رياضة
.
لا تزال ردود الأفعال حول حادثة هروب لاعب منتخب مصر للمصارعة الرومانية أحمد فؤاد بغدودة إلى فرنسا خلال مشاركته في بطولة أفريقيا للمصارعة في تونس، مستمرة في الإعلام المصري، إذ جذبت على خطها الكثير من الأطراف الرسمية والشعبية.
وبين انتقادات للاعب، وردّ من والده بمعاناة ابنه من الضغوطات وعدم التقدير المالي، أعلنت الأكاديمية الوطنية للتدريب المصرية تقديمها منحة لتدريب وتأهيل اللاعب، وذلك بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، فيما طالب رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس اللاعب بالعودة إلى مصر ومعالجة كل أوضاعه.
رغم كون حالة بغدودة ليس الأولى لهروب رياضيين مصريين أو عرب من بوابة مشاركتهم مع منتخبات بلادهم في محفل خارجي، لكنها فيما يبدو سلطت الضوء أكثر على المعاناة المستمرة لنجوم الرياضات الأخرى غير كرة القدم في مصر.
وغرد بطل المصارعة السابق محمود سبيعي الذي قرر السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية، لاستكمال مسيرته الرياضية حيث يشارك هناك الآن، وأكد أنه راتبه كان 35 جنيها مصريا عندما كان لاعبا لمنتخب المصارعة وبطلا أولمبيا على الصعيدين العربي والأفريقي.
بعدها بساعات، نشر سيف الدين إسماعيل لاعب منتخب مصر للترايثلون ستوري عبر حسابه بموقع تبادل الصور بإنستغرام بها صورة لراتبه الحالي من اتحاد اللعبة، والذي تم إيداعه في حساب، الاثنين الماضي، وبلغ 596 جنيها مصريا.
وبدا هؤلاء كمن يدعمون بغدودة الذي تمت مهاجمته إعلاميا على ما فعله.
في سياق تشريح ظاهرة هروب الرياضية والوقوف على أسبابها في مصر، عاد جدل تغول كرة القدم على بقية الرياضات واستئثار لاعبيها بنصيب الأسد من الرواتب والاهتمام إلى سطح الاحدث مجددا.
ورغم عدم منطقية مساواة كرة القدم ببقية الألعاب حاليا، حيث الشعبية والاهتمام الكبير بالساحرة المستديرة محليا في مصر وعربيا وعالميا، لكن مدخل الجدل الرئيس كان بسبب حجم الرواتب نفسها، وعدم مناسبتها للإنجازات والواقع المحلي.
في هذا السياق، نشرت سكاي نيوز الاثنين، تقريرا سلط فيه الضوء على هذه الظاهرة، وسار التقرير في اتجاه التساؤل بشأن أحقية النجوم بمثل هذه الرواتب الفلكية، والتي تضاهي رواتب لاعبين في دوريات كبرى في مناطق أخرى، ذات اقتصادات أقوى.
ومن أبرز الأمثل لاعب بيراميدز المصري رمضان صبحي الذي يتقاضى راتبا سنويا قدره 2 مليون دولار أميركيا نحو أكثر من 30 مليون جنيها مصريا، متوفقا على زميله بالفريق عبدالله السعيد الذي يتقاضى 25 مليون جنيها مصريا، بحسب التسريبات، إذ لا يوفر اتحاد الكرة في مصر وغالبية الدول العربية معلومات مفصلة عن حجم الرواتب.
وهنالك أيضاً حديث عن حصول نجم الأهلي التونسي علي معلول على راتب سنوي 1.4 مليون دولار، وزميله في الفريق الجنوب أفريقي بيرسي تاو على 1.25 مليون دولار.
وفي آخر ميزانية لأكبر ناديي كرة قدم في مصر في 2022، الأهلي والزمالك، بلغت رواتبها للاعبين 615 مليون جنيها مصريا.
ويتصدر الأهلي بميزانية أجور سنوية تبلغ 413 مليون جنيه، فيما تبلغ قيمة صرف الزمالك على لاعبيه 200 مليون جنيه.
جزءا كبيرا من الجدل حول هروب أحمد فؤاد بغدودة، كان حول ما يتقاضاه فعليا، ففي وقت أصرت فيه وزارة الشباب والرياضة المصرية على أنه يتقاضى راتبا شهريا يبلغ 3 آلاف جنيه، أكد والده في مداخلة تلفزيونية أن كل ما تقاضاه ابنه كان عبارة مبلغ 200 جنيه في الشهر ولمدة شهرين فقط من المشروع القومي للبطل الأولمبي والموهبة في مصر.
وبنظرة أدق على مشروع البطل الأولمبي، ستتضح الفوارق الكبيرة بينه وبين الوضع في كرة القدم.
وبلغت ميزانية المشروع في 2021 40 مليون جنيه، لكنها مخصصة لـ 2856 رياضي، في 11 لعبة، وهي المصارعة والملاكمة ورفع الأثقال والتايكوندو والجودو وألعاب القوى والأسكواش وتنس الطاولة مع الألعاب الجماعية كرة اليد وكرة السلة وكرة القدم، وذلك من خلال 282 مركزا للتدريب.
وحسابيا، تعني هذه الميزانية، أن راتب رمضان صبحي لوحده يقترب من ضعفها، إذ يقترب من 62 مليون جنيه مصري في السنة.
وبالعودة لميزانية المشروع في 2021، وبحال تم توزيعها على 2856 رياضيا، فسيصل راتب كل منهما سنويا إلى 1400 جنيه، وهو مبلغ يوضح حجم المعاناة والفوارق، لكن هذا لا يعنى أنه واقع فعلي الآن، إذ تقوم الاتحادات ووزارة الشباب والرياضة المصرية، بمنح رواتبا لمنتسبيها.
وفي هذا السياق أعلنت وزارة الشباب والرياضة المصرية مؤخرا رصدها مبلغ مليار و100 مليون جنيه للاتحادات الفردية، استعدادا لأولمبياد باريس 2024.
رغم معاناة نجوم الألعاب الفردية ماليا في مصر، فإن انجازاتهم تعد كبيرة للغاية، بل يمكن أن تكون أفضل من منتخبات كرة القدم المصرية على الصعيد الخارجي.
وفي آخر أولمبياد في طوكيو 2020، المؤجل (تأجل بفعل كورونا ولعب في 2021)، سجلت البعثة المصرية مشاركة تاريخية، بتحقيق 6 ميداليات، منها ذهبية فريال أشرف في الكاراتيه، وفضية الخماسي الحديث عن طريق أحمد الجندي.
كما حصدت مصر 4 برونزيات، اثنين منها في التايكواندو، وواحدة في المصارعة وأخرى بالكاراتيه.
وفي هذا العام، حققت الألعاب الجماعية والفردية خلال الأيام القليلة الماضية إنجازات كبيرة فى الكاراتيه والاسكواش والجمباز والسلة وألعاب القوى والسباحة، ففى الكاراتيه، تحققت 8 ميداليات، وفى المصارعة حُصدت 58 ميدالية متنوعة بينها 38 ذهب، وفى الاسكواش حصل بطل العالم على فرج على بطولة مانشستر يونايتد المفتوحة، وميداليات أخرى في رياضات مختلفة.
قصة تغول كرة القدم على بقية الألعاب، ليست حالة مصرية فريدة فقط، وإنما هو وضع يحدث في الكثير من الدول العربية الأخرى.
وفي تونس، حيث تعيش الألعاب الفردية حالات تألق مشابهة لمصر، بعد أن حقق لها لاعب التايكوندو محمد خليل الجندوبي ذهبية في أولمبياد طوكيو، تشكو رياضات فردية أخرى من التهميش وعدم التقدير.
وقال الملاكم التونسي السابق مراد الصحراوي في إفادة لرويترز أن هنالك أزمة تهميش قديمة تعيشها الرياضات الفردية في تونس، وضرب مثلا بحالته، عندما وقع عقدا مع وزارة الشباب والرياضة التونسية في 2005 مقابل 30 آلاف دينار تونسي (10 آلف دولار) لكنه لم يتحصل منها سوى على 20 ألف دينار فقط طوال مسيرته.
يحدث هذا في وقت بلغ فيه راتب محترف الترجي الليبي حمدو الهوني في 2021 50 ألف دولار (140 ألف دينار) شهريا، إذ كان أعلى اللاعبين راتبا.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة