رياضة
.
في سبتمبر 2022، تحول مؤتمر صحافي لمدرب باريس سان جيرمان السابق كريستوفر غالتييه ومهاجمه كيليان مبابي إلى أزمة في فرنسا، بسبب ضحكات ساخرة من الثنائي ردا على سؤال عن إمكانية "تغيير الفريق لوسيلة سفرياته الداخلية، بتوقفه عن استخدام الطيران واللجوء إلى القطارات حفاظا على البيئة".
القضية تفجرت بسبب استخدام الفريق الباريسي طائرة خاصة للسفر إلى مدينة نانت وقتها، والتي لا تبعد عن باريس سوى أقل من ساعتين بالقطار فائق السرعة بحسب ما أكد مدير السكك الحديدية الفرنسية ألين كرسكوفيتش.
منذ تلك اللحظة تغير الوضع بالنسبة للرياضيين، الذين أصبحوا مضطرين للحاق بدعوات الحفاظ على البيئة وتخفيض انبعاثات الكربون.
قبل أيام قليلة وبعد انطلاقة مدوية لبطولة ويمبلدون العريقة للتنس، دشنت رابطة محترفي التنس تطبيقا فريدا من نوعه، يهدف إلى تعقب الانبعاث الكربوني للاعبين، واُطلق ضمن مبادرتها لحث اللاعبين على تقليل بصماتهم الكربونية.
بشكل عام يعتبر نجوم كرة المضرب أحد أكثر الرياضيين سفرا وتنقلا في العالم، إذ يمكن أن يقطع لاعب التنس المحترف الواحد نحو 60 ألف ميل في العام الواحد من السفر جوّا، وعادة من تكون هذه السفريات بين قارات تفصلها بحار ومحيطات، ما يجعل الطيران الوسيلة الأسهل.
ما أن أطلقت رابطة محترفي التنس التطبيق الذي طورته بالتعاون مع شركة إنوفسيس الهندية، حتى أعلن الثلاثي، الروسي أندريه روبليف والأسترالي دومينيك تيم، بطل أمريكا المفتوحة للتنس 2020، والبريطاني كاميرون نوري، تسجيل دخولهم وانضمامهم إلى التطبيق الفريد.
الرو،سي أندريه روبليف واحد من نجوم اللعبة المتحمسين لتقليل بصمتهم الكربونية. أ ب
ولحق به قبل يومين نجم التنس البولندي إميل روسوفوري، ليصبح الأحدث من بين الراغبين في مشاركة بصمتهم الكربونية عبر سفرياتهم عبر التطبيق الجديد.
البصمة الكربونية هي إجمالي الغازات الدفيئة الناتجة عن الانبعاثات الصناعية أو الخدمية أو الشخصية، ويهدف قياسها للحد من الآثار السلبية لتلك الانبعاثات.
اشتق مفهوم البصمة الكربونية واسمها من مفهوم البصمة البيئية أو الأثر البيئي، والذي طوره ويليام إي ريس وماتيس واكرناغل في تسعينيات القرن العشرين.
بشكل بسيط تعتبر البصمة الكربونية هي كل ما ينتجه الشخص من الغازات الضارة مثل ثاني أكسيد الكربون، وذلك عبر أنشطته اليومية مثل استخدام الكهرباء من مصادر أحفورية كالبترول والغاز، والتنقل عبر السيارات، أو حتى تناول اللحوم بسبب إنتاج الأبقار غاز الميثان أثناء عملية تربيتها في المزارع.
بحسب، بي بي سي، تدرك رابطة محترفي التنس أن التطبيق وحده لن يُحدث أثرا كبيرا، إذ من الصعب إقناع لاعب تنس من النخبة، قادر على شراء أو استئجار طائرة خاصة على تركها والسفر من قارة إلى قارة أخرى بوسائل بديلة ومتنوعة في نفس الرحلة، لكن الرهان الأكبر سيكون على الخطوة الأخيرة من الرابطة بترسيخ النهج الحالي عبر جدولة البطولات جغرافيا وبشكل فصلي.
يعني ذلك لعب غالبية بطولات القارة العجوز في فصل الربيع، وقبل التحول إلى دول أمريكا الشمالية ولعب بطولاتها في فصل الصيف، والعودة إلى آسيا في فترة الخريف، حيث تقل الأمطار عادة.
داخل التطبيق، يمكن أن تقوم الرابطة بخطوات تشجيعية، وذلك بمنح كل من يسافر أميالا أقل بالطائرات نقاطا خضراء، تعرض على التطبيق وملفه الشخصي، إلى جانب شراء النجوم غير الملتزمين بتقليل سفرياتهم، لنقاط "غرامات" بيئية تذهب لصالح جهود مكافحة التغير المناخي.
"من فنلندا يمكنني السفر إلى داخل وخارج وأوروبا بالطائرة، لكن جربت في العام الماضي الاستقرار في مكان هادئ في ميلان الإيطالية، وطوال شهرين ظللت أسافر إلى المشاركة في البطولات داخل القارة عبر سيارة أو القطارات. تنقلت بين ميلان وجنيف وباريس ومونت كارلو، أعتقد أنها كانت طريقة مثالية للاستمتاع بالأماكن والمناظر الطبيعية"، هكذا علق لاعب التنس البولندي المصنف 47 عالميا إميل روسوفوري لبي بي سي.
اعترف اللاعب البريطاني كاميرون نوري بصعوبة امتثال اللاعبين للأمر، رغم إشادته بفكرة التطبيق. أ ب
من جهته، اعترف لاعب التنس البريطاني كاميرون نوري بصعوبة امتثال اللاعبين للأمر، رغم إشادته بفكرة التطبيق "أعتقد أنه من المهم تتبع تأثير الرياضيين في عملية انبعاثات الكربون عبر سفرياتهم، لكن يبدو تطبيق فكرة التعقب معقدة، فمن الصعب حقا جدولة رحلة طويلة على أكثر من وسيلة نقل".
تعتبر بطولة ويمبلدون للتنس، إحدى أعرق وأكبر الأحداث شعبية في بريطانيا، إذ يتدفق على ملاعبها جنوبي غرب لندن نحو نصف مليون شخص، لمشاهدة نجوم النخبة في اللعبة، وهم يتبارون بأزيائهم البيضاء الموحدة.
وفي نسخة 2021 وبعد مرور عام على جائحة كورونا، وطوال أسبوعين، مدة تنظيم البطولة، استهلكت 234 ألف وجبة طعام من قبل الحضور، و53 ألف كرة تنس، وخيوط شبكات تنس بطول مسافة 40 ميل، إلى جانب استهلاك 191 ألف قطعة فراولة، وهي الفاكهة الرسمية للبطولة تاريخيا، إضافة إلى 450 ألف قطعة متنوعة من البضائع.
وبالعودة إلى سيرورة إنتاج ونقل هذه الأشياء، وجدت إحصائية لموقع إيكو إكسبرت أن إجمالي غاز ثاني أكسيد الكربون الذي انبعثت من البطولة تجاوز ٣٥ طنا من هذا الغاز الضار بالبيئة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة