رياضة
.
منذ أن حطت طائرة النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في ميامي الأميركية منتصف يوليو الماضي، لم تتوقف المدينة وفريقها إنتر ميامي عن السطو على الأضواء، وذلك بفضل بريق النجم الجديد لإنتر ميامي وأسطورة كرة القدم العالمية.
ونجح ميسي (36 عاما) بانضمامه إلى إنتر ميامي قادما من باريس سان جيرمان الفرنسي، في تحريك الكثير من المياه الراكدة في البطولة الأميركية، التي لم تتوقف عن الثناء عليه، باعتباره اهم صفقة في تاريخها الحديث، وتحديدا منذ إنشائها في 1993.
في تقرير لها عنونته بـ"ميسي يساوي جبل من الذهب"، سلطت صحيفة ماركا الإسبانية الضوء على التأثير الكبير الذي أحدثه النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في أقل من شهرين بظهوره بقميص إنتر ميامي.
على الصعيد الفني داخل الميدان، نجح ميسي في تحويل إنتر ميامي من فريق ضعيف، إلى بعبع لكل الفرق في أميركا.
وخلال 10 مباريات خاضها مع الفريق منذ وصول النجم الأرجنتيني وحتى الآن، سجل ميسي 11 هدفا، وصنع 3 أهداف، فيما حقق إنتر ميامي الفوز في 9 مباريات وتعادل مرة وحيدة خلال هذه المباريات
وقاد ميسي إنتر ميامي للفوز بكأس الدوري، وهي بطولة خليط بين أندية دوري السوكر الأميركي (إم إل إس) وأندية الليغا المكسيكية، إلى جانب بلوغ نصف نهائي كأس أمريكا المفتوح.
والسبت الماضي، خاض ميسي أول مباراة له في الدوري الأميركي وكانت أمام نيويورك ريد بولز، فيما تعادل في المباراة الثانية أمام ناشفيل سلبا الأربعاء الماضي، وهو التعادل الأول للفريق مع ميسي.
بمجرد وصول ميسي، حققت مبيعات تذاكر مباريات إنتر ميامي أرقاما فلكية، وذلك رغم ارتفاع ثمنها إلى نحو 161 دولار، بزيادة قدرها 64%، عن قيمتها قبل انضمام ميسي.
وبالمقابل، لم يكن إنتر ميامي المستفيد الوحيد، إذ وصل تأثير ميسي إلى جميع الفرق. وبحسب، ماركا، بلغت مبيعات تذاكر مباريات كرة القدم (السوكر) في أميركا إجمالا إلى 265 مليون دولار.
ووفقا لـ" CNBC" ارتفع سعر تذاكر مباريات الدوري الأميركي من 98 دولارا إلى 152 دولار في المتوسط، فيما وصلت تذاكر المباريات التي يشارك فيها ميسي أحيانا 329 دولار.
وقفز إنتر ميامي من المركز الـ13 في ترتيب الأندية الأكثر مبيعا في التذاكر على منصة "stubhub" لبيع تذاكر الأحداث الرياضية، إلى المركز الأول منذ وصول ميسي.
ومن جهة أخرى، بات قميص ميسي بالرقم 10 مع إنتر ميامي الأكثر مبيعا بعد 24 ساعة من وصوله، متجاوزا كل من كريستيانو رونالدو وليبرون جيمس نجم السلة.
قميص ميسي حقق مبيعات تاريخية. (أ ب)
ومن جهته، أكد متحدث رسمي باسم شركة "Fanatics" وهي عبارة عن متجر إلكتروني لبيع الملابس والمعدات الرياضية، لـ"CNBC" أن ما باعته شركته من لوازم كروية بعد وصول ميسي، تخطى مجموع ما باعته طوال عام 2022، مرجعا الإقبال التاريخي لتأثير ميسي.
وفي سياق التلفزيون، استقطبت شبكة تلفزيون "آبل تي في بلص" نحو 300 ألف مشترك جديد، وضخوا في حسابتها 29 مليون دولار بحسب ماركا.
عاشقة ميسي في مدرجات ميامي. (أ ب)
بحال وصل ميسي إلى دوري ناشئ لتوه، ومنحه كل هذه الأرقام والنجاحات، ربما يكون كافيا لذلك الدوري، قبل أن ترفع له القبعات في عموم ذلك البلد، لكن الأمر يبدو مختلفا مع الدوري الأميركي (إم إل إس).
وبشكل عام لا يعتبر الدوري الأميركي منافسة حديثة، رغم قلة شهرته، إذ ينفذ منذ أكثر من 12 أعوام خطة تحول إلى منافسة كروية ضخمة.
وبدأت الخطة مع تصريحات مفوض البطولة الحالي دون غاربر في 2010 لموقع رابطة الدوري، إذ حدد عام 2022 موعدا لدخول دوري "السوكر الأميركي" منافسة الدوريات الـ10 الكبرى في العالم.
مفوض الدوري الأميركي دون غاربر. (أ ب)
رغم خطة الدوري المتفائلة، لكنه كان يدرك منذ البداية، أن قبل التحول إلى قوة عالمية، يجب الحصول على مكانة محليا أولا، حيث لا تعتبر كرة القدم (السوكر) في المرتبة الأولى في أميركا.
وتتصدر كرة القدم الأميركية المشهد بجدارة، وتنافسها أو لعبة كرة السلة، كما تحظى كرة القاعدة (البيسبول) أيضا باهتمام كبير.
والآن، رغم تألق ميسي، وما أضافه للبطولة من زخم، لكن البون لا يزال شاسعا بينها وبين كرة القدم الأميركية على سبيل المثال.
وفيما يتعلق بالتذاكر والطفرة التي تحققت مع وصول ميسي، وضخه لـ250 مليون دولار من مبيعاتها في خزائن الأندية، فإن الدوري لا يزال بعيدا عن منافسة كرة القدم الأميركية.
"لا يمكن مقارنة دوري "إم إل إس" مع بقية الرياضات في أميركا في هذا المضمار.. نعم رأينا ما أحدثه ميسي من قفزة في الأسعار ومبيعات التذاكر، لكنه مقارنة مع أداء كرة القدم الأميركية "إن إف إل" فإن الأخيرة تعد ملكة بلا منازع"، هذه كانت كلمات أدم بوديلي الناطق الرسمي باسم منصة "stubhub" عملاق بيع تذاكر الأحداث الرياضية في أميركا لـ" CNBC".
وأضاف: "معدل حركة تذاكر "إم إل إس" حتى بعد وصول ميسي، لا تزال أقل بنحو 3 مرات عن كل من نظيراتها كرة القدم الأميركية والسلة".
كرة القدم الأميركية تحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة الأميركية. (أ ب)
وفيما يتعلق بسباق الجماهيرية خلف الشاشات لا يزال أيضا الفارق كبيرا، إذ بلغ معدل مشاهدة المباراة الواحدة في كرة القدم الأميركية الموسم الماضي 14.8 مليون مشاهدة، على شاشة "ديزني بلس".
أما دوري "إم إل إس" للسوكر، فرغم وصول ميسي لا يزال معدل مشاهدات مبارياته بعيدا عن الرقم القياسي الذي تحقق في 2007، والذي بلغ 343 ألف مشاهدة.
وبشكل عام ارتفع عدد المشاهدين مع وصول ميسي، كما زاد عدد المشاهدين باللغة الإسبانية على "آبل بلس" بنسبة 50%.
لكل رغم ذلك، فإن الدوري الأميركي لا يزال بحاجة ماسة إلى "أكثر من ميسي"، بحسب ما أكد المستشار الرياضي لي بيرك في حديثه لـ" CNBC"
على طول تاريخه، اعتمد الدوري الأميركي على استراتيجية جلب النجوم الكبار في نهاية مسيرتهم للاعتزال فيه، من أجل زيادة شعبيته، وهو أمر حدث مع بيكهام وهنري وواين روني ولامبارد وبيل.
لكن الآن دخل لاعب جديد على الساحة، يتطلع لتحقيق نفس أهداف الدوري الأميركي، الحديث هنا عن الدوري السعودي.
وكان ميسي نفسه على مرمى حجر من الانتقال إلى الهلال السعودي، لينضم إلى غريمه التقليدي البرتغالي كريستيانو رونالدو وكوكبة من النجوم المخضرمين والشباب، بقيادة كريم بنزيمة ونيمار.
في يوليو الماضي، صرح رونالدو بأن الدوري السعودي أفضل من الدوري الأميركي، في وقت قرأه البعض في اتجاه نديته التاريخية مع ميسي.
لكن يبدو أن الأمر فعلا كذلك، والسبب هو العقبات التي يواجهها الدوري الأميركي، إذ يتوجب عليه كسب قاعد محلية أولا، قبل تقديم نفسه للعالمية، وهو أمر مختلف عن الدوري السعودي، إذ تعتبر كرة القدم هي اللعبة الأولى، بل الوحيدة ذات الشعبية الجارفة، وهو أمر ينطبق على المنطقة برمتها.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة