رياضة

أنس جابر.. هل حان موعد "الغراند سلام"؟

نشر

.

Mussab Gasmalla

بخطوات واثقة ووسط أجواء تخلصت لتوها من ثمة أشعة شمس حارقة وبدأت في استقبال برودة المساء المنعشة في ملاعب ويمبلدون للتنس، دخلت التونسية أنس جابر تحيي جماهيرها قبل مواجهة التشيكية بيترا كفيتوفا، الاثنين، في ثمن نهائي البطولة الإنكليزية العريقة. وخلال تجهيزاتها أطفأت هاتفها الذي التقطته الكاميرات، وظهرت خلفيته مزدانة بصورة لدرع ويمبلدون، وبدا أنها رسالة واضحة ودلالة على الجاهزية الكاملة، ليس فقط للمواجهة تلك، وإنما للبطولة بأكملها.

لم تكذّب النجمة التونسية التوقعات، إذ نجحت في تكبيد منافستها التشيكية والمتوجة بويمبلدون في 2011 و2014 الهزيمة 6 ـ 0 و6 ـ 3، لتعبر بسهولة إلى الدور ربع النهائي من البطولة.

عقب الانتصار الرائع، ركزت وسائل الإعلام في تناولها الخبر على زاويتين، الأولى كانت بمنزلة قفزة إلى الأمام، حيث مواجهة جابر المرتقبة والثأرية في ربع النهائي مع الكازاخية إيلينا ريباكينا، والتي حرمتها من أول فرحة بالغراند سلام، بعد أن هزمتها في نهائي ويمبلدون العام الماضي، وبدورها، عبرت ريباكينا إلى ربع النهائي بعد انسحاب منافستها البرازيلية بياتريس حداد مايا خلال المباراة التي سبقت مواجهة "أنس- كفيتوفا".

أما الزاوية الأخرى، فكانت مادحة لأنس وأسلوب لعبها الرائع، إذ منحت الجماهير المكتظة في الملعب وجبة دسمة، قوامها التغيير الخاطف للسرعة وزوايا التسديد، إلى جانب التسديدات القصيرة، وهي التكنيكات التي أوقعت بسببها تلك الجماهير في حبها والشغف بها.

تتميز أنس بأسلوب لعب متنوع، تسبب في رفع شعبيتها وسط جماهير اللعبة. رويترز

في السياق ذاته، لا يعتبر هذا الأمر وليد فورة حماس عابر من أنس، وإنما "ستايل" لعب ظلت تلتزم به طوال مسيرتها الملهمة، ليجعلها واحدة من أكثر النجمات المحبوبات جماهيريا، من ناحية تغيير نسق لعبها باستمرار بغض النظر عن النتيجة، إلى جانب الاستمرارية أطول مدة ممكن في اللعب، وعدم استخدام الدهاء التكتيكي المتمثل في ادعاء الإصابات، لامتصاص حماس منافستها على الجانب الآخر.

صوت "لغة الأرقام"

في ظل انشغال وسائل الإعلام بفوز أنس، وضربها موعدا فوق العادة مع الكازاخية، فتح مدون الأرقام القياسية في عالم التنس صفحات كتابه الحافل، ومنح النجمة التونسية رقما ملهما. عندما باتت أنس البالغة من العمر 28 عاما أول لاعبة منذ 2014 تصل إلى الدور ربع النهائي في بطولة ويمبلدون العريقة للتنس 3 مرات متتالية.

وفي 2021، توقفت مسيرة أنس في ربع النهائي، فيما خسرت نهائي 2022 أمام منافستها في ربع النهائي لهذا العام ريباكينا.

وبحسب موقع تنس دوت كوم فإن أنس جابر المصنفة حاليا رقم 6 عالميا، كررت إنجاز كل من ضحيتها في مباراة ثمن النهائي، أمس، التشيكية بيترا كفيتوفا، والألمانية سابين ليزيكي في الفترة من 2012 ـ 2014، عندما تواجدتا طوال هذه الأعوام في ربع نهائي ويمبلدون، لكن منذ تلك اللحظة بدا الأمر مستعصيا على سيدات التنس.

أنس على موعد لتحقيق الحلم التونسي والعربي بأول رياضية عربية في التاريخ تحصل على واحدة من البطولات الأربع الكبرى. أ ف ب

وجاء تواجد كفيتوفا خلال مواسمها التاريخية في ويمبلدون من 2010 وحتى 2014، إذ ظهرت 5 مرات في ربع النهائي، وتوّجت بلقبين (2011 و2014). بدورها تواجدت الألمانية ليزيكي 4 مرات في الفتر من 2011 ـ 2014، وكان الإنجاز الأبرز الوصول إلى نهائي 2013 وخسارته.

لماذا بات الحلم قريبا من جابر؟

لو بحثت في مسيرة أنس جابر في التنس، فإن العام الماضي يعتبر الأنجح لها، وذلك بسبب وصولها إلى نهائيين كبيرين هما ويمبلدون، وفلاشينغ ميدوز، وخسارتهما تواليا.

ورغم الحسرة من هذه الخسائر، فإن بعض المؤشرات التي يمكن البناء عليها، أي بمعنى إمكانية تعلم أنس من تجربة النهائيين، من أجل التعويض هذا العام. يعتبر نهائي ويمبلدون، وفلاشينغ ميدوز 2022، أول نهائيين لأنس في تاريخها مع البطولات الكبيرة، ما يعنى أن هنالك إمكانية أكبر للتعويض بداية من هذا العام.

وبالعودة إلى مشوار أنس في العام الماضي تجاه النهائيين، تتبدى أيضا بعد المؤشرات الجيدة.

في 2022، غابت أنس عن بطولة أستراليا المفتوحة بسبب الإصابة، فيما خرجت من الدور الأول في رولان غاروس، قبل أن تصل إلى نهائي ويمبلدون وفلاشينغ ميدوز.

لكن هذا العام، بدت أنس أكثر جدية وثقة، إذ وصلت إلى الدور الثاني في أستراليا المفتوحة وربع نهائي رولان غاروس (أفضل نتيجة لها منذ مشاركتها في البطولة عام 2012)، كما تسير الآن بخطى واثقة في ويمبلدون.

وبحال، بلغت النهائي هذا العام، يمكن أن تنال أنس أول لقب كبير في مسيرتها.

هنالك أمر أخر مهم، رغم أنه يخالف إحدى الدراسات العلمية، وهو صغر سن أنس، 28 عاما، مقارنة مع ظاهرة "تعمير" نجوم ونجمات التنس في الملاعب، ما يعني أنها بلغت للتو ذروة مسارها الرياضي.

كانت دراسة نشرتها مجلة المكتبة الوطنية للطب الأمريكية ذروة لاعبي ولاعبات التنس في سن الـ 24، وبحسب منطق العمر، ينبغي أن تبدأ مرحلة أفول النجومية في سن الـ30، وهو ما لا يسنده الواقع حيث بقاء السويسري فيدرر في قمة مستواه حتى الـ 40، فيما لا تزال فينوس وليامز تشارك بعمر 43 عاما.

اعرف أكثر عن..

الحلم التونسي

  • ولدت أنس جابر في 28 أغسطس 1994، بمدينة قصر هلال الساحلية في أسرة تتكون من ولدين وفتاتين هي أصغرهم.
  • بدأت أنس لعبة التنس بالتدرب على ملاعب فنادق في المنطقة الساحلية بسوسة، لعدم تواجد ملاعب تنس متخصصة وقتها، قبل أن تلفت الانتباه لموهبتها خلال المدرسة، ويتبناها المدرب نبيل مليكة.
  • طوال مشوارها ظلت أنس أيقونة ورمز إلهام في منطقتها وبلدها تونس، التي باتت بمنزلة قوة ناعمة لها دوليا.
  • على سبيل البطولات، توجت أنس في يونيو 2021 ببطولة برمنغهام للتنس لفئة "250" على حساب الروسية داريا كاساتينكا بمجموعتين دون رد، وكان أول لقب لها في مسيرتها.
  • في مايو 2022، توجت بثاني ألقابها في مدريد للتنس ذات الـ"100 نقطة"، وذلك على حساب الأميركية جيسيكا بيغولا بمجموعتين لواحدة.
  • جاء اللقب الثالث في يوليو 2022 ببطولة برلين بعد انسحاب منافستها السويسرية بليندا بنسيتش في الدور النهائي بسبب الإصابة.
  • أما آخر ألقابها، فحققته في أبريل ٢٠٢٣، في بطولة تشارلستون الأميركية للتنس ذات الـ"1000 نقطة"، وجاء أمام السويسرية بيلندا بينستش بمجموعتين دون رد بواقع 7-6 و6-4.

  • في يوليو 2021 باعت أنس مضربيها في مزاد علني لشراء معدات طبية ومساعدة المستشفيات في بلادها التي تعرضت لضربات مستمرة من فيروس كورونا، لتساهم أنس بالمقابل المادي في ترميم وإعادة تهيئة مدارس ومعاهد في محافظات مهمشة في شمال غرب تونس.
  • على الصعيد الشخصي، فإن أنس جابر متزوجة منذ عام 2015 من لاعب المبارزة السابق ومعدها البدني حاليا كريم كمون، ويدربها اللاعب السابق عصام جلالي.
  • تلقب أنس جابر في تونس بـ"وزيرة السعادة"، بسبب أدوارها الاجتماعية في بلدها، وأيضا إلهامها للكثير من اللاعبات العربيات.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة