رياضة
.
بعد موسم للنسيان بات الفريق يترنح فيه بين المراكز من التاسع وحتى الـ12 حيث يجلس الآن، يترقب تشيلسي الإنكليزي ومالكه تود بويلي وجماهيره بفارق الصبر الإعلان رسميا عن الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مدربا لقيادة مشروع البلوز المدجج بالمواهب الشابة، وربما أكثر ما جذب الإدارة إلى الأرجنتيني هو بنائه لتوتنهام بأفضل صورة، وتحويله إلى فريق مستقر وقوي، لكن بالمقابل هل لا زال بوكيتينو هو بنفس صفات نسخة توتنهام؟
في يوليو الماضي وبعد هدوء عاصفة اقالته من تدريب باريس باريس سان جيرمان الفرنسي، اجتمع المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو بطاقمه المساعد والمخلص، من أجل تقييم فترة عملهم في حديقة الأمراء، وبعد مناقشة متأنية خلصوا إلى الحاجة الماسة للراحة، ليعلن بوكيتينو عدم رغبته في دراسة أي عروض في حتى نهاية مونديال قطر 2022.
ومن أبرز الحقائق التي كانت حاضرة في ذهن ماوريسيو بوكيتينو عن حقبة العام ونصف في باريس سان جيرمان، بحسب "صنداي تايمز" البريطانية، هي أنه لم يكن مختلفاً عمن سبقوه إلى تدريب الفريق الباريسي مثل كارلوا أنشيلوتي ولوران بلان وأوناي إيمري وتوماس توخيل، وربما اتفق معهم جميعاً بخصوص حقيقة واحدة مفادها، إنه نادي نجوم لا مدرب، حيث كل شيء مختلف تجاه اللاعبين، لا تكتيك جديد، لا تغييرات، ولا عقوبات.
وربما كان لسان حاله وقتها مثل توماس توخيل، الذي وصف معاناته في سان جيرمان في تصريح شهير: "أحياناً أقوم بتبديل لاعب، لكن ذلك يتحول لقصص إخبارية، ويستمر كذلك لأسابيع".
بوكيتينو الذي اقيل من تدريب باريس سان جيرمان بعد 18 شهراً، نجح في قيادة سان جيرمان خلال هذه الفترة إلى التتويج بلقب الدوري والكأس وكأس السوبر الفرنسي، فيما ودع دوري أبطال أوروبا من ثمن النهائي في عاميين متتاليين، أمام كل من مانشستر سيتي وريال مدريد تواليا.
قبل باريس سان جيرمان، وطوال مسيرته التدريبية القصيرة التي تبدو ناجحة بمقاييس الفرق التي دربها وسياقاتها، عرف بوكيتينو أمرين، أولهما، الانضباط وبث الروح "الغرينتا" في جميع اللاعبين وتحويلهم إلى محاربين، أما الثاني، فكان حربه على كل متقاعس، مهما كان مستواه.
وأمضى بوكيتينو 4 أعوام في تدريب إسبانيول، قبل أن ينتقل إلى الدوري الإنكليزي الممتاز، لتدريب ساوثهامبتون، الذي أمضى معه موسم ونصف، قبل أن يتولى تدريب توتنهام في مايو 2014، والذي حقق معه الكثير من النجاحات، أبرزها وصوله إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في 2019.
وفي توتنهام أشتهر المدرب الأرجنتيني بعلاقاته الجيدة مع اللاعبين، مثل الكوري الجنوبي سون وهاري كين والحارس هوغو لوريس، فيما بدا صارماً تجاه بعض الأسماء الموهوبة الأخرى، ممن أبدوا تكاسلاً تجاه الفريق، مثل الإنجليزي داني روز، والذي أثبتت الأيام صواب نظرته تجاهه، إذ ظل يعاني بعد حقبة توتنهام.
بمجرد استلامه مهام تدريب باريس سان في يناير 2021، خلفاً لتوماس توخيل، وصل بوكتينو على حديقة الأمراء، بذات الخطط ونهج العمل الذي وسم رحلته التدريبية السابقة، حيث الانضباط، ومطالبة اللاعبين بالمزيد من التفاني والركض لخدمة منظومة الفريق.
وفي ذروة حماسه لحظتها، صدم بتحذيرات واضحة من قبل الكادر التقني في سان جيرمان، وهو أن بعض النجوم الكبار مثل مبابي ونيمار وفيراتي، لا يحبون التدريبات الشاقة، بحسب "صنداي تايمز"، لتشكل تلك أول ضربة له.
وفي صيف ذلك العام، مع وصول ليونيل ميسي وسيرجيو راموس، وعند بداية التحضيرات للموسم الجديد، وجد بوكيتينو نفسه أمام معضلة جديدة تماما، وهي أنه لن يكون بمقدوره، حث لاعب مثل مبابي على الرجوع للدفاع، ولا الطلب من ميسي الركض أكثر خلال المباراة، وأيضاً لا يمكن ان يضع نيمار صاحب الصفقة القياسية على الدكة.
هذا الوضع جعل الصحفي في ليكيب الفرنسية فينسنت دولوك يبدي تعاطفه مع بوكيتينو " مع الأسف، يجب عليم التأقلم مع هذا الوضع.. كمدرب يجب أن تقوم وضع التشكيلة من 8 لاعبين سوبر ستار، لا يمكن لمسهم + 3 لاعبين آخرين".
في ضوء المتغيرات الحديثة، أضطر بوكيتينو إلى رمي سلاحه المتمثل في فرض الانضباط، ليتحول إلى مدرب جديد، بهوية جديدة، عنوانها مهادنة النجوم.
وبالفعل، كسب بوكيتينو ود ميسي من بوابة ذكريات الأخير في نادي نيو لأود بويز في بوينس آيرس، وهو نفس النادي الذي لعب له بوكيتينو ودربه، كما بات أكثر قرباً أيضاً مع مبابي.
وبحسب "صنداي تايمز" لا يكاد مبابي يخرج من مكتب بوكيتينو في النادي، بل امتدت علاقتهما، إلى خارج الملعب، حيث تبادل الرسائل عن الحياة الخاصة.
وتكتيكا، رغم بداياته مباريات سان جيرمان برسم 4ـ2ـ3ـ1 الذي اشتهر به في توتنهام، لكنه سرعان ما يتخلى عنه خلال المباراة، ليتحول إلى 4 ـ 3 ـ 3، من أجل منح مساواة للثلاثي ميسي ومبابي ونيمار هجوميا.
وبسبب نجومية ميسي ومبابي أيضا، توقف بوكيتنيو، عن ميزته التي طالما اشتهر بها، وهي تطويره وصناعته للمواهب، على غرار توتنهام، إذ كثيرا ما هاجمته الصحافة الفرنسية لإهماله مواهب سان جيرمان الشابة، وخصوصا تشافي سيمونز وإدوارد ميشوت.
في مارس الماضي احتفل بوكيتينو، بعيد ميلاده الـ51 في منزله الثاني في مدينة برشلونة، برفقة زوجته كارينا والثلاثي التدريبي المساعد له منذ مدة طويلة، وهم خيسوس بيريز وميغيل أوغستينو وتوني خيمنيز مدرب الحراس، وكانت غالبية النقاشات بحسب "صنداي تايمز" عن النهج التدريبي الجديد في المحطة التدريبية المقبلة (تشيلسي)، والتي اتفق على أنها ستكون مزيج من صرامة توتنهام، والكثير من التساهل وكسب ود النجوم الكبار في البلوز، من أجل تحقيق غايات الفريق.
وبالمقابل، ربما يعنى ذلك، تضاربا مع رؤية مالك النادي بويلي، الذي يحتاج لمدرب يبنى ويطور المواهب الشابة التي كدسها في الفريق، وأيضا اكتشاف آخري من الأكاديمية من أجل تسويقها باستمرار، للتربح منها، لكن بوكيتينو المتجدد بفعل ميسي ومبابي، ربما لن يتيح له ذلك، إذ بات يؤمن بأحقية نجوم في التواجد المستمر في تشكيلة الفريق مهما كان مستواهم داخل أرضية الملعب.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة