رياضة

بين الضغوط والإرهاق.. هل يحتاج "أطفال برشلونة" للحماية؟

نشر

.

Mussab Gasmalla

قبل انطلاق يورو 2020، بدا مدرب المنتخب الإسباني السابق لويس إنريكي مرتاحا بخصوص خط وسطه، والسبب توافر خيارات ذات جودة.

وبالفعل، استدعى إنريكي كل من تياغو ألكنتارا وسيرجيو بوسكيتس ورودري وكوكي، لكن عندما انطلقت المنافسات، وجد كل من رودري وألكنتارا أنفسهما على الدكة، يكتفيان بمشاهدة لاعب لم يتجاوز الـ18 من عمره، وهو بيدري متوسط ميدان برشلونة.

وبالفعل قدم بيدري مستويات مبهرة في البطولة، وكان أفضل لاعب صاعد في يورو 2020، كما قدم نفسه رسميا كجوهرة جديدة في برشلونة والماتادور.

النجم المراهق

من وقتها، بات بيدري أساسيا لا غنى عنه في برشلونة والمنتخب، ووصل عدد مبارياته مع الماتادور 18 مباراة، قبل أن يصل لسن الـ21، لكن ذلك جاء بعواقب وخيمة على اللاعب، إذ دخل فيما بعد في دوامة إصابات، وغيابات، أوقفت التصاعد المستمر في مستواه، والذي كان سيضعه كأحد نجوم الطراز الأول في كرة القدم.

وكان السيناريو نفسه، قد تكرر مع النجم الشاب أنسو فاتي، إذ ما أن بدأ في ملامسة البريق مع البرسا، حتى ضمه المنتخب الإسباني، ليدخل بعد ذلك في دوامة إصابات، توشك الآن أن تنهي مشواره في برشلونة، الذي بات فيه منذ مدة لاعبا احتياطيا.

مثال آخر، مشابه للثنائي، وهو نجم أكاديمية لاماسيا، وبرشلونة الصاعد غافي، الذي ورغم بلوغه سن الـ 19 الآن، فإنه كان خيارا أساسيا في المنتخب، إذ لعب بالفعل حتى نحو 8 آلاف دقيقة مع كل من البرسا والمنتخب، وهو معرض هو الآخر إلى إصابات يمكن أن تؤثر في مسيرته الصاعدة والواعدة.

"الطفل" في الطريق

طوال الأسبوعين الماضيين، جذب الموهبة المغربية لامين يامال الأنظار، بعد توهجه وإبهاره مع برشلونة، ولا يزال بعمر 16 عاما فقط.

وكانت أكبر لحظات يامال في الأسبوع الأخير من أغسطس، عندما قدم نفسه بصورة مبهرة، ولعب دورا محوريا في فوز فريقه الصعب 4 ـ 3 على فياريال يوم ٢٧ أغسطس، كما فاز بجائزة رجل تلك المباراة.

ولم تمر ساعات على المباراة، حتى بات النجم اليافع مثار تنافس بين منتخبي المغرب وإسبانيا، حيث يحاول كل منهما إقناعه باللعب له.

يذكر أن يامال خريج أكاديمية لاماسيا التابعة لبرشلونة، مولود لأب مغربي وأم من غينيا الأستوائية.

وفي السياق، أكدت تقارير إسبانية، الثلاثاء، إعطاء يامال موافقته لإسبانيا، فيما ترى صحف مغربية إمكانية حدوث اختراق في الساعات المقبلة، وتحديدا قبل إعلان القوائم في كل الدولتين، يوم الجمعة المقبلة.

وبحسب صحيفة ماركا الإسبانية، فإن مدرب لاروخا لويس دو لافوينتي، يرغب في إشراكه بشكل فوري في مباريات منتخبه في تصفيات يورو 2024، وهو أمر ربما يتوجب على برشلونة الحذر منه، لإمكانية تعرضه للإرهاق و"الأضواء السلبية".

تشافي مجبر لا بطل

ربما، بدا مدرب برشلونة تشافي هيرنانديز مدركا وبشدة حاجة أمثال هذه المواهب في هذا السن للحماية أكثر من دفعها دفعا لخوض معارك كبيرة، تضعها في مواجهة مع ضغوط متعاظمة، سواء أكانت إيجابية أم سلبية.

ومنذ الموسم الماضي، كان تشافي على قناعة بأن يامال يمتلك من المهارة والموهبة ما يجعله خيارا للعب في الفريق الأول، وبالفعل ضمه للفريق الأول طوال شهرين الموسم الماضي.

يامال مع نجوم برشلونة خلال التدريبات. (أ ف ب)

لكن رغم ذلك لم يسمح له باللعب مع الكبار سوى لمدة 8 دقائق، وكان الغرض من ذلك هو حمايته، وتقديمه تدريجيا.

وفي هذا الموسم، كانت خطته تسير على ذات النهج، لكن التطورات في غرفة الملابس، جعلت من تشافي مجبرا على إشراك يامال.

وفقد برشلونة جناحه الأيمن عثمان ديمبلي الذي رحل إلى باريس سان جيرمان الفرنسي، فيما يقضى البرازيلي رافيينا عقوبة إيقاف بسبب الطرد، ليجد نفسه مضطرا للدفع بلامين يامال كبديل في مباراة خيتافي، وأساسيا في مباراة فياريال، وذلك من أجل تفادي تغيير طريقة لعب الفريق المعتادة.

ماهي طبيعة الضغوط على المواهب الصاعدة؟

العنصر المشترك بين المواهب الشابة الأربعة (بيدري، فاتي غافي ويامال)، هو تخرجهم من أكاديمية لاماسيا، ووصولهم في وقت مبكر إلى الفريق الأول وهم في سن تحت الـ18 عاما.

لكن بالمقابل وبقدر ما يدينون بالفضل للبرسا في تطويرهم ومنحهم تلك الثقة، فإنهم يعانون أيضا من هذا الأمر.

وبمجرد تقديمهم كلاعبين في الفريق الأول، يكون النادي قد وضعهم أمام الأضواء في عمر مبكر، كما يقوم الإعلام بوضع ضغوط متعاظمة عليهم، ممثلة في لغة المقارنات بالأساطير السابقة، التي يعشقها الإعلام الباحث عن الإثارة.

المقارنات

على سبيل المثال، منذ بداية ظهور أنسو فاتي أجمعت وسائل، خصوصا الكاتالونية، على أنه نسخة طبق الأصل لميسي، وما أن توهج بيدري حتى أطلق عليه لقب إنييستا الجديد، وكذلك لُقبّ غافي بأنه تشافي الجديد في برشلونة.

وبالنسبة ليامال، فارتبط بدوره بخلافة ميسي منذ مدة مبكرة من عمره.

وتضع هذه المقارنات والألقاب اللاعبين تحت ضغوط كثيفة، إذ يتجاوز الإعلام الإسباني موهبتهم، ليركز لاحقا على أحقية أي منه بلقب لاعب أسطوري في تاريخ برشلونة خرجته لاماسيا.

المنتخب

الأمر الآخر الذي يبدو مضرا للاعبين من فرصة برشلونة الثمينة والمتمثلة في تصعيدهم، هو أنه يقدمهم على طبق من ذهب للمنتخب، وهناك تبدو الضغوط أكبر.

كما أنهم سيكونون معرضين باستمرار للإصابات، بسبب استهلاكهم بدنيا، وأيضا للاختلاف في نظام التدريب بين ناديهم والجهاز فني بالمنتخب، في وقت لا يتمتعون فيه بالخبرة الكافية بهضم كل تلك التغييرات، إذ أن غالبيتهم لم يتخطوا الـ18.

يامال والخشية من لعنة ميسي

في التاسع من أغسطس، وبعد دخول يامال بديلا في مباراة برشلونة أمام توتنهام الإنكليزي في مباراة كأس غامبر الودية، وصناعته هدفا واسهامه بشكل عامل في تحويل الخسارة من 2 ـ 1 إلى فوز لبرشلونة بـ 4 ـ 2، نشرت صحيفة آس الإسبانية تقريرا مثيرا، بشرت فيه جماهير برشلونة بظهور ميسي الجديد.

وانطلق التقرير من مقاربة مثيرة، إذ ركز على المناسبة "كأس غامبر"، والذي شهد، بحسبها، الانطلاقة الحقيقة لأسطورة برشلونة ليونيل ميسي في صيف 2005.

وكان ميسي قد دخل بديلا وقتها بعمر 18 عاما، فيما كان برشلونة يتأخر بهدف عن يوفنتوس الإيطالي، قبل أن يقدم لمسات سحرية ويصنع هدف التعادل لإنييستا، لتنتهي المباراة 2 ـ 2.

وهذا نفسه ما فعله المغربي يامال أما توتنهام في التاسع من الشهر الجاري، إذ دخل وأبدع وصنع هدفا بطريقة رائعة.

وبدورها، استبقت صحيفة ماركا ذلك، ونشرت في 2019 تقريرا عن يامال، أكدت فيه أن النجم الشاب "يقدم ملامح من ميسي الجديد".

وبعدها، وفي نفس العام، نشر حساب الليغا على تويتر فيديو لهدف ساحر للصاعد يامال، وعلق عليه بوصف يامال بأنه وحش برشلونة الجديد، وميسي الجديد.

ومن جهة أخرى، وطوال العقدين الماضيين، ظلت ذاكرة الرياضيين تحتشد بنماذج للاعبين لقبوا بميسي الجديد، قبل أن ينتهي بهم المقام كنجوم وسط فقط، أو أقل من ذلك.

ورصد موقع tribuna الإسباني ١١ موهبة، توقع الجميع لهم بأن يكونوا "ميسي الجديد"، لكن لم ينجحوا في ذلك، فيما بدا المصري محمد صلاح الاستثناء الوحيد بينهم، بعدما كتب مسيرة رائعة حتى الآن مشبعة بالإنجازات مع ليفربول الإنكليزي، وبات أحد أساطيره.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة