رياضة

الاتحاد الدولي لألعاب القوي، سفيان البقالي.. ملك سباقات الموانع الجديد

نشر

.

Mussab Gasmalla

لم تشغل زخات المطر التي ظلت تتهاطل على العاصمة المجرية بودابست ولا الارتفاع الشديد في درجات الحرارة الذي أعقبها، بال البطل والعداء المغربي سفيان البقالي، إذ كان جل تركيزه منصبا نحو الموانع التي تنتصب على امتداد مضمار المركز الوطني للألعاب القوى في بودابست، والذي سيكون لاحقا مسرحا لمعركته في الحفاظ على ذهبية سباق 3000 متر موانع.

وحتى قبل انطلاق السباق، الثلاثاء، ربما طافت في ذهن البقالي الكثير من صور الفخر المغربي الممتد لعقود في بطولة العالم لألعاب القوى، إذ سبقه أبطال مغاربة على رأسهم هشام الكروج ونزهة بيدوان إلى جلب الكثير من الذهب لبلادهم، قبل أن يعود إلى أرض الواقع، ويجد كذلك تحديا محفزا آخر، وهو قوة منافسيه في السباق، على رأسهم الإثيوبي لاميشا جيرما، والكيني أبراهام كيبيوت، الطامح لإزاحة البقالي عن قائمة الهيمنة الكينية على ذهب مونديال القوى في آخر 7 نسخ، والتي دخلها سفيان العام الماضي في يوجين.

بكل هذه المزيج من الدوافع والحنين لزمن الكروج، أطلق سفيان العنان لساقيه في السباق المنتظر، ولم تمر سوى 8 دقائق و3 ثواني و53 كسر من الثانية (8:3:53 دقيقة)، حتى تحقق المراد للبقالي، ليفوز بذهبية السباق بهذا الزمن، متفوقا على الإثيوبي جيرما الذي حقق 8 دقائق و5 ثواني و44 كسر من الثانية، فيما ذهبت البرونزية إلى الكيني أبراهام كيبيوت.

رصيد مغربي زاخر

أضاف البقالي ميدالية أخرى إلى الرصيد المغربي الزاخر في بطولة العالم لألعاب القوى، ليصبح العدد الإجمالي 32 ميدالية ملونة، منها 12 ميدالية ذهبية، و12 فضية و8 برونزيات.

وعزز هذا الفوز موقع المغرب في صدارة الدول العربية الأكثر تتويجا في هذا المونديال، والمركز الـ17 في الترتيب العالمي.

البقالي واحتفالية خلال السباق. (أ ف ب)

ومنذ انطلاق أول نسخة في بطولة العالم لألعاب القوى في 1983 في هلسنكي، لم يغب المغرب عن منصة التتويج سوى في 4 دورات، ثلاث منها متتالية وهي شتوتغارت 1993 وبرلين 2009 ودايغو 2011 وموسكو 2013، بحسب موقع اتحاد المغرب لألعاب القوى.

الأكثر تتويجا

يعد هشام الكروج الأكثر حصدا للميداليات الملونة، وذلك برصيد 6 ميداليات، منها 4 ذهبيات في سباق 1500م وفضيتين واحدة في سباق 1500 متر، وأخرى في سباق 5000 متر.

ويأتي في المركز الثاني كل من بطلة سباق 400 متر حواجز نزهة بيدوان برصيد 3 ميداليات، ذهبيتان في دورتي أثينا 1997 وإدمونتون 2001، وفضية واحدة في دورة إشبيلية 1999، وكذلك سفيان البقالي بنفس العدد، بعد حصد ذهبيتي 2022 و2023 تواليا، إلى جانب فضية مونديال 2017، وبرونزية 2019 في الدوحة القطرية.

ذهب أوليمبي

ومن جهته، يتفوق البقالي على نزهة بيدوان في الذهبي الأوليمبي، وذلك بعد تتويجه بذهبية 3000 متر موانع في أولمبياد طوكيو 2020، لينضم إلى قائمة الشرف المغربية في الأولمبياد المتوجة بالذهب في ألعاب القوى.

ويتصدر هذه القائمة أيضا هشام الكروج صاحب ذهبيتين في أثينا 2004 بسباقي 1500 متر و5000 متر.

وسبق الكروج والبقالي إلى الذهب الأولمبي، كل من خالد سكاح في 1992 ببرشلونة، وإبراهيم بوطيب في 1988 بسيؤول الكورية، وسعيد عويطة في 1984 في لوس أنجليس، ونوال المتوكل في الأولمبياد ذاتها.

هشام الكروج وفرحة فوز مغربي في اولمبياد أثينا. (أ ب)

من هو سفيان البقالي؟

تشير السيرة الذاتية إلى أن سفيان البقالي رأى النور في الـ7 من يناير 1996 في مدينة فاس المغربية، وبرزت موهبته منذ طفولته من خلال النشاط الرياضي المدرسي.

وفي 2010 نظم نادي فاس لألعاب القوى، مسابقة ضمت 3600 تلميذا ينحدرون من حي المرجة الشعبي بالمدينة الروحية للمملكة المغربية، قبل أن يقدم البقالي نفسه بقوة، مبرزا مواهب عدة وسرعات جيدة، جعلت النادي يضع على رأس أولوياته، ليضمه إليه بالفعل.

لكن بالمقابل، يمكن القول إن نقطة التحول بين الموهبة الفطرية والنجم المحترف كانت في 2013، عندما انضم البقالي رسميا إلى أكاديمية محمد السادس لألعاب القوى والمتخصصة في صناعة الأبطال.

بداية عصر الإنجازات

وفي 2014، وعندما بلغ الـ18 من عمره، بدأ البقالي في ملامسة المجد، وذلك عندما حل رابعا في بطولة العالم للناشئين لألعاب القوى عن فئة 3000 متر موانع، التي استضافتها الولايات المتحدة الأميركية.

ولاحقا في العام ذاته، حل البقالي عاشرا في ظهوره الأول في بطولة أفريقيا لألعاب القوى عندما شارك في سباقه المحبب 3000 متر موانع.

وكان التحدي الأكبر في أولمبياد ريو 2016، والتي مثل فيها المغرب، قبل أن يحل رابعا في سابق 300 مرت موانع في الأولمبياد الصيفي في البرازيل، محققا زمنا وقدره 8:14:41 دقيقة.

البقالي خلال مشاركته في مونديال بودابست الثلاثاء. (رويترز)

الفضة أولا ثم الذهب

شكل عام 2017 عاما مهما لسفيان البقالي، وذلك عندما حل ثانيا في سباق 3 آلاف متر موانع في بطولة العالم لألعاب القوى، قبل أن يتوج بالميدالية الفضية في الدوري الماسي لعام2017.

وفي عام 2018، لامس البقالي أول ميدالية ذهبية في مسيرته، حدث ذلك في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها مدينة "تاراغونا" الإسبانية، قبل أن يتوج بفضية أخرى في نفس العام خلال مشاركته في البطولة الأفريقية لألعاب القوى.

وفي عام 2021 وصل البقالي إلى ذروة نجاحاته، وذلك بعدما توج بذهبية 3000 متر موانع في أولمبياد طوكيو المؤجل بسبب كورونا، وذلك بزمن وقدره 8:08:90 دقيقة.

البقالي والكينيين.. إنهاء هيمنة والتأسيس لعقدة

بفوزه بميدالية أولمبياد طوكيو 2021، نجح البقالي في إنهاء الهيمنة الكينية التاريخية على ذهبية سباق 3000 متر موانع.

ومنذ أولمبياد موسكو 1980، وتتويج البولندي برونيسلاف بلانكوفيسكي بذهبية هذا السباق، لم ينجح أي رياضي أخر في الفوز بميدالية، لترسخ كينيا هيمنتها عليها.

وتوجت كينيا بذهب 9 نسخ أولمبية صيفية، قبل أن يظهر البقالي ويخطف ذهبية طوكيو 2021.

وفي بطولة العالم لألعاب القوى التي انطلقت للمرة الأولى في 1983، بدا الأمر مشابها للأولمبياد، حيث توجد كذلك هيمنة كينية على ذهبية سباق 3000 متر موانع.

وكان القطري سيف سعيد شاهين أخر رياضي غير كيني يتوج بذهبية هذا السباق، عندما فاز بلقب نسخة سان دونيس في إسبانيا في عام 2005.

وجاء البقالي ليتوج بالذهبية العام الماضي، قبل أن يكرر الأمر ذاته هذا العام.

ويبدو أن البقالي في طريقه إلى أن يتحول إلى عقدة بالنسبة الكينين وكذلك الإثيوبيين، إذ كانت كل المؤشرات في سباق بودابست الأخير تشير إلى فوز الإثيوبي لاميشا جيرما، خصوصا بعد تحطيمه الرقم القياسي العالمي في سباق 3000 متر موانع في الدوري الماسي في باريس يونيو الماضين وذلك عندما حقق زمنا قدره 7:52:11، وهو السباق الذي غاب عنه سفيان البقالي.

ومع عودته أخيرا، فاز البقالي بكل سهولة على لاميشيا، وهي المرة الثامنة تواليا التي يفوز فيها على العداء الإثيوبي في السابقات التي جمعتهما معا.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة