رياضة

تأثير"ثورة فينسيوس" ضد العنصرية على مستقبل الليغا

نشر

.

Mussab Gasmalla

ربما لم تختبر الليغا الإسبانية في المدى القريب ليلة جدلية مثل البارحة، حيث الأحداث الصاخبة خلال مباراة ريال مدريد وفالنسيا، التي شهدت طرد فينسيوس جونيور في نهايتها، قبل أن يشعل البرازيلي معركة في وسائل التواصل، منتفضاً ضد الاساءات العنصرية المتكررة التي ظل يتعرض لها، وسرعان ما جذبت تلك المعركة أطرافا متعددة، بل وصلت أن يتدخل الرئيس البرازلي لولا دا سيلفا.

ماذا جرى وكيف تسلست الأحداث؟

في الدقيقة 72 من المباراة دخل مهاجم ريال مدريد فينسيوس جونيور في مشادة مع مجموعة من جماهير فالنسيا، وتسبب ذلك في توقف المباراة لمدة طويلة، لتنبيه الجماهير بالواقعة، قبل أن يعود اللعب للاستئناف.

وفي نهاية المباراة، حدثت مشادة أخرى بين لاعبي الريال وفالنسيا، بسبب تعمد فالنسيا الفائز 1 ـ 0 للعب، قبل أن يطرد الحكم فينسيوس، بعد الرجوع للفار.

أما المعركة الكبرى فكانت بعد نهاية المباراة، وبطلها فينسيوس نفسه، عندما غرد على حسابه على سوشيال ميديا بكلمات مغتضبة: "الجائزة التي فاز بها العنصرية كانت طردي.. إنها ليست كرة قدم.. لكنها الليغا"، قبل أن يتبعه ببيان ناري أشعل الدنيا، كانت حصيلته أن " البطولة التي كان فيها رونالدينيو ورونالدو وكريستيانو وميسي، باتت تنتمي اليوم للعنصريين"، بل قال إن جميع إسبانيا عنصرية من وجهة نظر البرازيليين.

سرعان ما حرك بيان فينسيوس العالم، وتصدرت جملة انتماء (ليغا رونالدو وميسي للعنصريين" وسائل الإعلام العالمية، ليدخل رئيس رابطة الليغا تيباس على الخط، ويرد بقوة، محملاً فينسيوس مسؤولية عدم حضوره إلى مكاتب الليغا للتعرف على ما تفلعه الرابطة لمكافحة العنصرية، مطالباً إياه بالتعلم وعدم المزايدة.

وبدوره، عاد فينسيوس للرد مرة أخرى، لكنه هذه المرة وجه رسائل تحذيرية لتيباس ورابطته، عندما قال: "صورة بطولتك أصبحت مهزوزوة.. أنظر للردود وأحصل على مفاجأة.."، واستنكر في الوقت ذاته هجوم تيباس عليه بدلاً من مهاجمة العنصريين.

وبدوره، خرج الاتحاد البرازيلي لكرة القدم إدينالدو رودريغيز ببيان داع لفينسوس، وندد بالإساءات العنصرية في الليغا، وسرعان ما وصل الأمر إلى الرئاسة البرازيلية، إذ أكد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سليفا عن دعمه لفينسيوس، وطالب الفيفا والليغا والجميع بالتحرك ضد هذه الظاهرة.

وبدوره، تحرك نجوم كثر للتضامن مع فينسيوس، أحدهم لاعب يونايتد السابق ريو فيردناند، الذي دعمه بتغريدة، ذيلها بحسابات الكثير من نجوم الكرة، مثل مبابي طالباً منهم مؤازرة النجم البرازيلي.

اعرف أكثر

عن إجراءات الليغا تجاه العنصرية

في فبراير الماضي، وبعد تكرر حوادث جماهير الليغا الإسبانية تجاه فينسيوس جونيور، وشكوى الجميع من هذه الظاهرة، أعلن رئيس رابطة الليغا خافيير تيباس عن إجراءات خاصة لحماية فينسيوس.

وظل فينسيوس عرضة للعنصرية، وصيحات الاستهجان في عدد من ملاعب الليغا منذ بداية هذا الموسم، وكانت أبرز الحوادث في ملعب كامب نو من جماهير برشلونة، دون أن يتم الكشف عن المتورطين، إلى جانب جماهير أتلتيكو مدريد في الديربي، إذ تم تطبيق عقوبات حرمان على مشجعين اثنين، وأيضاً جماهير فريق بلد الوليد، إلى جانب حادثة مايوركا التي تم فيها فرض غرامة 4000 يورو على مشجع متورط وحرمانه من الدخول للملعب لمدة 12 شهراً.

وشملت إجراءات تيباس لحماية فينسيوس، نشر 4 محققين، في كل مباراة لريال مدريد خارج أرضه، تكون مهمة هؤلاء رصد الهتافات العنصرية، وحصر زاويتها، قبل توجيه كاميرات الملعب والأمن لمعرفة المتورطين، إذ أرسل تيباس خطابات لجميع أندية الدرجة الأولى والثانية من أجل تسهيل مهمة هؤلاء.

عن نجاح تلك الإجراءات

لا يبدو أنها حققت نجاحا، رغم أن أول مباراة تم فيها تنفيذ هذه الإجراءات هي مباراة أوساسونا في 18 فبراير، لم تشهد حالات عنصرية ظاهرة ضد فينسيوس، لكنها بعدها تكررت الحادثة كثيراً، دون أن ينجح محققي الليغا ورئيسها تيباس في كشف المتورطين.

وكانت مباراة جيرونا التي خسرها ريال مدريد 4 ـ 2، أمام مضيفه في 28 أبريل الماضي، شهدت أيضاً حوادث عنصرية ضد فينسيوس، لكن دون أن يتم التوصل للمتورطين.

أما الدليل الأكبر على الفشل هو ما حدث بالأمس، إذ تمكن فينسيوس نفسه من تحديد الشخص الذي وجه له إساءات عنصرية، قبل أن يدخل في مشادات كلامية مباشرة.

عن ردة فعل تيباس القوية على فينسيوس

ربما كان تيباس آخر شخص يرغب في ثورة فينسيوس وإثارته للجدل بهذا الشكل، وفي هذا التوقيت، والسبب هو أن تيباس يواجه منذ مدة مهددات مؤرقة لبطولته الليغا الإسبانية.

وأبرز تلك المهددات، هو الفارق الكبير بين الدوري الإنجليزي على سبيل المثال والدوري الإسباني، والذي ظل يزداد يوماً بعد يوماً، بسبب حقوق البث.

ويدرك تيباس أكثر من غيره، أن الليغا تواجه تحديات منذ رحيل ميسي في 2021، وزادت هذه التحديات، بعد دخول برشلونة في أزمة، وهو الآن يكافح مع للحصول على كيفية تمويل راتب عودة ميسي والذي لا يتجاوز 25 مليون يورو في السنة.

ولتقليل هذه الآثار الاقتصادية، ولوقف هيمنة البريمييرليغ، لجأ تيباس إلى بيع حقوق بث البطولة لصندوق (CVC) البريطاني للـ50 عاما المقبلة، مقابل 5 مليارات يورو، من أجل دعم الأندية، لكنها خطوة لم تكتمل بسبب معارضة الريال وبرشلونة وبيلباو لهذه الخطوة.

والآن، وجد تيباس نفسه في خضم أزمة تضرب سمعة الليغا في مقتل، لكونها ستصبح مثل الدوري الإيطالي، الذي يفكر عادة النجوم ذوي البشرة السمراء مرتين، قبل الانتقال إليه، فيما بدت بعض التقارير تشير إلى إمكانية فينسيوس نفسه عن البطولة.

ويدرك تيباس جيداً، أن فضح بطولته بهذا الشكل من قبل أفضل موهبة فيها حالياً، سيمنح البريمييرليغ أفضلية جديدة في مضمار مختلف على الليغا، إذ قطع الدوري الإنجليزي، بدوره، شوطاً بعيداً في مكافحة العنصرية، وذلك بعدة إجراءات تبدو أفضل من إجراءات تيباس.

وطورت منظمة "كيك إت آوت" لنبذ العنصرية في كرة القدم الإنجليزية، أساليبها في لجم الظاهرة، وبفلضها تخطى البريمييرليغ، بنسية كبيرة، الآن قصة عنصرية المدرجات، وبات أكثر فاعلية تجاه عنصرية السوشيال ميديا.

ومن أبرز الوسائل للدوري الإنجليزي هو استخدام تقنية التعرف على الوجه، لمعرفة أماكن تواجد المشجعين، قبل توزيع كاميرات على طائرات بدون طيار (درونز) داخل المدرجات.

وفي الدوري الإيطالي رغم سمعته غير الجيدة في موضوع العنصرية، فإنه بدا أكثر قوة في الفترة الأخيرة ضد العنصرية من الليغا، إذ تم إغلاق مدرج كامل في ملعب يوفنتوس ارينا في أبريل الماضي بسبب إساءة عنصرية للاعب إنتر ميلان روميلو لوكاكو خلال مباراة فريقه أمام اليوفي.

ولكل هذا فإن تيباس، يدرك بأن ثورة فينسيوس هذه، ليست غضبة عادية، بقدر ما هي تهديد وجودي لبطولته.

عقوبة فالنسيا

قبل بدء الأحداث واشتباكات فينسيوس مع الجماهير، كان الأخير يقود هجمة للريال في الدقيقة 69، وعندا اقترابه من منطقة الجزاء، أقحم مدافع فالنسيا إراي كوميرت كرة أخرى باتجاه كرة المباراة التي ينطلق بها فينسيوس، لتعطيل الهجمة.

واحتسب الحكم ريكاردو دي بيرغوس ضربة حرة مباشرة لريال مدريد، مع منح كوميرت بطاقة صفراء، وبحال كان فينسيوس داخل منقطة الجزاء، كان سيحتسب ضربة جزاء للريال، بسبب تعطيل الهجمة.

والآن، سيكون فالنسيا مواجهاَ بعقوبة مالية لا تقل عن 3 آلا يورو مع تحذير شديد اللهجة من تكرار هذا الأمر، وذلك وفقاً لأحكام المادة 107 من قانون مسابقة الليغا الذي يعتبر مثل هذا التصرف مندرج ضمن لائحة "التغيير ذو الطابع الخطير لسير المباراة".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة