رياضة
.
قبل خوض باريس سان جيرمان مباراته الأولى في الموسم، كان كل شيء يشي بحلقة جديدة من التوتر بينه وبين نجمه الأول كيليان مبابي، إذ رجّحت صحف عدة أن استدعاء كيليان مبابي لحضور مباراة الفريق أمام لوريان، كان هدفه تقديمه لقمة سائغة لجماهير الفريق لتسقيه من نفس كأس الإهانة وصافرات الاستهجان الذي شرب منه ليونيل ميسي ونيمار.
الأمور بدت مختلفة في حديقة الأمراء مساء ١٢ أغسطس، إذ تنعّم مبابي بهدوء كامل خلال المباراة عندما كان يجلس وشقيقه إيثان مبابي، بجوار صفقة الفريق الجديدة عثمان ديمبيلي.
مبابي شاهد مباراة سان جيرمان ولوريان من المدرجات رفقة ديمبيلي وشقيه إيثيان. (أف ب)
لاحقا، تبيّن أن هدوء الملعب تجاه مبابي وراحة باله كانت منطقية تماما، إذ أكدت تقارير صحيفة اجتماع اللاعب قبل انطلاق المباراة لمدة 10 دقائق مع رئيس نادي باريس سان جيرمان القطري ناصر الخليفي، لترتيب العودة للتدريبات ونهاية القطيعة بينهما.
لم تمر على المباراة، سوى ساعات، حتى أعلن الموقع الرسمي لسان جيرمان في بيان مقتضب عودة مبابي إلى تدريبات الفريق الأول، وبيّن أن العودة جاءت عقب "نقاشات بناءة وإيجابية للغاية بين النادي ومبابي قبل مباراة لوريان ليلة السبت".
وبالفعل، ظهر كيليان مبابي في تدريبات الفريق، الأحد ١٣ أغسطس، والتي حضرها رئيس النادي ناصر الخليفي ومدير الكرة لويس كامبوس، كما بدا مبابي سعيدا بتلك العودة.
بدوره، علق الخليفي على ذلك، خلال مخاطبته اللاعبين قبل انطلاق التدريبات الصباحية بضاحية بواسييه الباريسية، أن مبابي: "كان ملتزما تجاه النادي"، قبل أن يغادر القطري التدريبات، وهو مبتسما هو الآخر، ليوقع للجماهير المحتشدة خارج مقر التدريبات.
لم تتوقف قضية مبابي وسان جيرمان عن التربع على صدارة الأحداث طوال يوليو ومطلع أغسطس الحالي، ومرت بمطبات عدة، لكنها كانت دائمة تسير في اتجاه واحد، قوامه عناد الطرفين.
ومنذ إرساله خطابا رسميا قبل شهرين من الآن إلى ناديه، يخبره فيه بعد رغبته في تفعيل خيار التجديد لموسم جديد في عقده الذي ينتهي في 30 يونيو 2024، ظل سان جيرمان ينظر لذلك بعين الريبة، حيث يتخوف من رحيل لاعبه مجانا العام المقبل، بعد أن دفع فيه 180 مليون يورو في 2018.
نتج عن ذلك معركة مثيرة من التسريبات، اتهمه فيها سان جيرمان أولا بالخيانة، وتوقيع عقد مع ريال مدريد يلزمه بالانتقال له مجانا العام المقبل، قبل أن يهدد بسجنه على الدكة لعام كامل بحال رفض التجديد على عقد جديد أو الرحيل، ومن ثم التهديد بمقاضاته رفقة الريال لدى فيفا، بتهمة توقيع عقد غير شرعي.
ومن جهته، بدا مبابي متمسكا برأيه الذي أعلنه من قبل، وهو الالتزام بإكمال عقده مع النادي، مع عدم البقاء بعده بيوم واحد.
ونتج عن هذين الموقفين المتضادين، سيناريو أقرب للأزمة، يسير في خطين متوازيين.. مبابي باق لا محالة، وسان جيرمان ماض في تنفيذ خيار معاقبته بالدكة لعام كامل، لكن يبدو أن كلا الطرفين قد أعادا الحسابات، قبل السبت ١٢ أغسطس.
معركة تسريبات مثيرة بين الخليفي ومبابي خيمت على الأجواء طوال شهرين. (أ ف ب)
• من جهة سان جيرمان، وجد نفسه على الأرجح سيخسر لاعبه مجانا، كما سيجد نفسه في مواجهة مع الرابطة الوطنية للاعبي المحترفين في فرنسا.
• الرابطة هددت بتطبيق ميثاق الكرة الفرنسية على سان جيرمان بحال استمر في إبعاد مبابي عن تدريبات ومباريات الفريق.
• يمنع الميثاق، الأندية من إبعاد أي لاعب عن التدريبات الجماعية والمباريات دون سبب فني بعد مطلع سبتمبر، وهو ما لا ينطبق على مبابي، النجم الأول في الفريق وقائد منتخب فرنسا.
• أما مبابي، فربما وجد أن مواصلة العناد، سيجعله عرضة للمزايدة من قبل بعض الجهات التي ستقاضي سان جيرمان بسببه، وهو أمر ربما يخصم من رصيده الجماهيري في بلاده، إذ سينُظر إليه بأنه عديم الولاء لوعد قطعه سابقا لسان جيرمان، مفاده أنه لن يغادر النادي مجانا.
• ربما وضع مبابي في حسبانه أيضا نتائج استطلاع للرأي العام جرى أخيرا في فرنسا، وكشف عن تراجع شعبيته في بلاده بنسبة 10%، إذ كان يحظى في 2019 بشعبية نسبتها 80% لدى الفرنسيين، والآن تراجعت في يوليو الماضي إلى 70%.
بدا في كثير من الأحيان، أن تصعيد سان جيرمان، لم يكن سوى ردّ فعل على عناد مبابي، والذي ظل متمترسا خلف موقف واحد وهو عدم التجديد وعدم الرحيل في الوقت نفسه، لكن ما سبب التغيّر المفاجئ للأوضاع؟
بحسب موقع فرانس إنفو، هناك تطورات مهمة حدثت الجمعة الماضية في أروقة الفريق الباريسي، وبدت ذات تأثير بشكل أو بآخر على قرار مبابي وجلوسه مع الخليفي.
يتعلق الأول بوصول عثمان ديمبيلي، صديق مبابي وزميله في المنتخب، وتأكيد مبابي لمقربين منه أن يرغب في أن تجمعها ثنائية أخرى في نادي ما، إلى جانب كتيبة الديوك.
وظهر ذلك جليا في التغريدة التي كتبها مبابي على حسابه بإنستاغرام، والتي رحب فيها بوصول ديمبيلي إلى حديقة الأمراء معقل الباريسيين، وأكد "سعادته وتشوقه لبداية مغامرة جديدة معه".
أما الأمر الثاني، فيتعلق برحيل نيمار دا سيلفا، عن سان جيرمان. ولا تجمع مبابي والبرازيلي علاقة طيبة، إذ رشحت تقارير العام الماضي، بأن مبابي طلب من النادي التخلص من نيمار، فيما بدا ذلك أكثر وضوحا من صراعهما في بداية الموسم الماضي على تنفيذ ركلات الجزاء المحتسبة للفريق.
وبالعودة لسبب الخلاف بينهما، فيتمخض في كونه صراعا على النجومية. ورغم تتويج مبابي بجائزة هداف الدوري الفرنسي منذ 5 أعوام، ودوره الكبير مع المنتخب الفرنسي، فإنه لا يُنظر إليه باعتباره النجم الأول في فريقه.
ميسي ونيمار استحوذا على النجومية في الفريق الباريسي من مبابي. (أ ف ب)
أمر ثالث، وهو بداية الفريق رحلة جديدة لبناء فريق يتمحور حول مبابي. وركزت على التخلص من لاعبين لا يرتاح إليهم النجم الفرنسي، وجلب لاعبين يألفهم كثيرا، مثل لوكاس هيرنانديز الظهير الأيسر في المنتخب، والذي يلعب في نفس ناحية مبابي، إلى جانب ديمبيلي الذي ينشط في الجناح الأيمن.
حتى الآن، لم يصدر النادي أي شيء يخص طبيعة عودة اللاعب، ولا بنود الاتفاق الذي تم بينه وبين رئيس النادي ناصر الخليفي، لكن بناء على معطيات محددة، ثم دلالات الراحة الكبيرة التي سادت إدارة سان جيرمان ورئيسه، يمكن القول إن مبابي في طريقه للتوقيع على عقد جديد، وهو ما يعني وقوع الريال ضحية مبابي للمرة الثانية.
سيكون الهدف الأول من التوقيع، هو الوفاء بالتزامه السابق، والمتمثل في عدم المغادرة مجانا، وهو أمر شدد عليه سابقا الخليفي في تصريحات في يوليو الماضي، وقال إن ناديه لن يسمح برحيل أفضل لاعب في العالم مجانا.
تشير غالبية وسائل الإعلام إلى أن مبابي سيوقع على عقد سان جيرمان، لكنه لا يتعارض مع إمكانية رحيله الصيف المقبل، على أن يضع مبلغا ميسرا يسمح له بالخروج، مع زيادة راتبه الحالي، والذي قدرته ذا أثلتيك بـ200 مليون يورو في العام الماضي فقط.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة