رياضة
.
بالمنطق العادي لكرة القدم، عادة ما تركض الأندية وراء المدربين أصحاب الخبرات والألقاب الكبيرة، لإنعاشها وإلهامها بمزيج خبراته، وقيادتها لمنصات التتويج تماما مثلما فعل مانشستر سيتي الإنكليزي الذي سلم رايته للإسباني بيب غوارديولا وجلس مطمئنا يتفرج على سحره.
بالمقابل، يبحث المدربون الآن على إشبيلية ليصنعوا تاريخهم الشخصي في ناد حطم الرقم القياسي بالحصول على ٧ بطولات من ٧ نهائيات خاضها، بنسبة نجاح ١٠٠٪ حتى أصبحت البطولة مسجلة باسمه عند وصوله الدور النهائي.
المدرب المغمور خوسيه مينديليبار، لم يتردد في قبول مهمة النادي الأندلسي المتخبط في جدول الدوري الإسباني، رغم امتلاكه حارسا من بين الأفضل في العالم، المغربي ياسين بونو.
منحت التصديات الرائعة الحارس المغربي ياسين بونو جائزة رجل المباراة النهائية أمس، ليضيف إنجازا شخصيا جديدا لمسيرته، التي يمتلك فيها لقب أول حارس عربي وأيضا أول حارس بتاريخ إشبيلية يفوز بجائزة زاموا لأفضل حارس في الدوريات الخمس الكبرى، مع ترشيح لجائزة أفضل حارس في العالم.
تصدى بونو لركلتي ترجيح حسمتا اللقب الأوروبي السابع لأشبيلية. أ ف ب
عن سر تألقه في التصدي للركلات الترجيحية في المواعيد الكبرى، يرجع بونو الأمر إلى ثباته الانفعالي قبل اتباع حدسه في اللحاق بتسديدات الخصوم على مرماه.
يحكي بونو، ٣٢ عاما، المولود في مونتريال الكندية لأبوين مغربيين من مدينة فاس العتيقة "ركلات الترجيح هي القليل من الحدس والتفاصيل. نجحت بشكل جيد، لذلك عليك أن تستمر في التفكير في أنها مهمة جزء من اللعبة، وعليك أن تأخذ في الاعتبار ما يمكن أن يحدث من مفاجآت".
عاد إشبيلية من التأخر بهدف إلى التعادل في الشوط الثاني، قبل الفوز بركلات الترجيح. أ ف ب
قبل مواجهتهما في نهائي بودابست باليوروباليغ أمس، كان الرهان هكذا: روما يجذب الأنظار بمدربه سبيشال وان، جوزيه مورينيو، الذي لم يخسر أي نهائي أوروبي من النهائيات الخمس التي خاضها، في مقابل إشبيلية مينديليبار، الذي لم يدرب في حياته بمسابقة أوروبية.
جاء مينديليبار إلى إشبيلية دون تاريخ، لكن النادي الأندلسي تكفل بلقبه الأوروبي الأول. أ ف ب
تلعب المباراة، ويبدأ اسم صاحب الملعب المجري الراحل فيرينتس بوشكاش في إلهام كلا الفريقين، ليقدما ملحمة كروية انتهت متعادلة بهدف لمثله، وحسمت بالترجيحية لصالح سيد البطولة وملكها إشبيلية، ليبسط هيمنته عليها، ويجرّع مورينيو طعم الهزائم في النهائيات القارية للمرة الأولى، الأمر الذي لم يتحمله فمنح ميداليته الفضية الأولى لأحد جماهير روما، في تصرف مثير، معتاد، من المدير الفني صاحب مثل هذا النوع من المواقف القوية.
قبل الليلة الكبيرة أمس، كان إشبيلية يمر بأسوأ أيامه مع المدرب الأرجنتيني خورخي سامباولي، قبل أن يقيله الفريق اليائس، وقتها، ويعين الباسكي خوسيه مينديليبار، في مارس، وهو المدرب الذي لا يتمتع بسيرة تناسب تلك الفترة الحرجة.
استلم مينديليبار تدريب الفريق الأندلسي، وفي رصيده لقب يتيم حققه مع بلد الوليد في الدرجة الثانية قبل أن يصعد به إلى الليغا في 2007، لكن سرعان ما تحول مينديليبار إلى ساحر في إشبيلية.
بعد أن كان الفريق يبتعد بفارق نقطتين فقط عن منطقة الهبوط من الليغا، وضعه مينديليبار في منطقة آمنة، يحتل حاليا المركز 11، كما تأهل رسميا إلى "الأبطال" بفوزه باليوروبا ليغ.
٧ تتويجات في ٧ نهائيات للفريق الأندلسي. أ ف ب
قاد مينديليبار إشبيلية في 11 مباراة في الليغا، حقق الفريق الفوز في 6 منها، وتعادل في 3، وخسر مباراتين. وفي يوروبا ليغ خاض خمس مباريات، خسر الفريق في مباراتين وفاز في 3 بما فيها الفوز على يونايتد ويوفنتوس.
منذ استلامه زمام تدريب إشبيلية، ظل مينديليبار، 62 عاما، وفيا لأسلوب تكتيكي واحد، يتعلق باللعب المباشر، يطبق خطة 4-2-3-1، لعب بسيط دون تعقيدات، وخط دفاع عال، مع الاعتماد على الأطراف وسرعة الأجنحة، وعرضيات لرأس الحربة المغربي يوسف النصيري، خصوصا من الأرجنتيني أوكامبوس، الذي بات مع مينديليبار أكثر حرية في الجهة اليمنى، بالإضافة إلى الأرجنتيني الآخر أكونيا.
لعل أبرز أحداث حفلة هيمنة إشبيلية على تاج الدوري الأوروبي، تجسدت في تكرار مشهدين في مونديال 2022 مرة أخرى في النهائي، وكانا مع إشبيلية.
المشهد الأول كان بطله الأسد المغربي ياسين بونو الذي تصدى لركلتي ترجيح من جيانلوكا مانسيني وروجر إيبانيز، ليساهم في فوز فريقه 4 ـ 2، ويكرر إنجازات تألقه في المونديال بقيادته منتخب أسود الأطلس إلى نصف نهائي المونديال بعد تصديه لثلاث ركلات ترجيحية من لاعبي إسبانيا.
أما المشهد الثاني فكان بطله الأرجنتيني غونزالو مونتييل، الذي نفذ في المونديال ركلة الترجيح الأخيرة، ومنح بها كأس العالم لرفاق ميسي، فيما كرر الأمر ذاته أمس ونفذ ركلة الجزاء الأخيرة على مرتين، صدها باتريسيو في المرة الأولى، ليعيدها الحكم بسبب تحرك حارس روما من على الخط ليسددها بنجاح، ويمنح إشبيلية لقبه السابع.
بتتويجه باللقب، بات إشبيلية أول فريق يفوز بجميع النهائيات الأوروبية التي خاضها، برصيد سبعة ألقاب من 7 نهائيات، جاءت 2 منها في كأس الاتحاد الأوروبي، الاسم القديم للمسابقة، و5 في الدوري الأوروبي، بالاسم الجديد.
يتفوق إشبيلية في زعامة الدوري الأوروبي، على ريال مدريد زعيم دوري الأبطال، إذ كان كلاهما فائزا بضعف ألقاب أقرب منافسيه، ريال مدريد مع 14 لقبا في الأبطال، بفارق 7 ألقاب عن ميلان، وإشبيلية بـ6 ألقاب بفارق الضعف عن إنتر وليفربول ويوفنتوس وأتلتيكو مدريد، قبل أن يعززها باللقب السابع، مساء الأربعاء.
في سياق لغة الأرقام والإحصاءات أيضاً، رفع إشبيلية بهذا اللقب غلة الأندية الإسبانية المتفوقة في البطولة، إلى 14 لقبا في يوروبا ليغ، نصفها لإشبيلية، لتتفوق أندية الليغا على أندية البريمييرليغ والكالتشيو الحاصلين على 9 ألقاب لكل منهم.
زاد هذا اللقب أيضاً، من الرصيد الإجمالي للأندية الإسبانية في جميع البطولات القارية منذ مطلع الألفية الجديدة، ليصبح عدد ألقابها 34 لقبا، بفارق 21 لقبا عن أندية البريمييرليغ صاحبة المركز الثاني بـ13 لقباً أوروبياً، ثم أندية الدوري الإيطالي بـ6 ألقاب، ومثلها لأندية البوندسليغا، و3 ألقاب لأندية الدوري البرتغالي، و3 ألقاب لأندية الدوري الروسي، ولقب لأندية الدوري الأوكراني، ومثله لأندية الدوري الهولندي.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة