رياضة
.
أعاد المصارع المصري أحمد فؤاد بغدودة ظاهرة هروب الرياضيين العرب إلى أوروبا مرة أخرى إلى السطح، وهي قضية قديمة تنوع أبطالها ومناسبات هروبهم، لكنها بقيت ثابتة ترفض التزحزح أو الاختفاء إلى الأبد.
وكان المصري أحمد فؤاد بغدودة (22 عاماً) شارك مع منتخب مصر للمصارعة في مدينة الحمامات بتونس وتوج بالميدالية الفضية في البطولة الأفريقية للمصارعة الرومانية وزن (63 كلغ).
جرت فعاليات البطولة في الفترة من 15 إلى 21 الماضي.
بحسب عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للمصارعة إبراهيم عادل في إفاداته للقاهرة 24، فإن بغدودة طلب جواز سفره من البعثة من أجل (تغيير نقود) قبل أن يستغل تأشيرة دخول سياحية إلى (شنغن فيزا) كانت موجودة سلفاً بجواز سفره ليغادر سراً إلى فرنسا، مشيراً إلى أن البعثة اكتشف ذلك عندما كانت تهم بالعودة إلى مصر.
وبعد انتشار خبر هروب أحمد بغدودة، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي وكذا الإعلام في مصر بالقضية، وتباينت الآراء حولها بين مؤيد للاعب بسبب معاناته ماليا، وأيضا إهماله، وبين نفي من اتحاد المصارعة والسلطات الرياضية لذلك.
وفي هذا السياق، استضاف برنامج كلمة أخيرة على فضائية "اون تي في" للإعلامية لميس الحديدي والد اللاعب فؤاد بغدودة، الذي أكد بأنه ابنه لم يتقاضى سوى مبلغ 2200 جنيه مصري (71.2 دولارا أميركيا) شهريا من المشروع القومي، وكان ذلك عن شهرين فقط، فيما نفي تصريحات من اتحاد المصارعة عن حصول أحمد على راتب 7 آلاف جنيه مصري (226.49 دولارا أميركيا) شهريا من اتحاد المصارعة المصري.
وزاد بغدودة أن ابنه لم يتقاضى أي مبلغ من الاتحاد طوال 12 عاماً، فيما الوقت الوحيد الذي كان لديه راتب سنوي مستحق بقيمة 16 ألف جنيه (517.77 دولارا أميركيا)، تم خصم مبلغ 14 ألف و800 جنيه (478.93 دولارا أميركيا) كضرائب، وتم منحه فقط 1200 جنيه مصري.
بدوره، ردّ إبراهيم في تصريحه للقاهرة 24 على ذلك، بأن أحمد كانت عليه ديون مستحقة على الاتحاد بقيمة 12 ألف جنيه مستحقة، إلى جانب استلامه 3 آلاف جنيه مصري شهرياً كراتب من الاتحاد.
في فضاء الرياضة العربية، فتحت قضية هروب أحمد فؤاد بغدودة إلى فرنسا ملفات رياضيين كثر سبقوه إلى ذلك، فيما عادت نقاش أسباب ذلك أيضاً إلى السطح من جديد.
وتعتبر مصر صاحبة أكبر عدد من حالات هروب اللاعبين إلى أوروبا في الآونة الأخيرة، وهنالك قصة شهيرة تبدو أكثر غرابة حدثت في 2015.
وتعود تفاصيل القصة إلى انتحال 12 مصريا صفة لاعبين في فريق لكرة الجرس الخاصة بالمكفوفين، الذي كان يشارك في منافسة دولية ببولندا، قبل أن يفروا جماعة للهجرة في أوروبا.
وكان أحد أندية المعاقين قد طلب من اتحاد ألعاب المكفوفين المشاركة فى بطولة بولندا، وهو ما وافق عليه رئيس الاتحاد السابق للرياضة، دون أن تُكتشف حقيقة أعضاء الفريق، كما أن وزير الشباب والرياضة المصري وقتها خالد عبد العزيز، وقّع هو الآخر قرار سفرهم، دون أن يكتشف لا هو ولا رئيس الاتحاد أن الأمر يتعلق بأشخاص أسوياء كانوا يخططوا للهجرة والبحث عن العمل.
وفي أغسطس 2022 هرب لاعب منتخب مصر للمصارعة الرومانية تحت 17 سنة، محمد عصام، بعد انتهاء بطولة العالم للمصارعة للناشئين في إيطاليا.
وسبقه هروب لاعب منتخب الشباب للمصارعة الحرة، أحمد حسن بوشا، في أغسطس 2017، بعد المشاركة في بطولة العالم التي أقيمت بفنلندا. وبعد عامين من الواقعة، تحديدا عام 2019، هرب شقيقه حسن حسن بوشا أيضا خلال بطولة العالم التي أقيمت بالمجر.
ربما تصدرت مصر في جانب هروب اللاعبين بصفة شرعية كممثلين لبلادهم، لكن هنالك في شمال أفريقيا، حيث القرب الجغرافي من القارة العجوز، توجد الكثير من القصص المؤثرة، لرياضيين يأسوا من أوضاعهم المالية، قبل أن يستغلوا قوارب الموت ويركبوا أمواج البحر الأبيض المتوسط، وهم بالمئات، بل منهم من راح ضحية لهذه المغامرة المميتة.
ومن أبرز هذه النماذج بطل المغرب في رياضة الـ"كيك بوكسينغ" لـ4 مرات أيوب مبروك، الذي بلعته مياه المتوسط في العام 2018.
أما النماذج الأخرى، التي اقتفت أثر المصري بغدودة، فأيضاً موجود بالنسبة لشمال أفريقيا، ففي 2021، انضم ملاكمان مغربيان إلى قائمة الهاربين من بوابة تمثيل بلادهم في محفل دولي إلى النعيم الأوروبي المأمول.
وكانت بعثة المنتخب المغربي المتواجدة في العاصمة البولندية وارسو وقتها، تنتظر كل من رضا البويحياوي، الذي كان مقرراً أن يُنافس في وزن أقل من 60 كلغ، وزميله إلياس بنلمليح الذي ينافس في وزن أقل من 57 كلغ، للظهور المشرف في بطولة العالم لملاكمة الشباب، قبل أن تكتشف مغردتهما فندق الإقامة واختفائهما عن الأنظار.
وانضم الثنائي إلى رياضيين مغاربة كثر سبقوهم على هذا الدرب، إذ سجلت المغرب في 2015، اختفاء 5 ملاكمين مغاربة من فندق إقامة وفد المنتخب لـ"الكيك بوكسينغ والمواي طاي"، بالعاصمة الصربية بلغراد، أثناء مشاركتهم في بطولة العالم، لتعود البعثة الرسمية للمنتخب المغربي دون خمسة من رياضييها فضلوا الهجرة غير الشرعية، ويتعلق الأمر بكل من حميد باعراب، ومحمد الموخ، وكمال أوسطي، ورياض أزواغ، وطه الصغير.
على الرغم من تعدد نماذج الهاربين عبر منتخباتهم العربية إلى أوروبا، لكن تبقى تجربة المصارع التونسي سليم طرابلسي الأكثر نجاحاً.
وغادر طرابلسي معسكر منتخب بلاده في بولندا في 2016، حيث كان يستعد معهم لأولمبياد ريو، قبل أن يذهب إلى فرنسا التي منحته جنسيتها.
وفيما بعد فاز طرابلسي ببطولة فرنسا للمصارعة وزن 125كلغ، كما شارك باسمهما في الكثير من المحافل الدولية.
النموذج الآخر للنجاح، وإن كان لا ينتمي لهؤلاء مباشرة، فإنه على صلة بالهاربين بشكل أو بآخر، وهو المصري طارق عبدالسلام، لاعب منتخب مصر للمصارعة، الذي تعرض للإصابة، قبل أن يتخلى عنه اتحاد اللعبة، ليقرر الرحيل إلى بلغاريا، وهناك أضطر للعمل كبائع شاورما من أجل علاج إصابته.
وبعدها تم عرض الجنسية عليه فوافق، ليلعب بعدها طارق عبد السلام تحت العلم البلغاري، إذ حصد ذهبية بطولة أوروبا تحت 75 كيلوغراما في مايو 2017.
أسباب
لقدم الظاهرة، وأيضا انتشاؤها، لم تتوقف التساؤلات حولها يوما، ليدلي كل بدولوه في أسبابها.
ومن خلال استعراض النماذج السابقة، يبدو الجانب المالي والرغبة في تقدير أكبر هو أحد أكبر الأسباب، والدليل، ربما هو بحث الكثيرين منهم عن عمل، من اجل تحسين أوضاع أسرهم المعيشية.
السبب الثاني، ربما يعود إلى الخلل الإداري، حيث الخلافات وتباين وجهات النظر، والدخول الفي خلافات، وهذا يمثله من ناحية المصري بغدودة، الذي تحدث والده عن ضغوطات مُورست عليه من قبل الاتحاد المصري للمصارعة.
كما يمثله في جانب الخلل الإداري التونسي سليم طرابلسي، الذي خرج في فيديو بعد قرار مغادرته معسكر تونس في بولندا، إلى معاناته من برمجة التحضيرات، وضغوط أخرى من المسؤولين عن الرياضة في تونس.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة