رياضة
.
لن تبالغ جماهير يوفنتوس الإيطالي إن أسمت البارحة بـ"ليلة الاثنين الدامية"، والأكيد أنها ستخلدها في تاريخ السيدة العجوز الأسود، والسبب هو نزيف الفريق لـ 13 نقطة كاملة، ضربت حظوظه في التأهل إلى دوري الابطال في مقتل.
كانت البداية، بحكم قضائي من المحكمة الرياضية الفيدرالية الإيطالية عصر الاثنين، قبل أن تكتمل كارثة ضياع النقاط، بفقدان كتيبة المدرب ماسيمليانو أليغري لـ 3 نقاط أخرى بالسقوط أمام إمبولي 4 ـ 1، ليتدحرج الفريق في غضون ساعات فقط من وصافة ترتيب الكالشيو إلى المركز السابع برصيد 59، ويتلاشى حلم التأهل إلى الأبطال.
على الرغم من صدمة جماهير البيانكونيري من قرار الاتحاد الإيطالي، فإنه بالمقابل، لا يبدو مفاجئا، فالسيدة العجوز ظل اسمها في صدارة هذه الأزمة، التي تعتبر ثاني أكبر فضيحة في الدوري الإيطالي لكرة القدم منذ العام الماضي.
واختبر يوفنتوس قراراً مماثلاً في يناير الماضي بعد خصم الاتحاد الإيطالي 15 نقطة، وإيقاف نحو 7 آخرين في النادي يترأسهم أندريا إنييلي سليل عائلة إنييلي الشهيرة ومالكة شركة فيات وفيراري للسيارات، قبل أن يستأنف النادي لدى المحكمة الفيدرالية التي عادت وحكمت بخصم 10 نقاط أمس.
أما أسباب هذه الخصم، فتعود إلى تورط النادي في فضيحة اصطلح عليها في إيطاليا بــ" بـ"البالسفالينزي" أو تضخيم مكاسب رأس المال، وهو سلوك محاسبي لجأت إليه أندية الكالشيو دون غيرها من الدوريات الأخرى.
والآن، في خضم هذه الأزمة الضاربة، لا يوجد أمام يوفنتوس إلا أمل ضئيل جداً، هو الاستئناف مرة أخرى أمام أعلى محكمة في إيطاليا للعدالة، لكنه يدرك بأنه حتى إذا حصل على حكم فسيكون بعد اعتماد المشاركين في دوري الأبطال الموسم المقبل، فيما توجد هنالك شكوكا حول إمكانية كسبه للاستئناف، بسبب خرقه المادة 4 من قانون الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، والمتعلق بالتغطية على تجاوزات مالية.
بالعودة إلى مكاسب رأس المال التي استخدمها اليوفي، فهي عملية محاسبية تلجأ إليها الأندية لسد ثغراتها المالية، وتعني إجمالا صافي الفارق الإيجابي بين قيمة الشراء والبيع بعد شطب القيمة الحقيقية أو التقليل منها - لسلسلة من صفقات تبادل اللاعبين التي تمر فيها أموال قليلة أو معدومة بين الأندية.
ومن أبرز الصفقات التي تم الاستشهاد بها على إدانة اليوفي، كانت تلك التي جرت بين يوفنتوس وبرشلونة الإسباني في عام 2020 وشهدت انتقال البوسني ميراليم بيانيتش إلى كاتالونيا ووصول البرازيلي آرثر ميلو إلى تورينو.
وقدرت قيمة آرثر بـ72 مليون يورو وبيانيتش 60 مليون يورو، وهي مبالغ يمكن لكلا الناديين حجزها على الفور في بياناتهما المالية، بينما يمكن توزيع تكلفة الصفقة على مدة عقد اللاعب.
وسجل يوفنتوس مكاسب رأسمالية قدرها 43 مليون يورو في صفقة بيانيتش، وهو ثاني أعلى رقم في تاريخ النادي.
وتقوم فكرة تضخيم مكاسب رأس المال أساساً على تضخيم سعر اللاعب المباع من قبل يوفنتوس وهو في هذه الحالة بيناتش (60 مليون يورو)، وأيضاً اللاعب (المبادل) في النادي الآخر وهو آرثر لاعب برشلونة (72 مليون يورو).
ويحدث الفرق لليوفي عبر ضم اللاعب القادم (آثر) عقدا طويلا لمدة 5 أعوام، ونظير ذلك، يقوم النادي بالتسجيل في حساباته السنوية بأنه: (باع بيناتش مقابل 60 مليون يورو، واشترى آرثر الذي سيدفع له هذا العام 14 مليون يورو فقط إلى جانب المتغيرات، هي مستحقاته عن هذا العام، على يدفع مثلها كل عام من الأعوام الأخرى المتبقية).
Empoli's Francesco Caputo, second right, scores their side's third goal of the game during the Serie A soccer match between Empoli and Juventus, at the Carlo Castellani stadium in Empoli, Italy, Monday, May 22, 2023. (Marco Bucco/LaPresse via AP)
بدأت قصة الفضيحة في مطلع عام 2022، عندما قام مدعي الاتحاد الإيطالي لكرة القدم جوسيبي تشيني بالبحث في ملفات بعض الصفقات التي عُقدت في الدوري الإيطالي خلال السنوات الأخيرة، والمتورط فيها 11 ناديا و59 إداريا بهذه الأندية، وكان اليوفي بصفقته المغطاة مع برشلونة بخصوص بيانتش مقابل ميلو، هي ما لفتت انتباهه، بسبب ارتفاع أسعار اللاعبين، مقارنة مع أدائهما وعمرهما، إلى جانب الأهم، قبل أن يجد مع توسيع تحقيقاته بأن اليوفي متورطا في 60% من تلك الصفقات.
وقدم تشيني تقريره للمحكمة في أبريل 2022، لكن المحكمة رفضته بسبب نقص الأدلة، قبل أن يستأنف مجدداً ويخسر كذلك.
وبعدها تم تكليف محقق مستقل، قبل أن ينبش أوراق القضية مجدداً، ويعثر على اليوفي متورطاً، في يناير الماضي، لكن هذه المرة تمت تبرئة جميع الأندية الأخرى، وبقي اليوفي، الذي عُوقب أمس.
يبدو هذا التساؤل منطقياً فعلاً، فالنادي يعتبر أغنى الأندية الإيطالية في الفترة الأخيرة، كما ظل يحظى بأفضل عروض الرعاية في إيطاليا (45 مليون يورو) سنوياً من شركة جيب للمحركات.
وبحسب ستايستا احتل يوفنتوس المركز الحادي في قائمة أكثر الأندية عوائدا عن الموسم الماضي، بـ 401 مليون يورو.
ويبدو أن سهولة الأرباح هي ما أغرت اليوفي للوقوع في براثن هذه الفضيحة، والسبب دائماً هو تحقيق الربحية وتأكيد الهيمنة على إيطاليا، ومطاردة حلم الفوز بالشامبيونزليغ.
البعض بالمقابل، يرى بأن هذه الفضيحة لا تنفصل عن الجو العام لكرة القدم الإيطالية، وإدمان اليوفي نفسه مثل هذه الالاعيب، إذ سبق وأن تصدر يوفنتوس قضية الكالتشيولبولي التي تفجرت في الفترة بين 2005 ـ 2006، والتي تعتبر أكبر قضية فساد في تاريخ إيطاليا والدوريات الأوروبية.
ونتيجة لذلك تم تهبيط السيدة العجوز إلى الدرجة الثانية بعد اتهامه بالتلاعب المباشر بنتائج المباريات، كما تم تجريده من لقبين في الدوري (2005 و2006) وهُبط إلى الدرجة الثانية، لكنه سرعان ما عاد في موسم 2006 - 2007.
والآن، يقف اليوفي على مفترق طرق، فهو بالفعل خسر إدارته بقيادة إنييلي التي استقالت مع بفعل هذه الأزمة، فيما يجد نفسه محاطا بالشكوك والمخاوف من ارتدادات أكبر بفعل الفضيحة الثانية في نحو عقدين، فهل تنجو السيدة العجوز بحنكتها، أم يودع أنصاره حلم الهيمنة على جنة كرة القدم؟
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة