رياضة
.
ما أن أكمل المصري أحمد حسام، ميدو، فترة إعارته لتوتنهام لمدة عام ونصف وعاد إلى فريقه روما الإيطالي، حتى تلقى مكالمة هاتفية عاجلة من مدربه في توتنهام مارتن يول يطالبه بالعودة فورا إلى توتنهام، والسبب هو "ارتكاب يول خطأ كبيرا بتعاقده مع البيلاروسي ديميتار برباتوف"، ليعود ميدو، ويوقع عقدا دائما لتوتنهام مقابل نحو 7 ملايين دولار في أغسطس 2006.
هذه الحادثة حكاها ميدو في برنامج حواري على قناة النهار المصرية جمعه في عام 2020 بزميله السابق في توتنهام حسام غالي، والذي بدوره كان سببا في إقناع ميدو بالعودة، وذلك بعد مشاهدة أولية لبرباتوف خلال التدريبات، لينصح ميدو بمقدرته على انتزاع مكان أساسي، وبسهولة، على حساب البيلاروسي البطيء للغاية".
بعد عودته، وبداية التحدي، وجد ميدو أن الوضع ليس كما تصوره المدرب يول وصديقه غالي، إذ لم يكن إخفاق برباتوف سوى معاناة وصدمة بدايات وجد نفسه فيها بعد وصوله للأراضي الإنكليزية، قبل أن يمتص تلك الصدمة، ويتحول بحسب ميدو إلى "يوهان كرويف".
الانطلاقة النارية لبرباتوف بعد التواضع المقلق في الموسم الأول، بدا معها محظوظا للغاية، إذ لم يتأخر كثيرا في التأقلم والتغلب على صعوبات البدايات، في وقت ضربت فيه هذه "المتلازمة" أسماء كبيرة، لتتحول إلى مجرد صفقات مخيبة للآمال.
ربما يكون قد بدر إلى ذهنك مباشرة الآن، النجم البلجيكي إيدين هازارد الذي وصل إلى ريال مدريد في 2019 ملكا، وغادره من الباب الصغير هذا الصيف، إذ لم يهتم به أحدا، في وقت تتنازعه فيه الآن قرارات اعتزال كرة القدم أو الذهاب إلى أميركا.
قبل هازارد، وفي الجانب الآخر من الليغا الإسبانية، مر البرازيلي فيليب كوتينيو بتجربة مماثلة مع برشلونة، فبعد أن جاء نجما فوق العادة من ليفربول، وبات أغلى صفقة في الميركاتو الشتوي بقيمة 120 مليون دولار، وقع فيليبي ضحية لحمّى البدايات، قبل أن تمتد آثارها الجانبية إلى ثقته بنفسه، لينخرط بعدها في رحلة تجول وإعارات انتهت به إلى نجم لا يكاد يذكر في أستون فيلا الإنكليزي.
في السياق المصري، لم تكن تجربة محمد صلاح سهلة عندما انتقل من المقاولون العرب إلى بازل السويسري عام 2012، فيما تجسدت المعاناة الأكبر عندما وصل إلى تشيلسي في 2014، قبل أن يغادره سريعا إلى إيطاليا دون أثر كبير، لكنه يعود مرة أخرى إلى البريمييرليغ، لكن هذه المرة في صورة "الفاتح المنتصر"، حيث تحطيم الأرقام والإنجازات، والتحول إلى سوبر ستار عالمي.
لماذا يعاني، غالبا، نجوم كبار في موسمهم الأول؟
رغم تشابه ظروف وطريقة لعب كرة القدم في كل العالم، لكن لا ينحصر مفهوم الانتقال إلى دوري جديد في التحول من ملعب إلى ملعب جديد، وإنما انتقال إلى حياة جديدة ونمط عيش مختلف، وثقافة جديدة، وحتى طعام جديد، تتطلب زمنا للتأقلم عليها، لكن هذا الأمر لا يبدو خيارا متاحا بالنسبة للاعبين، المطالبين بإظهار قدراتهم من أول ظهور على العشب الأخضر.
صحيفة "ذي أثلتيك" رصدت أسبابا أخرى قريبة من هذه، أبرزها الشعور بالحنين، لدى لاعب ربما لم يتجاوز العشرين عاما، يغادر بلده وأهله فجأة، ويقتحم عوالم غريبة.
في هذا السياق، تحدث محمد صلاح قبل أعوام لقناة مصرية عن تجربته الأولى في بازل "الأمر الأصعب في مسألة التكيف مع الدوريات الجديدة، هو أنني، مثلا، في مجتمعنا كنت أمضي وقتا مع العائلة، وأخرج رفقة الأصدقاء، وبعدها فجأة تجد نفسك وحيدا، في وقت لم تتجاوز فيها الـ19 من عمرك، هذه صدمة بالنسبة لك".
فشل صلاح في التأقلم مع تشيلسي، لكنه عاد مجددا من بوابة ليفربول. أ ف ب
يشرح صلاح هذا الشعور بالقول "تنتهى من تدريباتك عادة في الواحدة ظهرا، وبعدها لديك الكثير من الوقت، لا تعرف كيف تمضيه، لأنك لا تعرف البلد جيدا". وعن تجربته فيما بعد في تشيلسي، يقول "كانت تجربة صعبة ذهنيا، لم أتمكن من التعامل مع الضغط الذي يأتي أحيانا من الإعلام، وأحيانا أخرى من خارج الملعب، كما أنني لم أكن ألعب باستمرار، لذا شعرت بضرورة الرحيل".
وبدورها، رأت "ذي أثلتيك" أن كل لاعب تقريبا يحتاج لمدة قد تطول أو تقصر من أجل التكيف مع الوضع الجديد، مشيرة إلى أن التنقل بين عدد من الدوريات، قبل القدوم إلى الدوريات الكبيرة، ليس ضمانا لعدم المعاناة، وإن كان يقللها، وربطت الصحيفة سرعة التأقلم والتكيف بأجواء الفريق وغرفة الملابس تحديدا، ومدى انفتاحها ومساعدتها للقادمين الجدد.
مثل نجم ليفربول الحالي محمد صلاح الذي واجه صعوبات في البريمييرليغ وتغلب عليها لاحقا، هناك عدد من التجارب المشابهة، ويعتبر النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور مثالا على ذلك، إذ كان في عامه الأول مع ريال مدريد مثارا للسخرية، وذلك بعدما صار بعمر الـ18 لاعبا للملكي في يوليو 2018، إذ لم يلعب سوى 18 مباراة في الليغا، وسجل هدفا وحيدا.
الآن، يعتبر فينيسيوس النجم الأول في العالم وأحد أفضل اللاعبين بالعالم، بسجل خرافي وصل في الموسم الأخير، 55 مباراة في جميع المسابقات، وسجل فيها 23 هدفا، وهو يلعب في مركز الجناح المهاجم.
الموسم الأول لفينيسيوس كان كارثيا مع الريال، لكنه عاد وانفجر في الموسم التالي، أ ف ب
بالعودة إلى الوراء قليلا، واجه الهولندي دينيس بيركامب بعض الصعوبات التكتيكية في المقام الأول مع إنتر ميلان في 1990، لكنها حدت من انطلاقته كما يجب، وذلك بعد انتقاله إليه قادما من أياكس.
وقبله عانى الأرجنتيني هيرنان كريسبو بشدة في أول مواسمه، 1996ـ 1997، رفقة بارما الإيطالي عقب انتقاله له قادما من ريفر بليت الأرجنتيني.
باستثناء هازارد، يبدو خطر مواجهة صعوبات البدايات محدقا أكثر بنجوم انتقلوا من قارة إلى قارة، خصوصا من قارتي أميركا الجنوبية وأفريقيا إلى أوروبا. لكن يظل هذا الأمر غير محسوما دائما، إذ يختلف من حالة إلى أخرى، وهنا تتصدر تجربة النجم الإسباني نوليتو الواجهة.
بعد تألق كبير له في سيلتا فيغو، انتقل نوليتو إلى مانشستر سيتي في 2016، لكنه واجه صعوبات هناك بدا معها وكأنه لم يلامس الكرة يوما، ليرجع إلى إسبانيا محطما بعد ذلك.
من جهتها، تبدو تجربة الفرنسي ديميتري باييه غريبة للغاية، وذلك بعد انتقاله إلى وستهام الإنجليزي في 2015. وحدث أن تألق باييه بشدة في البدايات، لكن مع دخول الموسم نهاياته، بدأت معه دوامة المعاناة، التي وصلت ذروتها في الموسم التالي، ليرجع إلى فرنسا، ويعترف فيما بعد بإخفاقه في التكيف في إنكلترا.
ومن أول موسم له في البريمييرليغ، حطم هالاند الرقم القياسي لأكثر اللاعبين تسجيلا في موسم واحد بالبريمييرليغ، والذي كان مسجلا باسم كل من أندي كول وآلان شيرر بـ 34 هدفا، يليهما محمد صلاح بـ 32 هدفا في أول مواسمه مع ليفربول 2017ـ 2018، فيما سجل هالاند 36 هدفا.
وقاد هالاند السيتي إلى الفوز بأول لقب له في دوري أبطال أوروبا (الشامبيونزليغ)، وأيضا الفوز بكأس الاتحاد، ليحقق السيتي ثلاثية تاريخية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة