذي يبدو غير قابل للكسر، وأيضاً تصدره الترشيحات أمام إنتر ميلان الذي يحتاج معجزة من أجل الفوز على السيتي، يبدو أن غوارديولا دشن فعلياً مرحلة الهيمنة الأوروبية، إذ يقف مشروعه مع السيتي في ذروته، بعد 7 أعوام من العمل، والدعم الإداري الذي وفرته له إدارة مانشستر سيتي الإماراتية.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة