رياضة
.
ما أن شد باريس سان جيرمان الفرنسي الرحال، الجمعة، إلى الأراضي اليابانية لإقامة معسكره الإعدادي ولعب مباريات ودية مهمة مجدولة، حتى بدأت الأمور في الغليان داخل فرنسا، والسبب هو إبعاد النادي الباريسي لنجمه الأول وقائد الديوك الفرنسية كيليان مبابي عن تلك الرحلة، في خطوة بدت وأنها عقوبة أو ضغوط على اللاعب من أجل إجباره على الرحيل أو التجديد.
بدوره، بدا مبابي أكثر عنادا من النادي، إذ انضم، الأحد، وبشكل طبيعي إلى تدريبات اللاعبين غير المرغوب فيهم في النادي مثل (فينالدوم، وبارديس ودراكسلر) في رسالة فهم منها إصراره على خطته، والمتمثلة في إكمال عقده حتى 30 يونيو 2024، والحصول على حافز الولاء الذي يبلغ 80 مليون يورو، قبل التوقيع لريال مدريد حلم الطفولة في صفقة حرة.
وما بين الموقفين، وجدت الصحافة العالمية سوقا خصبة للتكهنات، إذ ظلت تربطه على رأس كل ساعة بوجهة جديدة، تارة بأندية إنكليزية مثل تشيلسي وتوتنهام وأرسنال، وتارة أخرى بريال مدريد، ولاحقا بعرض خيالي من قبل الهلال السعودي.
ومن جهتها، أكدت سكاي سبورتس البريطانية، الاثنين، أن إجمالي الأندية التي تواصلت مع سان جيرمان بلغت 5 أندية في عطلة نهاية الأسبوع، من أجل معرفة سعره.
وفي أخبار متواترة، الاثنين، أكدت تقارير صحافية اقتحام الهلال السعودي بقوة لصفقة مبابي، وعرض مبلغا فلكيا لضمه.
وبحسب "أ ب" قدم نادي الهلال السعودي لكرة القدم، عرضا قياسيا بقيمة 332 مليون دولار لضم مبابي.
أكد نادي باريس سان جيرمان العرض المقدم للاعبه، وسمح للهلال بإجراء مفاوضات مباشرة مع مبابي.
وعلى أرض الواقع، ورغم العرض الضخم من الهلال السعودي كراتب سنوي، فإن مستقبل مبابي يبدو فعليا بين وجهتين فقط، هما التمديد مع سان جيرمان أو الانضمام إلى ريال مدريد، والذي يعتبر الجهة الأكثر منطقية بقرائن الأحوال.
منذ أن قدح مبابي الشرارة الأولى للأزمة الحالية، بإرساله خطابا رسميا في مطلع يونيو إلى ناديه أطلعهم فيه بعدم رغبته في تفعيل خيار التمديد لعام آخر، وجد ريال مدريد نفسه في خضم هذه الصفقة، ويبدو بالفعل أنه قد أوقف جميع تحركاته في السوق من أجل مبابي.
لكن على سطح الأحداث بدا رئيس النادي الملكي فلورنتينو بيريز غير مهتما بالصفقة، إذ ظلت الصحف المقربة من النادي، مثل آس وماركا، تؤكدان باستمرار بأنه غير معني بالأزمة، وأنه يفضل التعاقد مع اللاعب الصيف المقبل، كونه سيكون حرا، وهي بالفعل خطة الرئيس بيريز.
على الجهة المقابلة، يبدو أن سان جيرمان، قد فطن للأمر، إذ جاء إبعاد اللاعب عن رحلة اليابان، تأكيدا على ذلك، وبهدف إحداث المزيد من الربكة لمخطط الريال واللاعب، عبر وضع اللاعب في السوق، وإجبار الريال إما على الدخول في المزاد أو مواجهة شبح إضاعة مبابي للمرة الثانية.
وفي هذا السياق غرد الصحافي الإيطالي الشهير في أمور الانتقالات فابريزيو رومانو على تويتر، مؤكدا شعور سان جيرمان، فعلا، بخيانة من مبابي، الذي (لديه بالفعل اتفاقا مع الريال من أجل الوصول مجانا)، وذلك رغم تأكيده من قبل بأنه لن يغادر مجانا ناديه سان جيرمان الذي دفع فيه 180 مليون في 2018، عندما ضمه من موناكو.
انطلاقا من الموقف الحالي، ورغم أن كل طرف من الأطراف الثلاثي (سان جيرمان ومبابي وريال مدريد) يراهن على صواب موقفه، فإن كل منهم يواجه ورطة تختلف عن الآخر.
ويمتلك سان جيرمان سلاح تشويه سمعة اللاعب، وكذلك إبقائه على الدكة لعام كامل، بحسب ما سرب ذلك للصحف، وذلك بحال أصر على البقاء وتقاضى مبلغ 80 يورو كحافز ولاء ، لكنه بالمقابل يواجه شبح خسارة اللاعب مجانا، وأيضا ضغوط الشارع الفرنسي بتسببه في إنهاء، محتمل، لمسيرة قائد منتخب الديوك.
وبدوره، يراهن مبابي على الحافز والانتقال حرا، لكنه بالمقابل يخشى من تهور النادي الباريسي، إذ يمكن أن ينفذ وعوده فعليا بسجن مبابي على الدكة، لعام كامل.
وبحسب، موقع ريليفو الإسباني، فإن سان جيرمان سبق وأن فعل الأمر ذاته مع رابيو، بـ(ركنه) على الدكة لستة أشهر في 2019، وذلك بعدما رفض العروض المقدمة للنادي من روما الإيطالي.
أما ريال مدريد، فيتمثل رهانه على الزمن وما يمكن أن يشكله من ضغوط باريس سان جيرمان، من أجل خفض سعر مبابي، لكنه بالمقابل يواجه خطرين محتملين، الأول يتعلق بإمكانية رضوخ مبابي للضغوط والتمديد، خصوصا أن هنالك الآن حديث عن عرض خيالي من سان جيرمان بمنحه عقد لمدة 10 سنوات مقابل مليار يورو وحوافز ضخمة.
وبحال تحركه سيواجه ريال مدريد خطر فتح أبواب خزينته على مصراعيها، ودفع ما لا يقل عن 400 مليون في لاعب يمكن التعاقد معه بعد أقل من 6 أشهر مجانا.
على الرغم من إنفاق ريال مدريد 128 مليون يورو في انطلاق ميركاتو هذا الصيف، لضم الثنائي جود بيلينغهام من بروسيا دورتموند مقابل 121 مليون يورو، وفيران غارسيا مقابل 7 ملايين يورو، فإنه وبحسب، آس الإسبانية لا يزال قادرا على موافاة متطلبات صفقة مبابي.
وكشف ريال مدريد الاثنين الماضي عن ميزانيته لموسم 2022 ـ 2023، قبل تقديمها لمجلس النادي لإجازتها في أكتوبر أو نوفمبر المقبلين، والتي حقق فيها إيرادات قياسية، بلغت 843 مليون يورو، متجاوزة إيرادات موسم 2018 ـ 2019 القاسية التي بلغت 757 مليون يورو بحسب موقع سبورتكال.
وحقق الريال هامش ربح بلغ 11.8 مليون يورو، إلى جانب مبلغ جاهز للإنفاق في الميركاتو الحالي يبلغ 128 مليون يورو.
وتأتي هذه النجاحات الاقتصادية، في وقت يواصل فيه النادي عمليات ترميم ملعبه سانتياغو برنابيو، والذي صرف فيه حتى الآن 800 مليون يورو، جاء غالبيتها من قرض من شركة أميركية، لكن في كل الأحوال لا تأخذ حسابات الاتحاد الأوروبي للعب المالي النظيف، هذا المبلغ في حسبانها.
بحسب صحيفة آس لن تقل صفقة مبابي في أفضل الأحوال عن 350 مليون يورو، وذلك بعد الوضع في الحسبان انتظار ريال مدريد لنهاية يوليو أو أغسطس لزيادة الضغط على الفريق الباريسي.
وقبل قرار إبعاد مبابي، كانت الصحف الباريسية تتحدث عن عدم تنازل النادي عن 200 مليون يورو لإطلاق سراح مبابي، لكن الحديث اختلف في الفترة القليلة الماضية، وأصبحت تتحدث عن 180 مليون يورو.
وبدوره، يملك الريال في ميزانه حاليا 128 مليون يورو، لكن بما أنه حقق أرباحا، ولو بسيطة، فإنه سيكون بمقدوره الاستفادة من هامش الدين الذي تسمح به قوانين اللعب المالي النظيف من أجل دفع عجلة المشاريع المستقبلية في الأندية.
ووفقا لصحيفة آس يبلغ هامش الدين المتاح حاليا 265 مليون يورو، وبإضافاتها للمبلغ الموجود 128 مليون يورو، يكون تحت تصرف الريال مبلغا وقدره 393 مليون لإكمال الصفقة.
مبابي بدا شاردا خلال أول تدريب له مع سان جيرمان الأسبوع الماضي. (أ ف ب)
فعليا، لن يحتاج الريال لصرف كل هذا المبلغ، بل سينفق 66 مليون يورو فقط، وفقا للحسبة التالية التي أجراها موقع ريليفو.
وبحال قبل الريال شراء مبابي مقابل 180 مليون يورو، على 5 أعوام، فإنه سيدفع لسان جيرمان 36.5 مليون يورو فقط هذا الصيف، من رسوم الانتقالات السنوية.
وبحال منح مبابي راتبا سنويا 30 مليون يورو، فإن ما سيدفعه فعليا 66 مليون يورو، لكنه لن ينجح بذلك بدون امتلاكه المبلغ كاملا، كون يويفا لا يسمح بصفقات بدون غطاء مالي.
وكان الأمر سيكون أقل كلفة للريال، بحال منح مبابي عقدا طويلا لـ 6 أعوام (مثلا)، لكن هذا الأمر بات ممنوعا من قبل يويفا، والذي منعه بعد توجه رئيس تشيلسي الإنكليزي تود بويلي نحو العقود الطوية لضم جيش من اللاعبين العام الماضي، من أجل التحايل على قوانين اللعب المالي النظيف.
وبات أطول عقد مسموح به الآن 5 أعوام، تراعي فيه سن اللاعب أيضا.
بمجرد تسريب باريس سان جيرمان لخطوته المقبلة تجاه تعنت مبابي، والمتعلقة بوضعه على الدكة لعام كامل، بدأت ردة الفعل المضادة لهذا التوجه في فرنسا.
واستبق اتحاد اللاعبين الفرنسيين ذبلك، ووصف الخطوة بأنه غير قانونية، وتتجاوز جميع حدود الأعراف والقوانين، كما تدخل في إطار التمييز.
وقال رئيس الاتحاد فيبليب بيات في تصريحات نقلتها آس الإسبانية: " هذا تمييز على كل حال، اللاعب عندما ينضم إلى النادي فإن ذلك من أجل اللاعب، لا الجلوس في الدكة".
وحذر بيات النادي الباريسي من تكرار سيناريوهات سابقة مع كل حاتم بن عرفة وأدريان رابيو، مرة أخرى مع مبابي، ووصف الأخير بأنه قائد فرنسا وأفضل لاعب في العالم.
وتوعد بيات سان جيرمان بجره إلى القضاء، إذ لم يجد حلا للمشكلة حتى مطلع سبتمبر المقبل، قائلا إن مبابي يمكنه تقديم شكوى تحت ذريعة التمييز، إذ لا يمكن أن يكون أفضل لاعب في العالم على الدكة لحسابات فنية.
وبشكل عام لن يسكت الشارع الفرنسي، ومدرب المنتخب ديشان، خصوصا مع اقتراب بطولة يورو 2024، والتي يطمح فيها الديوك، مراهنا على حسم مبابي، الذي بات قائدا للديوك منذ مارس الماضي.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة