رياضة
.
بعد عودته من رحلته الدولية إلى اليابان ونهاية المهلة التي حددها لمهاجمه كيليان مبابي، في الأخير من يوليو، إما بتجديد عقده أو الرحيل، توقع الجميع أن يضم باريس سان جيرمان نجمه الأول إلى التدريبات الرئيسية للفريق، بعد استبعاده من المعسكر الصيفي، لكن النادي واصل في استراتيجيته وتجاهل مبابي، الذي يتدرب منذ فترة مع اللاعبين غير المرغوب بهم في الفريق.
وفي خضم معركة عض الأصابع بين سان جيرمان ومبابي، بدا أن النادي الفرنسي وجه ضربة قاضية لمبابي، مفادها أنه لن يتراجع عن تهديد سبق وأن أطلقه عبر الإعلام بـ"سجن مبابي على الدكة لموسم كامل إن لم يوقع أو يرحل"، إذ بالفعل اقتربت مباراة الفريق أمام لوريان في الدوري، ١١ أغسطس، والتي يتجهز لها الفريق دون مبابي، فيما أكدت تقارير أنه لن يلعب أية مباراة مع كتيبة المدرب لويس إنريكي طوال الشهر.
لكن مبابي الذي ظن الجميع تأثره بهذا الوضع، ظهر مبتسما أمام الكاميرات في تدريباته مع اللاعبين المنبوذين فنيا، قبل أن تتناقل وسائل الإعلام مزحة مفادها تحويل مبابي وفريق المنبوذين الضغوط إلى أجواء من المرح، إذ أعلنوا جهوزيتهم لهزيمة الفريق الأول، حال قابلوه في مباراة تنافسية.
وأهم ما استخلص من المزحة والابتسامات، هو أن مبابي غير عابئا البتة بضغوط سان جيرمان، إذ كلما تقدم الزمن نحو غلق باب الميركاتو تعقدت أمور فريقه، الذي سيفقده مجانا، رغم دفعه 180 مليون يورو لموناكو عندما اشتراه منه في 2018 حيث يصبح لاعبا حرا بداية من يناير المقبل.
بدأت الأزمة الحالية في مطلع يونيو الماضي، عندما أرسل مبابي خطابا رسميا لناديه، يخبره فيه بعد رغبته في تفعيل خيار تمديد عقده لعام آخر حتى 2025، ليكتفي بالمدة الحالية (حتى 30 يونيو 2024)، وبعد الخطاب، وفي أول ظهور لرئيس سان جيرمان القطري ناصر الخليفي، بدا حازما، وقال إن ناديه لن يسمح برحيل أفضل لاعب في العالم مجانا، ووضع مبابي أمام خيارين، أما الرحيل هذا الصيف، أو التوقيع على عقد جديد.
رئيس نادي باريس سان جيرمان ناصر الخليفي. (أ ب)
وكرد فعل سريع، خرج مبابي في حوار مع فرانس فوتبول أرسل فيه الكثير من الرسائل التي تقرأ في اتجاه عدم رغبته في التجديد وبشكل قاطع، أبرزها انتقاده للنادي، ووصفه بأنه ناديا منقسما، لا يقرب لاعبيه من الجوائز الشخصية ولا يحقق بطولات كبيرة مثل الأبطال.
وبعدها، سرعان ما فهم النادي مضمون الرسالة، ليبحث للاعب عن عدة عروض، كان أبرزها عرض الهلال السعودي الضخم الذي يبلغ مليار يورو، 300 مليون للنادي، و700 كراتب سنوي للاعب، لكن مبابي رفضه كما رفض عروضا أخرى، من أندية إنكليزية.
ومع ردة الفعل هذه زاد توتر سان جيرمان وخوفه من فقدانه مجانا، قبل أن تنقل عنه تقارير صحافية، رغبته في تقديم شكوى للفيفا ضد ريال مدريد، بسبب توقيعه اتفاقا سريا مع مبابي يقضي بانتقاله له مجانا الصيف المقبل.
لكن هذه الخطوة لم تتقدم كثيرا، لجهة أن سان جيرمان تعوزه الدلائل، إذ لن يتعامل فيفا بمزاعم، وإنما بعقد مسرب وموقع بين الطرفين أو مكالمات موثقة للمفاوضات.
يبقى الوضع الحالي محصورا بين 3 أطراف، وهي ريال مدريد، وباريس سان جيرمان، ومبابي.
من جهته، يراقب الريال الوضع، ورهن تحركه تجاه اللاعب، بإعلان رغبة الأخير في الرحيل، ليتقدم له بعرض، إذ سبق وأن أكد الريال بأنه لن يتحرك صوب لاعب، أكد علنا رغبته في البقاء مع فريقه لموسم كامل.
أما مبابي، فيبدو من رسائله المشفرة خلال تدريباته مع المنبوذين، أنه غير راغب في إظهار نفسه بأنه لاعب يفتقد الثبات على مواقفه، إذ سبق وشدد على أنه يرغب في إكمال عقده حتى النهاية مع سان جيرمان مع عدم التجديد، كما يضع في حسبانه أيضا رغبة في الانتصار للـ "إيغو" أولا، وهزيمة سان جيرمان ثانيا، بعد أن تحداه النادي بشكل صريح عبر التسريبات الأخيرة.
أما سان جيرمان، فواصل في تدعيم فريقه، إذ ضم أخيرا المهاجم البرتغالي غونزالو راموس بعقد حتى 2025.
أما خطة النادي تجاه لاعبه العنيد، فهي مواصلة استبعاده، فيما توقعت صحيفة آس أن يتم استدعائه السبت ضمن المجموعة التي ستواجه لوريان، لا ليعلب، ولكن فقط لينال نصيبه من صافرات استهجان الجماهير، التي طالما اشتهرت بعدائيتها الشديدة تجاه اللاعبين المعاكسين لفريقها، ويبدو ليونيل ميسي نموذجا في هذا المضمار.
وبعد المباراة المرتقبة، وبحال لم تحدث تطورات بين اللاعب والريال، سيواصل سان جيرمان في تهميش مبابي، وإرساله مرة أخرى إلى التدرب مع اللاعبين غير المرغوب بهم.
وبشكل عام، رأت ماركا أن الأمر لن يطول، وتوقعت أن تحمل الساعات المقبلة انفراجا، يبدأ بتحرك الريال نحو اللاعب، لكن بحال فشل ذلك هل يقدر سان جيرمان على تحطيم مسيرة مبابي بالتهميش؟
كيليان مبابي في طريقه إلى تدريبات سابقة لفريقه. (أ ف ب)
بحسب صحيفة آس، فإن باريس سان جيرمان سيكون قادرا على استبعاد مبابي من تدريبات الفريق الأول حتى الثاني من سبتمبر المقبل، إذ يبدو استبعاده الآن قانونيا، بحسب لوائح الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بيد أن الأمر لن يستمر أكثر من ذلك.
ومنذ استبعاده مبابي عن رحلة اليابان، دخل الاتحاد الوطني للاعبي كرة القدم المحترفين بفرنسا على الخط، وحذر سان جيرمان من مغبة تنفيذ قراره بمعاقبة مبابي لوقت طويل، قبل أن يهدد بالتحرك ضد النادي قانونيا.
بحال استمر إبعاد مبابي من تدريبات الفريق الأول لسان جيرمان حتى الثاني من سبتمبر المقبل، فإن القضية ستندرج تحت لوائح الميثاق الخاص لكرة القدم في فرنسا.
وتم توقيع هذا الميثاق في 1973، بعد إضراب لاعبي كرة القدم الفرنسيين احتجاجا على إدارات الأندية وحاملي الأسهم فيها، قبل أن يتم تقديمه من الاتحاد الفرنسي، والتوقيع عليه رفقة كل من رابطة الدوري الفرنسي، وممثلين عن لاعبين ومدربين وأندية، وبات منذ ذلك الوقت ملزما للجميع.
العلاقة بين الخليفي ومبابي تعقدت، وقد تصل إلى المحاكم. أ ف ب
وتنص المادة 507 في الميثاق على أن "جميع الأندية يمكنها تنظيم تشكيلاتها في الفترة من مطلع يوليو وحتى مطلع سبتمبر"، بمعنى أنه يمكن أن للأندية استبعاد لاعب من التدريبات أو ضمان مخرج له في هذه الفترة، لكن بمجرد دخول شهر سبتمبر يصبح الجميع في الكشف معتمدا كلاعبين أساسيين حتى 30 يونيو.
يأتي ذلك بموجب المادة 507 الفقرة 2:2 من الميثاق، والتي تنص على أن "إرسال أي لاعب للتدرب مع الفريق الرديف بعد سبتمبر، يجب أن يكون مؤقتا فقط، وبحال طالت المدة يجب تقديم تبرير لذلك، وثانيا، يجب أن لا يزيد عدد المستبعدين من تدريبات الفريق الأول على 10 لاعبين، وثالثا، ضرورة أن يكون الاستبعاد بسبب فني بحت".
البند الثالث هو الأخطر على سان جيرمان، إذ لا يمكن تبرير استبعاد مبابي بأنه لسبب فني، إذ يعتبر أحد أفضل اللاعبين في العالم حاليا، كما أنه المتوّج بمونديال 2018، وهداف فرنسا في مونديال 2022.
وسبق أن تدخل الاتحاد الوطني للاعبي كرة القدم المحترفين بفرنسا في قضية استبعاد سان جيرمان لنجمه أدريان رابيو، إذ أجبر النادي على إعادته إلى تدريبات الفريق الأول، لكن لا يحق له فرضه كلاعب في التشكيلة، إذ يعود ذلك للمدرب.
مثل رابيو، ومبابي الآن، سبق أن واجه اللاعب الفرنسي السابق حاتم بن عرفة نفس المصير، بعد ما حرمه باريس سان جيرمان من التدرب مع الفريق الأول، ووضعه احتياطيا طوال موسم 2017ـ 2018، وذلك بعد تحدثه بشكل غير لائق مع رئيس النادي، ناصر الخليفي، ودخوله في مشادات مع مدرب الفريق وقتها الإسباني أوناي إيمري.
لاحقا تقدم بن عرفة بشكوى ضد سان جيرمان، لتعرضه لمضايقات أخلاقية من النادي، زعم بأنها حطمت مسيرته، قبل أن يطلب تعويضا بقيمة 7 ملايين يورو، لكن محكمة الاستئناف في باريس قضت في مارس الماضي بإدانة باريس بممارسة مضايقات أخلاقية على اللاعب، لكنها عوضته مبلغ 100 ألف يورو فقط.
وكان سان جيرمان طلب من بن عرفة الرحيل في ميركاتو يناير، لكنه رفض ذلك، في وقت أكد فيه المدرب أوناي إيمري، بأن النادي سيتيح له التدرب بالوسائل المتاحة وليس جميعها، باعتبار ذلك حق له، لكن النادي غير ملزم بوضعه في حساباته بعد أن رفض الرحيل.
ولاحقا، سخر بن عرفة من تصريحات أوناي إيمري تلك، قبل أن (يشخصن) الأمور بالسخرية من طريقة إيمري في التحدث بالفرنسية، بحسب ما نقلت ميرور البريطانية.
ولاحقا بعد انتقال بن عرفة إلى رين، وإيمري إلى أرسنال، سجل بن عرفة هدفا في أرسنال من ضمن 3 أهداف لفريقه، قبل أن يسخر مجددا من إيمري وفقره التكتيكي.
حاتم بن عرفة. (أ ب)
• ببساطة يمكن تعريفها بـ"الممارسات التي يلجأ إليها صاحب العمل لممارسة الضغوط عليه من أجل الاستقالة وترك العمل أو الرضوخ لأمر يطلبه منه".
• في 2020 حكمت محكمة في ريمس الفرنسية على المدرب العام لنادي ريمس ماتيو لاكور بالغرامة 10 آلاف يورو لصالح لاعب الفريق أناتول نجاموكول، بعد أن أرسله المدرب إلى التدرب مع الفريق الرديف بعد مطلع سبتمبر، قبل أن تعيده المحكمة إلى تدريبات الفريق الأول.
• بحسب ذي أثلتيك يعاقب القانون الفرنسي على الممارسة بغرامة مالية 30 ألف يورو تصل في حالة كرة القدم إلى 5 أضافة إلى احتمال مواجهته الجهة أو الشخص المتورط عقوبة السجن.
في حال قرر سان جيرمان مواصلة استبعاده بعد مطلع سبتمبر، سيتدخل الاتحاد الوطني للاعبي كرة القدم المحترفين بفرنسا، ويعيده إلى التدريبات فقط، فيما سيسعى مع ناديه للحصول على مخرج.
لكن بحال ذهب مبابي إلى المحاكم وتقدم بشكوى رسمية، فإنه سيحصل على أحكام بتغريم سان جيرمان مبالغ طائلة، وأيضا إمكانية فسخ عقده من طرف واحد، والسماح له بالتسجيل في أي فريق آخر.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة