كرات الكريكيت الهندية تتحدى قدسية الأبقار

يقول بونتي ساغار البالغ من العمر ٣٢ عاماً، إنه استكمل تعليمه حتى لا ينتهي به الأمر في صناعة الجلود، وهي مهنة والده، لكن بعد وفاة الأخير في سن مبكرة، اضطر بونتي إلى ممارسة المهنة لإعالة عائلته.

ويقول لوكالة فرانس برس، وهو يتصبب عرقا في ورشة صغيرة خانقة، إلى جانب ٦ عمال آخرين: "لا أشعر بأي شيء سلبي تجاه عملي".

يظهر ساغار ولعاً كبيراً برياضة الكريكيت، لكنّ سجل الطلبات الضخم لشركة "راجندرا سبورتس" التي يعمل فيها لن يترك له وقت فراغ لمشاهدة بث مباريات كأس العالم للكريكيت التي تستضيفها الهند من ٥ أكتوبر حتى ١٩ نوفمبر.

يشرح قائلا "أحب مشاهدة لعبة الكريكيت، لكننا مشغولون للغاية، فأنا أعمل 8 ساعات يوميا، لسبعة أيام في الأسبوع"، مضيفاً "عملي يوفر انتظام الوضع المالي لأسرتي".

تُصنع جميع كرات الكريكيت الهندية يدوياً في ولاية أوتار براديش، في ميروت. ويعتمد اقتصاد المدينة بشكل كامل تقريباً على إنتاج كرات الكريكيت، مع ما يقرب من ٣٥٠ شركة، بحسب أرقام حكومية. ويعود نجاح هذه الشركات للعمالة الوفيرة والرخيصة، ما يجنّب الاعتماد المتزايد على الآلات، كما الحال في بلدان أخرى.

وقال صاحب الشركة بهوبندر سينغ لوكالة فرانس برس "إنّ اليد العاملة هي التي توصل عملية تصنيع الكرة برمتها إلى نتيجة جميلة".

هذا العمل مخصص تقليدياً لأعضاء فئة جاتاف، في أدنى درجات النظام الطبقي المتوارث منذ قرون في الهند. وفئة جاتاف جزء من طائفة الداليت في الهند البالغ عددها ٢٠٠ مليون نسمة، وكان يطلق عليهم ذات يوم اسم "المنبوذين".

حُظر هذا المعيار التمييزي في عام ١٩٥٠ من جانب مؤلف الدستور الهندي، بي آر أمبيدكار، وهو محام دافع عن حقوق مواطنيه الداليت.

وتزين صور أمبيدكار جدران الكثير من ورش العمل في ميروت. إلا أنّ قلة من هؤلاء العمال يريدون أن يرث أطفالهم هذا العمل. لكن معدل البطالة المرتفع في ميروت أجبر أعضاء الطوائف الأعلى قليلاً على الانخراط في هذا النشاط الذي اعتُبر لفترة طويلة "غير نقي".

يقول بهوبندر سينغ، صاحب أحد الشركات، "إنّ الناس بحاجة إلى الدخل، خصوصاً وأن فرص العمل محدودة في هذه المنطقة".

وكان سينغ يأمل في توسيع نطاق أعماله، التي بدأها جده، لكن منذ وصول الحكومة القومية إلى السلطة، سعى الهندوس المتطرفون إلى حظر ذبح المواشي، وهو نشاط تهيمن عليه الأقلية المسلمة في الهند.

وكانت لحملاتهم في بعض الأحيان عواقب دموية. فقد أعدم مسلمون للاشتباه في تورطهم في تجارة لحوم البقر على يد حشود من الهندوس الغاضبين، بما في ذلك في ميروت.

وقفز سعر الجلود المدبوغة، التي أصبح توريدها صعبا، بنسبة ٥٠٪ العام الماضي. ونتيجة لذلك، تحول البعض إلى جلود الجاموس والثيران.

ويحرص أشيش ماتا، تاجر السلع الرياضية في ميروت، على الإشارة إلى أن منتجاته ليست مصنوعة من جلد البقر، لكنه يلفت إلى أن قطاع صناعة السلع الجلدية في البلاد لا يلتزم بهذا المحظور. ويقول "يُستخدم الجلد في صناعة الكثير من المنتجات: الأحذية، والأحزمة، والحقائب، والمحافظ، وحتى كرات الكريكيت، لذلك لا أرى مشكلة".