رياضة
.
في الوقت الإضافي وفي مباراة مصيرية بين فولهام وبرنتفورد ضمن "البلاي أوف" المؤهل إلى الدوري الإنكليزي الممتاز 2020، وقف حارس برينتفورد الإسباني دافيد رايا يوجه زملائه بالوقوف بشكل أفضل في الحائط البشرى، للتعامل مع ركلة حرة مباشرة لخصمه، بدت للوهلة الأولى سهلة ولن تجلب أي متاعب على فريقه نظرا لبعدها، حيث اقترابها من وسط الملعب تقريبا.
دافيد رايا: كانت لحظات صعبة للغاية بعد المباراة شعرت بأنني خزلت الجميع
لكن في غمرة انشغاله بالحائط وخصومه تقدم رايا عن مرماه، لا لشي إلا لتأكده الكامل من كونها عرضية، لكن لاعب فولهام جو بريان أرسلها مباشرة إلى المرمى مع الزاوية الشمال، ليباغت رايا، ويمهد لفريقه العبور إلى البريمييرليغ، ويترك الحارس الإسباني يكابد الحسرة ولعنات جماهير فريقه الطامح للصعود إلى النخبة، وهو الحلم الذي تبخر بعد الخسارة 2 ـ 1.
"كانت لحظات صعبة للغاية بعد المباراة.. شعرت بأنني خزلت الجميع.. لقد تعاملت طوال الموسم مع كرات أكثر خطورة من هذه، لكن في تلك اللحظة وتلك الكرة بالذات، جاءت ودخلت مرماي"، هكذا تحسر رايا لـ "إي إس بي إن" على الهدف الذي ولج مرماه نتيجة سوء تقدير مفرط منه.
وأضاف رايا: "في لحظة مثل تلك تشعر بأنك وحيدا، محاصرا بكل الأفكار السلبية.. لقد تحسرت: إذا كنت تعاملت معها بشكل أفضل لصعدنا.. لقد كنت رهين هذه الضغوط طوال أيام بعد تلك المباراة".
ريا: لقد كنت رهين هذه الضغوط طوال أيام بعد تلك المبارا
رغم قساوة الموقف وتعاظم الضغوط، بدا رايا أكثر حظا وقوة وتماسكا أيضا، والسبب أنه عاد في الموسم الذي تلا تلك الخيبة بشكل مبهر، متصديا ومحبطا لهجمات الخصوم واحدة تلو الأخرى، حتى صعد ببرينتفورد إلى البرييميرليغ في 2021، وواصل تحويل غضبه إلى طاقة، ليثبت تواجده في أول مواسمه، قبل أن يضمه لويس إنريكي إلى قائمة الماتادور المشاركة مونديال قطر 2022.
حدث ذلك كله مع رايا، في وقت أرسلت فيه أخطاء مماثلة لخطأه حراس مرمى إلى المجهول، وهنا لا شك أن ذاكرتك ذهبت إلى حارس ليفربول الألماني لوريس كاريوس وما حدث معه في نهائي أبطال 2018 أمام ريال مدريد، وكيف أنتهى به المطاف حارسا منبوذا، لا يرغب أحدا في التعاقد معه.
ذلك كله، جعل من هذا المركز في لعبة الساحرة المستديرة الأصعب فيها بلا منازع، وهو حكم تسنده حجج ومتغيرات وتجارب.
حملت التعديلات التي أقرها (فيفا) في 1992 بخصوص قاعدة التمرير الخلفي من المدافع إلى الحارس، أنباء غير جيدة للأخير، إذ منعه من الإمساك بالكرة (الممررة) إليه من قدم زميله، ليضع هذا التغيير الحراس تحت ضغط المهاجمين، خصوصا الشرسين منهم، الذين يتصيدوا أخطاء الحراس مع مثل هذه الكرات.
الأخطبوط الألماني مانويل نوير حامى عرين البايرن
وزادت من صعوبة قوانين فيفا، مطالب المدربين، إذ بات مطلوبا من الحراس التعامل مع هذه الكرات بإتقان، أي إرسالها إلى داخل منطقة اللعب، مهما كان قرب مهاجم الخصم منه، وبحال إخفاقهم سرعان ما تقع اللائمة عليهم، رغم أن إرجاعها من الأساس، عادة، ما يكون سببه ضغوط على المدافع نفسه.
ورغم صعوبة الأمر، فإن هذا التوجه الجديد في كرة القدم أفرز حراسا مميزين في اللعب بالقدم، يتصدرهم الآن، الأخطبوط الألماني مانويل نوير حامى عرين البايرن، وحارس السيتي إديرسون موراييس، وحتى دافيد رايا نفسه، الذي طور كثيرا من مهاراته في هذا الصعيد.
وامتدح مدرب ليفربول يورغن كلوب عقب تعادل فريقه مع برينتفورد طريقة تعامل رايا بقدمه: "أعتقد أن هذا الحارس قادر على اللعب كرقم 10 في الفريق".
حراس المرمى يعيشون ضغوطا فوق التحمل
نظرا للانتقادات الحادة التي يمنى بها الحارس حيال خطأ ما، كثير ما يجد حراس المرمى أنفسهم تحت ضغوط يصعب تحملها، وأحيانا يكون سبب هذه الضغوط التفكير في عدم الأخطاء، قبل أن يتحول بدوره إلى أخطاء.
"الأفكار والأحاسيس والسلوك جميعها عناصر مرتبطة بالأداء.. إن الطريقة التي يفكر بها الحارس تؤثر حتما على أدائه في المباراة"، كان هذا تصريح كيفال بافل المختص في سايكولوجية أداء حراس المرمى، والذي يقدم مساعدات لحراس مرمى البريمييرليغ من واقع خبرته في العلاج المعرفي السلوكي.
وأضاف بافل في حديثه لموقع إي إس بي إن "مهمتي الأساسية تقوم على تعليم الحراس كيفية التلاعب بهذه العناصر الثلاثة، بهدف منعها من التأثير سلبا على أدائهم".
وعن طريقة تأثير هذه العوامل سلبا على حراس المرمى، يقول بافل إن الحارس عندما يجد نفسه في موقف مهدد، مثل الخوف من ارتكاب خطأ معين، فإن هنالك منطقة في الدماغ البشري تدعي "اللوزة الدماغية"، تلتقط مباشرة هذه المخاطر، وتبدأ في الاستجابة لها، وهنا يأتي دور بافل لتعليم الحراس قطع الطريق على هذه الاستجابة التي عادة ما تكون سلبية.
بالنسبة لحارس المرمى، فإن زملائه وخصومه يقفون بنفس درجة القرب منه (داخل منطقة الجزاء)، ما يحتم عليه مراقبة الجميع، وهو أمر صعب للغاية.
وعادة ما يجد الحارس مؤازرة كبيرة من زملائه المدافعين، أكثر من بقية لاعبي فريقه، والسبب هنا، لمعرفة المدافعين بالصعوبات التي تحتويها هذه المنطقة المزدحمة بالجميع.
وعلى وجه مغاير، يعاني حراس المرمى من الانعزال، بسبب أن تدريباتهم تجرى منعزلة وبعيدة عن بقية تدريبات اللاعبين بكل مراكزهم.
وبحسب مدرب حراس المنتخب الإنجليزي أنتوني وايت يعتبر هذا الأمر سببا في توتر العلاقات بين الحراس في الفريق الواحد، والسبب هو هذا الانعزال عن بقية اللاعبين، والتركيز فقط مدرب الحراس، الذي يحفز أحدهما ويوبخ الآخر.
في سياق هذا التوتر في العلاقة، أقر حارس إيفرتون والمنتخب الأمريكي تيم هوارد في تصريحات مثيرة في برنامج الممثل الأميركي بن فوستر "فوزكاست" بأنه كان يتمنى أن يخطئ حارس مرمى فريقه ويتسبب في خسارة الفريق من أجل نيل فرصته.
وأضاف هوارد: " إذا كنت على مقاعد البدلاء، وجاءت الكاميرا نحوي، سأصفق بالطبع لفريقي، لكن فعليا كل ما يهمني هو أن يخسر فريقي من أجل استعادة موقعي كحارس أساسي مجددا".
وبدوره اتفق مدرب حراس إنكلترا أنتوني وايت مع تصريحات تيم هوارد، وقال إنه من القليل جدا وجود علاقة جيدة بين حارسين متنافسين في فريق واحد.
١ - كاريوس في الزعامة: بمجرد الحديث عن الأخطاء الكارثية، يتصدر حارس ليفربول الألماني لوريس كاريوس الواجهة، بعدما ارتكب خطأين قاتلين أمام ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا في 2018.
ومرر كاريوس كرة بيده على قدم كريم بنزيمة، قبل أن يفلت كرة أخرى سهلة من غاريث بيل بصورة غريبة، ويتسبب في خسارة فريقه للنهائي 3ـ1.
٢- دي خيا أمام ميسي: شهد موسم 2018-2019 مواجهة بين برشلونة الإسباني ومانشستر يونايتد في إياب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا على ملعب كامب نو.
تلك المباراة شهدت تسجيل الأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي هدفا من تسديدة ضعيفة بيمناه، فشل دي خيا في التصدي لها.
٣ - بيكفورد أمام أوروبغي: في مباراة ملتهبة بين إيفرتون وليفربول في البريمييرليغ 2017 ـ 2018، كانت تسير نحو نهاياتها بالتعادل السلبي، ارتكب حارس إيفرتون جوردان بيكفورد خطأ قاتلا أمام مهاجم الريدز البلجيكي ديفوك أوريغي.
واستنجد الألماني يورغن كلوب، مدرب ليفربول، بخدمات مهاجمه أوريغي في آخر الدقائق، قبل أن يستغل هفوة بيكفود في تقدير الكرة، التي ارتطمت في العارضة ليودعها الشباك في الدقيقة السادسة بعد التسعين.
٤ - إدوارد ميندي ضحية أخرى لبنزيمة: مثل الألماني كاريوس، كان الحارس السنغالي إدوارد ميندي ضحية جديدة لمهاجم الريال كريم بنزيمة، وتسبب الخطأ في خسارة تشيلسي أمام الريال 3 ـ 1، في ذهاب دور الـ16 لمسابقة دوري أبطال أوروبا موسم 2021-2022.
٥ - دوفيرغر أمام هايتي: في خطأ ربما يعتبر الأغرب، استقبلت كندا ضيفتها هاييتي في الدور الثاني من تصفيات أمريكا الشمالية ومنطقة الكاريبي، المؤهلة لكأس العالم قطر 2022، في يونيو 2021، وكان عبارة عن هدية من حارس المرمى جوزيه دوفيرغر، الذي تعامل مع الكرة بطريقة كوميدية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة