رياضة
.
انتهى موسم 2022 ـ 2023 في الكالتشيو الإيطالي بأرقام مخيبة للجوهرة المكسيكية لوكا روميرو مع لاتسيو، إذ لم يشارك رفقة فريقه سوى في 12 مباراة فقط، سجل فيها هدفا وحيدا، وإجمالي 270 دقيقة لعب فقط.
لو جلست إلى روميرو هذا الصيف، وقدمت له عرضا خياليا بحذف "أكثر لحظة غير مرغوب فيها" في مسيرته الكروية مقابل أن يدفع مليون يورو، فلن يتردد في التنازل عن ذلك الزخم الذي أُحيط به بعد مشاركته أمام ريال مدريد في مباراة عام 2020، والتي دخل عبرها تاريخ الليغا باعتباره أصغر لاعب يشارك فيها بعمر 15 عاما و219 يوما، إلى جانب تغني كل صحف العالم بموهبته، وإطلاق لقب "ميسي الجديد" عليه.
منذ اجتياحه صحف العالم في ذلك اليوم باعتباره "ميسي القادم"، لم يجد روميرو طريقه إلى الكرة والتألق، إذ باعه مايوركا إلى لاتسيو بعد ذلك بعام مقابل مليون يورو، ليبدو وكأنه انضم إلى قائمة ضحايا لعنة "المواهب المرشحة" لخلافة النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي.
روميرو، إحدى نسخ "ميسي الجديد"، التي انتهت بشكل سريع. أ ف ب
بدوره، لو سمع الدولي الإسباني بويان كركيتش بهذا العرض، لطلب الأمر ذاته، كما أنه لن يمانع بدفع 50 مليون يورو، من أجل العودة إلى الوراء لتأخذ مسيرته مسارا عاديا، غير الذي اتخذته بعد وصفه بـ"ميسي الجديد"، فدخل في دوامة تنقلات وإعارات، قبل أن ينتهي به المطاف في الدوري الياباني الآن.
في الساعات الماضية، ضجت وسائل الإعلام الأوروبية، بتحركات كبار الأندية، صوب الموهبة التركية أردا غولير، جناح فنربخشة، والبالغ من العمر 18 عاما. وفقا لموقع فوتبول إسبانيا، فإن غولير بات قريبا من الانضمام إلى برشلونة الذي جهز لناديه التركي عرضا بـ 17.5 مليون يورو.
بدورها، أكدت صحيفة آس الإسبانية، تحرك ريال مدريد بقوة لخطفه، وقطع الطريق على برشلونة، فيما رشح موقع ترانسفير ماركت الألماني بنفيكا البرتغالي، ونيوكاسل الإنكليزي للفوز بالصفقة. ولا يبدو ليفربول وتشيلسي بعيدين عن محيط اللاعب، خصوصا ليفربول الذي يتواجد غولير على رادار مدربه يورغن كلوب منذ أشهر.
بدأ غولير مسيرته الكروية مع الفريق الأساسي لفنربخشة في 2021، وشارك معه حتى الآن في 51 مباراة، سجل خلالها 9 أهداف وصنع 12 آخرين. وتبلغ القيمة السوقية لغولير 15 مليون يورو، بحسب ترانسفير ماركت، ويرتبط بعقد مع ناديه الحالي حتى 2025.
فى الموسم المنتهي، شارك الشاب في 35 مباراة مع فنربخشة سجل خلالها 6 أهداف وصنع 7، وتجسدت قمة تألقه في قيادته فريقه للتتويج بكأس تركيا على حساب باشاك شهير، بعد فوزه 2 ـ 0، صنع غولير أحدهما، وتوج بجائزة رجل المباراة.
شارك "ميسي التركي" في 35 مباراة مع فنربخشة سجل خلالها 6 أهداف وصنع 7. أ ف ب
منذ هذا التألق، بات غولير يلقب في صحف تركيا وخارجها، بـ"ميسي تركيا"، بسبب مهاراته وتحكمه في الكرة. يجيد "ميسي تركيا"، المولود في أنقرة، اللعب في أكثر من مركز، منها مركزه الأساسي كلاعب وسط مهاجم، ولاعب وسط وجناح كذلك.
مع المنتخب التركي، شارك غولير في 4 مباريات، وكان أول ظهور له في نوفمبر 2022، بعمر 17 عاما و8 أشهر و25 يوما.
حلم التشبيه بميسي يداعب الملايين من المواهب الكروية حول العالم، لكن على أرض الواقع فإن هذا التشبيه يأتي، عادة، بشكل سلبي بسبب الضغط الإعلامي والمتابعة اللصيقة من الجماهير، والدخول في أرقام ومقارنات، كلها ضغوط نفسية قد تكون أكبر من قدرة مراهق صغير على تحملها.
بأخذ لوكا روميرو كمثال تبدو الصورة أكثر وضوحا، فالأخير، وهو من مواليد المكسيك ويمثل الأرجنتين دوليا، بدأ مسيرته بشكل رائع عندما انضم إلى رديف ريال مايوركا في 2015، قبل أن يسجل له 280 هدفا في 108 مباراة فقط، طوال 4 أعوام.
بمجرد ظهوره التاريخي في الليغا أمام الريال 2020، خطف الأنظار، وبعدها لم يلعب روميرو أي مباراة أخرى مع الفريق الأول بالليغا، إذ أعاده سريعا إلى الفريق الرديف، وطوال موسم كامل، لم يسجل سوى هدف وحيد في 8 مباريات.
يمكن مقارنة ذلك بموهبة فينيسيوس جونيور، الذي وصل إلى الريال من البرازيل بعمر 18 عاما، لكنه قوبل بسخرية بسبب إضاعة الفرص السهلة، لكن هذه الضغوط، فيما يبدو كانت أخف من ضغوط تشبيهه بالبرتغالي كريستيانو رونالدو، أو رونالدو الظاهرة مثلا.
لم ينتظر فينيسيوس جونيور كثيرا حتى بات الورقة الرابحة لريال مدريد. أ ف ب
بدلا عن ذلك، ركّز الإعلام الإسباني، وقتها، على انتقاد زيدان ورئيس النادي فلورنتينو بيريز بسبب الإصرار على إشراك الشاب الصغير، حتى أن مهاجم ريال مدريد السابق والاتحاد السعودي حاليا كريم بنزيمة اصطادته الكاميرا مرة وهو يحذر مواطنه فيرلان ميندي من اللعب لفينيسيوس لكونه "يلعب مع الخصوم".
الآن، يمكن ملاحظة الفرق والتطور في مسيرة فينيسيوس، الذي يعتبر الآن نجما فوق العادة في مدريد.
وبالنظر إلى بداية تناول الإعلام وتعاطيه مع موهبة التركي أردا غولير الآن، يبدو أنه على موعد مع أضواء وضغوط أكبر بحال انضمامه إلى برشلونة، حيث هناك أرض ميسي وجمهوره، وهو أمر يضع موهبته تحت خطر التبخر أكثر من فرص التألق، فهل يكذب التوقعات والتاريخ؟
احتاج الأسطورة الأرجنتيني ميسي ٣ سنوات بعد ظهوره الأول في ٢٠٠٥، حتى انفجار موهبته بشكل كامل في العام 2008، ومن ثم جلوسه على عرش النجم الأول.
في 2012، أظهر النجم السويسري شيردان شاكيري مستويات مبهرة مع بايرن ميونيخ الألماني، بسبب التسديدات القوية بالقدم اليسرى والمراوغات، قبل تلقيبه بـ"ميسي السويسري".
لكن لم يستمر شاكيري بذات الوهج، ليرحل إلى إنتر ميلان ومنه إلى ستوك سيتي، الذي قدم معه مستويات جيدة نوعا ما، وبعده إلى ليفربول ملازما للدكة، وأخيرا في الدوري الأميركي رفقة شيكاغو فايرز حاليا.
في 2012 بدا العراقي همام طارق نجما فوق العادة، وبعد تألق لافت مع القوة الجوية العراقي انضم إلى الأهلي الإماراتي، شباب الأهلي حاليا، مقابل صفقة كبيرة، لكن سرعان ما بدأت موهبته في التأرجح، ليبدأ رحلة التنقل بين الخليج ومصر، ويلعب الآن بعمر 27 عاما، في فريق معيذر القطري.
وفي 2013، تفاءلت الكرة الإيرانية خيرا بميلاد موهبة ساردار أزمون، وزاد من ذلك التفاؤل دخول أرسنال الإنكليزي ضمن قائمة المرشحين لضمه مقابل مليوني دولار، قبل أن يتراجع، ويذهب الإيراني إلى روسيا، والآن يلعب في باير ليفركوزن.
ومنذ 2018 ظل الإندونيسي إيغاي ماولان يجذب أنظار كثير من الفرق الأوروبية، بعد تألق مبهر مع منتخب بلاده، ليلقب إثر ذلك بـ "ميسي إندونيسيا". وبدأ ماولان مسيرته في نادي ليخيا غدانسك البولندي، قبل أن ينتقل إلى دوري بلاده حيث يلعب الآن مع ديوا يونايتد.
ومن جهته، يعتبر الياباني تاكيفوسا كوبو المثال الأشهر لضحايا لعنة ميسي. فبعد تألق كبير في أكاديمية لاماسيا التابعة لبرشلونة، عاد تاكي إلى اليابان في 2015، قبل أن يلاحقه ريال مدريد ويضمه، بيد أن ظهوره في سانتياغو برنابيو كان محبطا للغاية، رغم إجماع الكثيرين على امتلاكه مهارات مماثلة لميسي.
بدأ الريال في إعارته إلى عدة فرق في الليغا، قبل أن يبيعه العام الماضي إلى ريال سوسييداد، ليصبح واحدا من سلسلة "ميسي الجديد" التي انتهت بشكل حزين.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة