رياضة
.
بعد أن تبنى الاتحاد الدنماركي لكرة القدم ورئيسه جاكوب ينسن الموقف الأكثر تشددا ضد قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بارتداء جميع "كباتن" المنتخبات أعلام "قوس قزح" على شاراتهم خلال مونديال 2022 الأخير، تماشيا مع عادات ومعتقدات البلد المستضيف قطر، وجد ينسن نفسه في هجوم مضاد بسبب هذا التشدد، قبل أن يحول بوصلة الأحداث، إذ أكد أن الانتقاد لفيفا يتخطى هذا الأمر، قبل أن يلمح إلى إمكانية انسحاب اتحاد بلاده من فيفا، واحتمال اقتفاء عدد من اتحاد الشمال الأوروبي لأثره في خطوته تلك.
لم يمر على تصريحات ينسن الجريئة أكثر من 3 أشهر، حتى حان موعد كونغرس فيفا الذي استضافته العاصمة الرواندية كيغالي، وهو الكونغرس الذي سيظل خالدا في التاريخ، على الأرجح، إذ أجاز الشكل الجديد لبطولة كأس العالم 2026 في أميركا وكندا والمكسيك، بمشاركة 48 منتخبا بدلا عن 32، وتنظيم 104 مباراة بدلا عن 64 مباراة في آخر مونديال، إلى جانب تنظيمه على مدى 39 يوما بدلا عن 28 يوما.
وما أن أجيز المقترح، حتى انهمرت الانتقادات على إنفانتينو وفيفا، وكانت معظمهما من الاتحادات والفاعلين في الكرة الأوروبية، وتركزت غالبيتها حول قتل النموذج الجديد لإثارة كرة القدم، والتسبب في إرهاق اللاعبين، وتنفير الجيل الجديد من اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
بدوره، بدا رئيس فيفا السويسري جياني إنفانتينو غير مكترث بهذه الانتقادات، بعد انتصار المقترح الذي طالما حلم به، كما ظهر مبتسما خلال كلمته بعد انتخابه لدورة جديدة، مبشرا الحضور بوصول إيرادات كأس العالم بحلته الجديدة إلى 10 مليارات دولار، بدلا 7.5 مليارات دولار عوائده من مونديال قطر الأخير.
بدا إنفانتينو ذكيا، وهو يوجه خطابه إلى اتحادات الكرة الصغرى في العالم، وذلك بعد أن اشتم شبح التملل من سياسته في القارة العجوز.
وزاد التملل أكثر بعدد إجازة مقترح آخر مثير للجدل في نفس ذاك الكونغرس، وهو اعتماد شكل جديد لبطولة مونديال الأندية التي ينظمها فيفا، بلعبها على شكل مونديال مجمع من 32 بطلا وعملاقا قاريا، على أن تبدأ في 2025، وهو الخطوة التي فهم منها ضرب بطولة الاتحاد الأوروبي (يويفا) الشهيرة وهي دوري الأبطال.
وأسال إنفانتينو لعاب الاتحادات الصغرى بزيادة نصيبها في توزيع الأرباح بفعل الإيرادات الجديدة، إلى جانب منحها مقاعد أكثر في المونديال، بعد أن كانت أوروبا المهيمن الأكبر عليه بشكله القديم (32 منتخبا).
رئيس فيفا السويسري جياني إنفانتينو غير مكترث بالانتقادات
منذ كونغرس كيغالي، لم تتوقف الانتقادات الأوروبية على إنفانتينو، الذي بدا في نظرهم مجرد باحث عن زيادة الإيرادات دون مراعاة أي جوانب وأثار على توجهه ذلك.
وسبق أن انتقد الأكاديمي البريطاني المختص في شؤون اقتصاد كرة القدم كيران ماغواير نهج إنفانتينو، قائلا: "على الرغم أن البعض قد يعتبر تعليقي هذا مثيراً للجدل، لكن يبدو حتى أن فيفا علاقته بكرة القدم فقط هي جني الأموال، دون أي شيء آخر يتعلق بها".
وبدورها نشرت الغارديان البريطانية، أمس، مقالا مطولا، ناقشت فيه مدى حاجة الكرة العالمية من الأساس إلى فيفا.
واستعرضت تطور فيفا منذ تأسيسه في 1904 وتولى الفرنسي روبرت غورين لأول ولاية فيه، ومرورا بالبرازيلي هافيلانغ الذي أسس لإمبراطورية فيفا الاقتصادية، وخلفه ونائبه سابقا جوزيف بلاتر الذي كوّن جمهورية من الفساد المؤسس في فيفا، ثم إنفانتينو الذي يراهن على الإيرادات فقط، من أجل مغازلة أحلام الصغار وضمان ولائهم.
وبالتوازي مع الحملات الإعلامية، بدا الاتحاد الأوروبي تحركات عملية، تبدو في وجهها الأخر أكثر خطورة، والحديث هنا عن تطوير بطولة دوري الأمم الأوروبية.
وستجرى البطولة المولودة حديثا بداية من العام المقبل (2024 ـ 2025) بطريقة مختلفة، إذ ستنضم لها منتخبات من اتحاد الكونميبول، مثل البرازيل والأرجنتين والأوروغواي.
وبشكل عام يمكن أن تشكل هذه الخطوة بداية تمرد أوروبا على فيفا ورئيسه إنفانتينو، إذ بحال قررت هذه المنتخبات الاكتفاء بهذه البطولة، وانسحبت من المونديال، فإنها ستنسف فكرة المونديال، الذي سيبلغ في 2030 مائة عام على انطلاقه في أوروغواي.
وفي ظل الغضب الأوروبي على إنفانتينو، يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الضغوط عليه، ليبدو الوضع معها حافلا بالترقب.
بداية تمرد أوروبا على فيفا ورئيسه إنفانتينو
على الرغم شكوى المزيد من اللاعبين عالميا من كثرة المسابقات والإرهاق، فإن الاحتجاجات الأوروبية لا تبدو بريئة، على الأرجح، لجهة تزامنها مع تركيز إنفانتينو أكثر مع القارات الأخرى، خصوصا القارة الأسيوية.
وكان إنفانتينو الأكثر فخرا بالنجاح القطري التنظيمي للمونديال، وهو عكس التوجه في الدول الأوروبية، التي لم تر في جودة التنظيم والنجاح العربي شيئا ذا بال.
ولا تبدو مخاوف الاتحادات الأوروبية بعيدة عن الصحوة العربية والخليجية، على وجه الخصوص، مؤخرا في كرة القدم.
فبعد أن أذاق المنتخب المغربي المنتخبات الأوروبية الأمرين في المونديال، بدا الدوري السعودي لكرة القدم "بعبا" جديدا في الوقت الحالي، يهدد إرث الكرة الأوروبية ودوريات القارة العجوز.
واستقطب الدوري السعودي الكثير من الأسماء الكبير هذا الصيف، ولا يزال يرغب في المزيد.
ومن شأن زيادة فرص المنتخبات الصغيرة في المونديال أن يمنحها المزيد من الخبرات والجرأة، ما يهدد بالتالي السطوة الأوروبية التاريخية على المونديال.
وطوال 22 نسخة في المونديال، توجت قارة أوروبا بـ12 نسخة، مقابل 10 نسخ لأمريكا الجنوبية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة