بيلينغهام.. من طفل زاهد في الكرة إلى ظاهرة عالمية

على خلاف أقرانه من الصغار، لم يكن لدى بيلينغهام أي اهتمام بكرة القدم، عندما كان في الرابعة من عمره.

"عندما تضع أمامه الكرة، كان يشعرك بأنه غير مهتما بها على الإطلاق"، هكذا جاء حديث فيل وولديردج أول مدرب لبيلنيغهام لبي بي سي.

وأضاف وولديردج: "لقد أخذ الامر مدة طويلة (أشهر عديدة ربما)، حتى زاد شغفه بالكرة.. لكن خلال هذه الفترة كان يخبر زملائه وأستاذته بأنه سيلعب يوما ما للمنتخب الإنكليزي".

وعندما بلغ بيلينغهام السابعة من عمره، اتفق مدرب وولديردج ووالده لأخذه إلى أكاديمية برمنغهام للمواهب، ليبدأ في إظهار موهبته".

بعد 8 أعوام من انضمامه إلى اكاديمية برمنغهام، صُعّد بيلينغهام إلى الفريق الأول وكان وقتها بعمر 15 عاما.

وبعدها بعام واحد، دخل التاريخ، إذ بات أصغر لاعب في تاريخ برمنغهام يشارك مع الفريق الأول، وذلك بعمر 16 عاما و38 يوما، متخطياً أسطورة الفريق السابق تريفور فرانسيس، كما أصبح أيضا أصغر لاعب يسجل في الفريق.

ومنذ تلك الفترة وحتى الآن، لا يفوت بيلينغهام فرصة في الإشادة بمدربه في برمنغهام مايك دودز، والذي يدرب حاليا سندرلاند، إذ يرى يرجع له الفضل في تطوير موهبته.

لكن الأمر المفاجئ هو ردّ المدرب دودز الفضل لليافع بيلينغهام في تطوره تدريبيا وتكتيكيا.

وقال دودز لبي بي سي: " لقد كان بيلينغهام أفضل مدرب ومعلم بالنسبة لي، لأنه باختصار عندما لم يكن سعيدا بحصة تدريبية، أو بالنهج التكتيكي فيها، كان يأتي إلى مباشرة ويخبرني بذلك".

وأضاف: " إنه إنسان رائع، ونموذج يحتذى به، يحظى بالكثير من التقدير ممن هم حوله.. ومن منظور إنساني ليس لدي ما يكفي من الكلمات لأثني عليه".

ما أن حط رحاله في ملعب سانتياغو برنابيو هذا الصيف، مقابل 103 مليون يورو، حتى بدأت المخاوف تخيم على اللاعب، من ضغط سانتياغو برنابيو، والإعلام الملكي، سيما وأنه لا يزال في الـ20 من عمره.

لكن بيلينغهام سرعان ما بدد تلك المخاوف، ليبدأ في كتابه مسيرته الخاصة مع الميرنغي.

ومؤخرا، حطم بيلينغهام لاعب الوسط، رقم الأسطورة كريستيانو رونالدو، إذ سجل 8 أهداف في أول 8 مباريات له مع الفريق، فيما اكتفى رونالدو بـ7 أهداف في مبارياته الثماني الأولى.

وهنالك أمر مهم ساعد بيلينغهام في التأقلم، هو شخصيته القوية وتحليه بروح القيادية.

وظهرت الإشارات الأولى لشخصيته عند خروجه من برمنغهام إلى دورتموند في يوليو 2020، مقابل 25 مليون إسترليني، ليصبح معها أغلى لاعب في التاريخ بعمر 17 عاما.

وأكدت تقارير بكاء اللاعب عند وداع الفريق، الذي انقذه في ذلك الموسم من الهبوط إلى دوري الأولى، فيما كتب النادي كلمات مؤثرة في حقه، وعن تفانيه وكون اسمه سيظل مرتبطا بالنادي.

وفي دورتموند، نجح بيلينغهام في تأكيد شخصيته، إذ منحه النادي الألماني شارة "الكابتينية" وهو بعمر 19 عاما فقط، ليصبح أصغر قائد في تاريخ الدوري الألماني.

وحتى في الريال، ورغم حاجز اللغة، نجح في تكوين علاقات مميزة في غرفة الملابس، وظهر أكثر نضجا في التعامل مع استفزازات الخصوم في الليغا، كما ظل باستمرار يحاول تهدئة زميله فينسيوس جونيور.

وعن وضعه في الريال، واحترام زملائه، أكد الصحافي في موقع "ذا أثلتيك" بأنه يشعر بالحرج أحيانا من سؤال اللاعبين والجميع في الريال عن بيلينغهام، إذ لم تختلف إجاباتهم منذ يومه الأول مع الفريق، إذ تتركز جميعها على إطراء لا يتوقف للنجم الشاب.

ما أن اقفل الميركاتو أبوابه في نهاية أغسطس الماضي، حتى بدأ القلق يساور جماهير الريال لإخفاق النادي في ضم مهاجم كبير، لكن المدرب الإيطالي كان قد دشن سلفا نهجا جديدا لحل الأزمة.

واعتمد أنشيلوتي منذ الإعداد الصيفي خطة 4 ـ 4 ـ 2، مع تفريغ بيلينغهام بشكل كامل للعب خلف المهاجمين، وهو مركز أجاده بيلينغهام بشدة، ليتألق ويصيح هدافا للفريق.

ويبدو أن أنشيوتي قد درس جيدا إمكانات وتاريخ بيلينغهام، والذي سجل الموسم الماضي مع دورتموند 14 هدفا وصنع 7 أهداف، فيما كانت حصيلته في الموسم قبل الماضي 5 أهداف مع صناعة 14 هدفا.

وتوضح هذه الأرقام امتلاك بيلينغهام لـ"DNA" المهاجم الهداف الذي لا يشق له غبار.

وامتدحت صحيفة ماركا مؤخرا، اختراع وابداع أنشيلوتي، وركزت على توليفه تشواميني كقلب دفاع ونجاح النجم الفرنسي في ذلك، كما أفردت مساحة أكبر لعبقرية توظيفه لبيلينغهام وتحويله إلى ماكينة أهداف لا تتوقف.

بعد استمراره في التألق، وخصوصا في مباراة ريال مدريد أمام نابولي في ملعب دييغو مارادونا في الأبطال، وتسجيله الهدف هدفا على طريقة ماردونا زادت الصحافة المدريدية من جرعة مدحها للنجم الإنكليزي.

واتفقت أكثر من صحيفة في وصف بيلينغهام، ورأت بأنه كلاعب مزيج بين دي ستيفانو وزين الدين زيدان، في إشارة إلى مراوغاته وغزارته التهديفية معا.

ووصفت صحف أخرى هدفه في نابولي بأنه هدف "مارداوني"، وهو أمر قلل من بيلينغهام في تصريحات نقلتها بي بي سي: "الهدف جميل، لكنه لا يصل لمستوى أهداف مارادونا، وهو نتاج جهد مشترك".

ومن جهته، قال الصحافي المدريدي ألفريدو دي ريلانو رئيس تحرير آس إن لمسات بيلينغهام وكل تحركاته تذكره بأسطورة ريا لمدريد ألفريدو دي ستيفانو، متوقعا المزيد من الأهداف المسجلة من قبل النجم الإنكليزي.