رياضة
.
عندما أسدل الستار على الموسم التنافسي في مطلع يونيو الماضي، بدت الرؤى وخطط الميركاتو شديدة الوضوح في كل من ريال مدريد الإسباني وباريس سان جيرمان الفرنسي، إذ سينتظر الأول مصير بنزيمة، فإن خرج يتحرك للبحث عن مهاجم قد يكون نجما أو عاديا، وفي باريس سيقوم الفريق بعد ضمان خروج ميسي بالبحث عن مخرج لنيمار، ومن ثم بناء فريق جديد يكون النجم الفرنسي كيليان مبابي عموده الفقري.
لكن لم تمض على تلك الخطط الكثير من الأيام، حتى اختلط كل شيء، والسبب كان خطاب مبابي في نهاية يونيو لفريقه، والذي أكد فيه عدم رغبته في تفعيل بند التجديد لعام إضافي في عقده الذي ينتهى يونيو المقبل، ليبدأ رحلة الغزل في الريال، وزيادة الغضب في حديقة الأمراء.
وبدوره، لم يتحمل رئيس سان جيرمان ناصر الخليفي الموقف الضبابي لمبابي، وخرج في الخامس من الشهر الجاري بتصريحات مقتضبة، خيّر فيها مبابي بين مصيرين أما الرحيل هذا الصيف أو التوقيع على عقد جديد، بحسب ما نقل وقتها موقع فوت ميركاتو الفرنسي.
وبدوره لم ينتظر مبابي كثيرا، إذ رد بطريقة غير مباشرة على تهديد الخليفي، وذلك عندما وصف في حواره مع مجلة فرانس فوتبول باريس سان جيرمان بالفريق (المنقسم)، وغير المناسب لترشح النجوم للكرة الذهبية، حيث لا يزال بعيدا عن الفوز بدوري الأبطال، الذي يرغب مبابي في حصده.
مبابي رد بطريقة غير مباشرة على تهديد الخليفي
بعد هذه التصريحات، سادت أجواء من الهدوء الفريقين (باريس سان جيرمان وريال مدريد) طوال الأيام العشرة الماضية، لكنه هدوء على الصعيد الرسمي فقط، وبالمقابل، ظلت الصحف تحتشد بالشائعات التي لا تتوقف.
وظل ريال مدريد يرسل عبر صحفه رسائل عدة مفادها عدم رغبته في التحرك تجاه مبابي هذا الصيف من واقع كلفة الصفقة الكبيرة، فيما ظل سان جيرمان يرسل رسائل سلبية لمبابي، مفادها نهاية عهد الدلال وتوقف قطار الفريق من أجل لاعب واحد فقط.
وفي غضون ذلك، شكل يوم أمس، الثلاثاء، لحظة مهمة في مسلسل مبابي، إذ ظل الجميع يترقب أن يخرج اجتماع رئيس النادي الخليفي بمبابي للمرة الأولى منذ نهاية الموسم، بأمر جديد، لكن لا يوجد حاليا أمرا حاسما في مصير اللاعب.
وكان مبابي انضم إلى تدريبات باريس سان جيرمان، الاثنين، بعد العطلة الصيفية.
بدا يوم أمس، الثلاثاء، حاميا في الصحف الإسبانية، إذ نشرت صحيفة آس الإسبانية تقريرا مهما، أكدت فيه جاهزية ريال مدريد لدفع مبلغ 400 مليون يورو لضم مبابي على الفور، قبل أن تعود وتشدد على رغبة الريال في ضمه مجانا في يناير المقبل.
وأرجعت الصحيفة هذا الأمر إلى نشر ريال مدريد ميزانيته السنوية، الاثنين، والتي بحسب الصحيفة الإسبانية، ارتفعت فيها الإيرادات إلى 843 مليون يورو (تجاوزت إيرادات ما قبل حقبة كوفيد ـ19 للمرة الأولى)، فيما بلغت الأرباح 11.8 مليون يورو، وصافي المبلغ المتاح حاليا للتعاقدات 128 مليون يورو، وهو كاف لعقد الصفقة التي تجرى عبر التقسيط.
وتماشيا مع هذا الاتجاه، نقلت الصحيفة الإسبانية، خبرا مفاده تحرك بايرن ميونيخ الألماني تجاه النجم الفرنسي أورلين تشواميني، وفهم ذلك في سياق إمكانية بيعه بحال خطا مبابي خطوة جديدة نحو الريال.
ريال مدريد جاهز لدفع مبلغ 400 مليون يورو لضم مبابي
على غرار المقولة الشائعة "الشيطان يكمن في التفاصيل"، هنالك تعقيدات عدة في مسألة مبابي، ما يجعل منها مسلسلا طويلا ومملا، بلا إبداع وتنوع في حلقاته.
ومكمن التعقيدات هو تبقي نحو 12 يوما فقط على استحقاق مبابي مبلغ 40 مليون يورو، وهي الدفعة الأولى من حافز الولاء الذي تضمنه عقده، بحسب ما أكدت صحيفة آس الإسبانية.
ولن يرغب سان جيرمان في دفع هذا المبلغ للاعب ومفاوضته على عقد جديد، بحوافز ولاء جديدة، وبدوره، لن يتحمس مبابي للخروج وهو على بعد خطوة من مبلغ كبير كهذا.
ومن جهته، سيتحاشى ريال مدريد الدخول في خط الصفقة، لجهة أنه سيكون مطالبا بدفع هذا المبلغ، بحال تحرك في هذه الأيام.
الفرنسي كيليان مبابي في زيارة إلى الكاميرون مطلع يوليو الجاري. (أف ب )
في ظل هذا الوضع، يبدو أن كل من ريال مدريد وسان جيرمان سيكونان متضرران، رغم أن ضرر الفريق الباريسي سيكون أكبر، على الأرجح.
وبحال امتنع عن حافز الولاء، وفتح الباب للريال لتقديم عرضه، فإن الأخير سيضع في حساباته أنه سيقوم بدفع هذا المبلغ، ليقدم عرضا أقل مما يتوقعه سان جيرمان (200 مليون يورو)، على أن يكون عرض الريال بين 120 إلى 140 مليون يورو.
أما إذا دفع له سان جيرمان الجزء الأول من حافز الولاء، فربما يفشل في الاحتفاظ به، فتتضاعف بالتالي خسائره، وبالمقابل، هذا هو الوضع المثالي، الذي ينشده النجم الفرنسي ووالدته فايزة العماري، أي إكمال عقده مع باريس وضمان 80 مليون يورو هي حافز الولاء (كاملا)، والانتقال بصقة حرة العام المقبل إلى الريال، وضمان حافز 100 مليون يورو، نظير الوصول مجانا.
أما الريال، فضرره سيكون محدودا ربما، إذ يتمثل في الربكة التي ستحيط بفريقه، حيث لا يمتلك مهاجما بديلا بنزيمة، فيما يمكن أن يجد تعنتا أكبر من فرق على شاكلة توتنهام، إن تحرك مضطرا لجلب المهاجم هاري كين.
بعد نهاية يوم الثلاثاء الحاسم، أكدت تلفزيون (بي إف أم) الفرنسي، أن رئيس نادي سان جيرمان تحاشى الاجتماع مع مبابي، فيما اكتفى بتوجيه خطاب عام، بدا وكأنه موجه لكليان بالأساس.
وقال الخليفي الذي رحب بالصفقات الجديد لفريقه والمدرب الجديد لويس إنريكي: "ليعلم الجميع أن النادي فوق الجميع، وليس هنالك لاعب أكبر من النادي.. في الفترة المقبلة ستكون للمدرب الكلمة الأخيرة في كل ما يتعلق بأمور اللاعبين، ولن تكون هنالك أعذار لعدم تحقيق النجاحات".
وبحسب ماركا، فإن الأوضاع في عملية مبابي تقف الآن في محطة واحدة وثابتة، وهي انتظار ناصر الخليفي رئيس سان جيرمان، ليوم 31 يوليو، ليؤكد مبابي قراره أو يوقع على خيار التمديد.
وسيقوم النادي بدفع مبلغ 40 مليون يورو (نصف حافز الولاء) يوم 30 يوليو، على أن يفعل مبابي في اليوم الذي يليه خيار التمديد لعام إضافي، وهو ما أعلن عنه كليان رسميا أنه لن يحدث بعد خطابه للنادي.
وما بين انتظار الموعد المضروب، ومخاوف الخسائر، يبدو سان جيرمان في موقف صعب نسبيا، فيما ستكون الأيام المقبلة أيضا ملئية بالضغوط على مبابي، الذي إن قرر البقاء، كسب المال وفقد الشهرة والألقاب، وإن قرر المغادرة سيفقد شعبيته الجارفة في باريس وضاحية بوندي التي ولد فيها والضواحي الأخرى، والتي تعتبر مبابي بطلا خارقا، يحمل الكثير من قيم الولاء والوفاء بالعهود.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة